الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ: قَبِلْتُ. أوْ قَال الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؟
ــ
دُونَ الآخَرِ، أتَى الذي يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ بها، والآخَرُ يَأتِي بلِسانِه. فإن كان أحَدُهما لا يُحْسِنُ لِسانَ الآخَرِ، احْتاجَ أن يَعْلَمَ أنَّ اللَّفْظَةَ التي أتَى بها صاحِبُه لَفْظَةُ الإِنْكاحِ، بأن يُخْبِرَه بذلك ثِقَةٌ يَعْرِفُ اللِّسَانَين جَمِيعًا.
فصل: فأمَّا الأخْرَسُ، فإن فُهِمَتْ إشارَتُه، صَحَّ نِكاحُه بها؛ لأنَّه مَعْنًى لا يُسْتَفادُ إلَّا مِن جِهَتِه، فصَحَّ بإشارَتِه، كبَيعِه وطَلاقِه ولِعانِه. وفي كتابةِ (1) القادِرِ على النُّطْقِ وَجْهان، ذَكَرَهما في «المُجَرَّدِ» ؛ أولَاهما (2)، عَدَمُ الصِّحَّةِ للاسْتِغْناءِ عنها. وإن لم تُفْهَمْ إشارَتُه، لم يَصِحَّ منه، كما لا يَصِحُّ غيرُه مِن التَّصرُّفاتِ القَوْلِيَّةِ، ولأنَّ النِّكاحَ عَقْدٌ بينَ شَخْصَين، فلا بُدَّ مِن فَهْمِ كلِّ واحِدٍ منهما ما يَصْدُرُ عن صاحِبِه. ولو فَهِم ذلك صاحِبُه العاقِدُ معه، لم يَصِحَّ حتى يَفْهَمَ الشُّهُودُ أيضًا، لأنَّ الشَّهادَةَ شَرْطٌ، ولا تَصِحُّ على ما لا يُفْهَمُ. قال أحمدُ: لا يُزَوِّجُه وَلِيُّه. يَعْنِي إذا كان بالِغًا؛ لأنَّ الخَرَسَ لا يُوجِبُ الحَجْرَ، كالصَّمَمِ.
3085 - مسألة: (فإنِ اقْتَصَرَ على قَوْلِه: قَبِلْتُ)
بأن يَقُولَ الوَلي: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي. فيَقُولَ: قَبِلْتُ. صَحَّ وانْعَقَدَ النِّكاحُ. وقال الشَّافِعِيُّ في أحَدِ قَوْلَيه: لا يَنْعَقِدُ حتى يقولَ: قَبِلْتُ هذا النِّكاحَ. أو: هذا التَّزْويجَ. لأنَّه كِنايَةٌ في النكاحِ يَفْتَقِرُ إلى النيةِ والإِضْمارِ، فلم يَنْعَقِدْ
(1) في م: ««شارة» .
(2)
في م: «أولهما» .
قَال: نَعَمْ. وَلِلْمُتَزَوِّجِ: أقبِلْتَ؟ قَال: نَعَمْ. صَحَّ. ذَكَرهَ الْخِرَقِيّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَصِحَّ.
ــ
به، كلَفْظِ الهِبَةِ والبَيعِ. ولَنا، أنَّ القَبُولَ صَرِيحٌ في الجَوابِ، فانْعَقَدَ به، كما يَنْعَقِدُ به البَيعُ وسائِرُ العُقُودِ. وقولُهم: يَفْتَقِرُ إلى النيةِ. مَمْنُوعٌ، فإنَّه جَوابٌ لا يَنْصَرِفُ إلَّا إلى المَذْكُورِ. وكذلك (إن قال الخاطِبُ للوَلِيِّ: أزَوَّجْتَ؟ قال: نعم. وللمُتَزَوِّجِ: أقَبِلْتَ؟ قال: نَعَمْ. صَحَّ. ذكره الخرقيُّ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ) لأنَّ النِّكاحَ إنَّما يَصِحُّ بلَفظ الإِنْكاحِ والتَّزْويجِ، وما نَطَق الوَلِيُّ بواحِدٍ منهما، ولا نَطَق المُتَزَوِّجُ بالقَبُولِ. وقال الشافعيُّ: لا يَنْعَقِدُ حتى يقولَ معه: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي. ويقولَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ هذا التَّزْويجَ. لأنَّ هَذَين رُكْنَا العَقْدِ، فلا يَنْعَقِدُ بدُونِهما. ولَنا، أنَّ «نعم» جَوابٌ لقَوْلِه: أزَوَّجْتَ (1) -وَقَبِلْتَ؟ والسُّؤالُ يكونُ (2) مُضْمَرًا في الجَوابِ، مُعادًا فيه، فيَكونُ مَعْنَى «نَعَمْ»
(1) في م: «زوجتك» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن الوَلِيِّ: زَوَّجْتُه ابْنَتِي. ومعنى «نَعَمْ» مِن المُتَزَوِّجِ: قَبلْتُ هذا التَّزْويجَ. ولا احْتِمال فيه، فيَجبُ أن يَنْعَقِدَ به؛ ولذلك لمَّا قال اللهُ تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} (1). كان إقْرارًا منهم بوُجْدانِ ذلك أنَّهم وَجَدُوا ما وَعَدَهم رَبُّهم حَقًّا. ولو قِيَل لرجل (2): لي عليكَ ألْفُ دِرْهَمٍ؟ قال: نعم. كان إقْرارًا صَرِيحًا لا يَفْتَقِرُ إلى نِيَّةٍ، ولا يُرْجَعُ في ذلك إلى تَفْسِيرِه، وبمِثْلِه تُقْطَعُ اليَدُ في السَّرِقَةِ، وهو حَدٌّ يُدْرَأ بالشُّبُهاتِ، فوَجَبَ أن يَنْعَقِدَ به التَّزْويجُ، كما لو لَفَظ بذلك.
(1) سورة الأعراف 44.
(2)
سقط من: الأصل.