الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ، وَإلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَينِ مِنَ الأَمَةِ المُسْتَامَةِ وَمِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَنْظُرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، إلا الْوَجْهَ وَالْكَفَّينِ.
ــ
خَطَب عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ابْنَةَ عليٍّ، فذَكَرَ منها صِغَرًا، فقالوا له: إنَّما رَدَّكَ. فعاوَدَه، فقال: نُرسِلُ بها إلَيكَ تَنْظُرُ إليها. فرَضِيَها، فكشَفَ عن ساقِها. فقالت: أرْسِلْ، لَولا أنَّكَ أمِيرُ المُؤمِنينَ للَطَمْتُ عَينَكَ.
3059 - مسألة: (وله النَّظَرُ إِلى ذلك، وإلى الرَّأْسِ والسَّاقَين مِن الأمَةِ المُسْتامَةِ ومِن ذَواتِ مَحارِمِه. وعنه، لا يَنْظُرُ مِن ذَواتِ مَحارِمِه إلَّا)
إلى (الوَجْهِ وَالكَفَّين) يَجُوزُ له النَّظرُ إلى ذلك مِن الأمَةِ المُسْتامَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما يَجُوزُ إلى مَن يُريدُ خِطْبَتَها، قِياسًا عليها، بل الأمَةُ المُسْتامَةُ أَوْلَى، لأنَّها تُرادُ للاسْتِمتاعِ وغيرِه، مِن التِّجارَةِ فيها، وحُسْنُها يَزِيدُ في ثَمَنِها. فأمَّا ذَواتُ المَحارِم، فيَجُوزُ النَّظَرُ مِنْهُنَّ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا، كالرَّقَبَةِ، والرَّأْسِ، والكَفَّينِ، والقَدَمينِ، ونحو ذلك، وليس له النَّظرُ إلى ما لا يَظهَرُ غالبًا، كالصَّدْرِ والظَّهْرِ ونحوهما. قال الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أبا عبدِ اللهِ عن الرَّجلِ يَنْظُرُ إلى شَعَرِ امرأةِ أَبيهِ، [فقال: هذا في القرآنِ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} . إلَّا لكذا وكذا. قُلْتُ: فيَنْظُرُ إلى ساقِ امرأةِ أبيه] (1) وصَدْرِها؟ قال: لا، ما يُعْجِبُنِي. ثم قال: أنا أكْرَهُ أن يَنْظُرَ مِن أُمِّه وأُختِه إلى مثلِ هذا، وإلى كلِّ شيءٍ لشَهْوَةٍ. وذَكَر القاضِي أنَّ حُكْمَ الرجلِ مع ذَواتِ مَحارِمِه حُكْمُ الرجلِ مع الرجلِ، والمرأةِ مع المرأةِ. وقال أبو بكرٍ: كَراهِيَةُ أحمدَ النَّظَرَ إلى ساقِ أمِّه وصَدْرِها على التَّوَقِّي، لأنَّه يَدْعُو إلى الشَّهْوَةِ. يَعْنِي أنَّه يُكْرَهُ ولا يَحْرُمُ. ومَنَع الحسنُ، والشَّعْبِيُّ، والضَّحَّاكُ، النَّظَرَ إلَى شَعَرِ ذَواتِ المَحارِمِ. وهو إحدَى الرِّوايتَين عن أحمدَ. [ورُوي عن هند](2) بِنتِ المُهَلَّبِ، قالتْ: قلت للحسنِ: يَنْظُرُ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
وهي هند بنت المهلب بن أبي صفرة، زوج الحجاج بن يوسف الثقفي، من ربات الرأي والعقل والفصاحة والبلاغة، حدثت عن أبيها والحسن البصري، وحكى عنها حجاج ومحمد ابنا أبي عتبة بن المهلب. أعلام النساء 5/ 254 - 256.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرجلُ إلى قُرْطِ أُختِه، أو (1) إلى عُنُقِها؟ قال: لا، ولا كَرامَةَ. وقال الضَّحَّاكُ (2): لو دَخَلْتُ على أُمِّي، لقُلْتُ: أَيَّتُها العَجُوزُ، غَطِّي شَعَرَك. والصَّحِيحُ إباحَةُ النَّظَرِ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا، لقولِ اللهِ تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ} . الآية. وقالت سَهْلَةُ بنتُ (3) سُهَيلٍ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا نَرَى سالِمًا وَلَدًا، فكان يَأْوي معي ومع أبي حُذيفَةَ في بَيتٍ واحِدٍ، ويَرانِي فُضُلًا، وقد أنزَلَ اللهُ فيهم ما قد عَلِمْتَ، فكيفَ تَرَى فيه؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أرْضِعِيهِ» . فأرْضَعَتْه خمسَ رَضَعاتٍ، فكان بمَنزِلَةِ وَلَدِها. رَواه مُسلمٌ بمعناه، وأبو داودَ، [وغيرُه](4). وهذا دَلِيل على أنَّه كان يَنظُرُ منها إلى ما يَظْهَرُ غالِبًا، فإنَّها قالت: يَرانِي فُضُلًا. ومعناه في ثِيابِ البِذْلَةِ التي لا تَسْتُرُ أطْرافَها. قال امْرؤُ القَيسِ (5):
فجِئْتُ وقد نَضَتْ لِنَومٍ ثِيابَهَا
…
[لَدَى السِّترِ](6) إلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ
(1) في الأصل: «و» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «بن» .
(4)
سقط من: م. وأخرجه مسلم، في: باب رضاعة الكبير، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1076، 1077. وأبو داود، في: باب من حَرَّم به [أي برضاعة الكبير]، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 475، 476. كما أخرجه النسائي، في: باب رضاع الكبير، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 86، 87. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر، من كتاب الرضاع. الموطأ 2/ 605. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 174، 201، 228، 249، 269.
(5)
البيت من معلقته في ديوانه 14.
(6)
في الأصل: «ولم يبق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومثلُ هذا يَظْهَرُ منه الأطْرافُ والشَّعَرُ، فكان يَراها كذلك؛ إذ (1) اعْتَقَدَتْه وَلدًا، ثم دَلَّهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ما يَسْتَدِيمونَ به ما كانوا يَعْتَقِدُونَه ويَفْعَلُونَه. وروَى الشافعيُّ في «مُسْنَدِه» (2)، عن زينبَ بنتِ أبي سَلَمَةَ (3)، أنَّها ارْتَضَعَتْ مِن أسماءَ امرأةِ الزُّبَيرِ. قالت: فكنتُ أراه أبًا، وكان يَدْخُلُ عليَّ وأنا أمْشُطُ رَأْسِي، فيَأْخُذُ ببعضِ قُرُونِ رأسِي ويقولُ: أقْبِلي عليَّ. ولأنَّ التَّحَرُّزَ مِن هذا لا يُمْكِنُ، فأُبِيحَ كالوَجْهِ. وما لا يَظْهَرُ غالبًا لا يُباحُ؛ لأنَّ الحاجَةَ لا تَدْعُو إليه، ولا تُؤْمَنُ معه الشَّهْوَةُ ومُواقَعَةُ المَحْظُورِ، فحَرُمَ النَّظرُ إليه كما تَحْتَ السُّرَّةِ.
فصل: وذَواتُ مَحارِمِه، كلُّ مَن حَرُمَ نِكاحُها على التَّأْبِيدِ، بنَسَبٍ أو رَضاعٍ، أو تَحْرِيمِ المُصاهَرَةِ بسَبَبٍ (4) مُباحٍ، لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ سالمٍ وزينبَ. وعن عائشةَ، أنَّ أفْلَحَ أخا أبي القُعَيسِ (5)،
(1) في النسختين: «إذا» ، وانظر المغني 9/ 493.
(2)
في: باب فيما جاء في الرضاع، من كتاب النكاح. ترتيب المسند 2/ 25.
(3)
في م: «مسلمة» .
(4)
في الأصل: «وبسبب» .
(5)
في م: «القيس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْتَأْذَنَ عليها بعدَ ما أُنْزِلَ الحِجابُ، فأبَتْ أن تَأْذَنَ له، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«ائْذَنِي له، فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ» (1). وقد ذَكُر اللهُ تعالى آبَاءَ بُعُولَتِهِنَّ [وأبناءَ بُعُولَتِهنَّ](2)، كما ذَكَرَ آباءَهُنَّ وأبْناءَهُنَّ في إبْداءِ الزِّينَةِ لهم. وتَوقَّفَ أحمدُ عن النَّظَرِ إلى شَعَرِ أمِّ المرْأةِ وبِنْتِها؛ لأنَّهما غيرُ مَذْكُورَتَين في الآيةِ. قال القاضِي: إنَّما حَكَى قولَ سعيدِ بنِ جُبَيرٍ ولم يَأْخُذْ به. وقد صَرَّحَ في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ أنَّه مَحْرَمٌ يَجُوزُ له المُسافَرَةُ بها. وقال في رِوايةِ أبِي طالبٍ: ساعةَ يَعْقِدُ عُقْدَةَ النكاحِ تَحْرُمُ عليه أُمُّ امْرأَته، فله أن يَرَى شَعَرَها ومَحاسِنَها، ليست مثلَ التي يَزْنِي (3) بها، لا يَحِلُّ له
(1) أخرجه البخاري، في: باب قوله: {إِنْ تُبْدُوا شَيئًا. . . .} ، من كتاب التفسير، وفي: باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع، من كتاب النكاح، وفي: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: تربت يمينك. . . .، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 6/ 150، 7/ 49، 8/ 45. ومسلم، في: باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم 2/ 1069، 1070. وأبو داود، في: باب في لبن الفحل، من كتاب الرضاع. سنن أبي داود 1/ 474. والترمذي، في: باب ما جاء في لبن الفحل، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذي 5/ 89. وابن ماجه، في: باب لبن الفحل، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 627. والدارمي، في: باب ما يحرم من الرضاع، من كتاب النكاح. سنن أبي الدارمي 2/ 156. والإمام مالك، في: باب رضاعة الصغير، من كتاب الرضاع. الموطأ 2/ 601، 602. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 37، 38، 177، 194، 217، 271.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «سرى» .