الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا. وَعَنْهُ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا.
ــ
على قِياسِ المذهبِ؛ لأنَّ مِن أصْلِنا أنَّ الزيادةَ في الصَّداقِ تَلْحَقُ بالعقدِ الأوَّلِ، فتكونُ كالمَذْكُورِ فيه. قال شيخُنا (1): والذي قُلْناه أصَحُّ؛ لأنَّ المِلْكَ في الزِّيادَةِ [إنَّما يَثْبُتُ](2) حال وُجودِها بعدَ زَوال مِلْكِ سَيِّدِها عنها، فيكونُ لها، كَكَسْبِها (3) والمَوْهُوبِ لها. وقولُنا: إنَّ الزيادةَ تَلْحَقُ بالعقد. معناه أنها تَلْزَمُ ويَثْبُتُ المِلْكُ فيها (4)، ويَصِيرُ الجميعُ صَداقًا، وليس معناه أنَّا تَبَيَّنَّا أنَّ المِلْكَ كان ثابِتًا فيها وكان لسَّيِّدِها، فإنَّ هذا مُحالٌ؛ لأنَّ سَبَبَ مِلْكِ هذه الزيادةِ وُجِدَ بعدَ العِتْقِ، فلا يَجُوزُ أن يَتَقَدَّمَ المِلْكُ عليه؛ لأنَّه يُؤَدِّي إلى تَقَدُّمِ الحُكْمِ قبلَ سَبَبِه، ولو كان المِلْكُ ثابتًا للمُعْتِقِ فيه حينَ التَّزْويجِ للَزِمَتْه زَكاتُه، وكان له نَماؤُه. وهذا أظْهَرُ مِن أن نُطِيلَ فيه.
3196 - مسألة: (وإن عَتَقَ الزَّوْجان معًا، فلا خِيارَ لها. وعنه يَنْفَسِخُ نِكاحُهما)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في ذلك،
(1) في: المغني 10/ 80.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «كسبها» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالمشهورُ عنه أنَّه لا خِيارَ لها، والنكاحُ بحالِه، سَواءٌ أَعْتَقَهما واحدٌ أو اثنان. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه، لها الخيارُ؛ لأنَّها كَمَلَتْ بالحُرِّيَّةِ تحتَ مَن لم يَسْبِقْ له حُرِّيَّةٌ، فمَلَكَتِ الفَسْخَ، كما لو عَتَقَتْ قبلَه. والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّ حُرِّيَّةَ العبدِ لو طَرَأتْ بعدَ عِتقِها [لمَنَعَتِ الفَسْخَ](1)، فإذا قارنتْ (2) كان أوْلَى أن تمْنَعَ، كإسلامِ الزَّوْجَين. وجمنه رِوايةٌ ثالثةٌ، إن أُعْتِقا (3)، انْفَسَخَ نِكاحُهُما؛ لأنَّ العِتْقَ معنى يُزِيلُ المِلْكَ عنهما لا إلى مالكٍ، فجازَ أن تَقَعَ به الفُرْقَةُ، كالموتِ، ولأنَّهْ لا يَمْتَنِعُ أن لا تَحْصُلَ الفرقةُ بوُجودِه مِن أحدِهما، و (4) تَحْصُلَ بوجودِه منهما، كاللِّعانِ والإِقالةِ في البَيعِ. وقال شيخُنا (5): معناه -واللهُ أعلمُ- أنَّه إذا وَهَب لعبدِه سُرِّيَّة، وأذِنَ له في التَّسَرِّي بها، ثم أعْتَقَهما جميعًا، صارَا حُرَّين، وخَرَجَتْ عن [مِلْكِ العبدِ](6)، فلم يَكُنْ له إصابَتُها إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ، هكذا روَى
(1) في م: «منع» .
(2)
في الأصل: «قاربت» .
(3)
في الأصل: «عتقها» .
(4)
في م: «أو» .
(5)
في: المغني 10/ 73.
(6)
في م: «ملكه» . ومكان كلمة «العبد» بياض في الأصل. وانظر المغني، الموضع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَماعَةٌ مِن أصحابِه، في مَن وَهَبَ عبدَه سُرِّيَّةً، أو اشْتَرَى له سُرِّيَّةً، ثم أعْتَقها، لا يَقْرَبُها إلَّا بِنِكاحٍ جديدٍ. واحْتَجَّ أحمدُ بما روَى (1) نافِعٌ، عن ابنِ عمرَ، أنَّ [عبدًا له](2) كان له سُرِّيَّتان، فأعْتَقَهما وأعْتَقَه، فنَهاهُ أن يَقْرَبَهما إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ (3). ولأنَّها بإعْتاقِها خَرَجَتْ عن أن تكونَ مَمْلُوكَةً، فلم يُبَحْ له التَّسَرِّي بها، كالحُرَّةِ الأصْلِيَّةِ. وأمَّا إذا كانتِ امرأتَه (4)، فعَتَقَا، لم يَنْفَسِخْ نِكاحُه بذلك؛ لأنَّه إذا لم يَنْفَسِخْ [بإعْتاقِها وحدَها، فلَأن لا يَنْفسِخَ بإعْتاقِهِما معًا أوْلَى. ويَحْتَمِلُ أنَّ أحمدَ إنَّما أرادَ بقولِه: انْفَسَخَ](5) نِكاحُهما. أنَّ لها فَسْخَ النِّكاحِ. ويُخَرَّجُ هذا على الرِّوايةِ التي تقولُ بأنَّ (6) لها الفَسْخَ إذا كان زَوْجُها حُرًّا فعَتَقَتْ تحتَه (7).
(1) بعده في م: «عن» .
(2)
في م: «عبد الله» .
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب استسرار العبد، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 215.
(4)
في م: «امرأة» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
سقط من: م.
(7)
في م: «عنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ لمَن له عبدٌ وأمَةٌ مُتَزَوِّجان، فأرادَ عِتْقَهُما، البدايةُ بالرجلِ؛ لِئلَّا يَثْبُتَ للمرأةِ خِيارٌ عليه، فيُفْسَخَ نِكاحُه. وقد روَى أبو داودَ (1)، والأثْرَمُ، بإسنادِهما عن عائشةَ، أَنه كان لها غُلامٌ وجاريةٌ،
(1) في: باب في المملوكين يعتقان معا هل تخير امرأته، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 518.كما أخرجه النسائي، في: باب إذا أراد أن يعتق العبد وامرأته بأيهما يبدأ، من كتاب العتق. السنن الكبرى 3/ 180. وابن ماجه، في: باب من أراد عتق رجل وامرأته فليبدأ بالرجل، بن كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 846.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فتَزَوَّجا (1)، فقالت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي أُرِيدُ أن أُعْتِقَهما. فقال لها: «ابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرأَةِ» . وعن صَفِيَّةَ بنتِ أبي عُبْيَدٍ أنَّها فَعَلَتْ ذلك، وقالت للرجلِ: إنِّي بَدَأْتُ بعِتْقِك؛ لِئلَّا يكونَ لها عليك خِيارٌ (2). واللهُ أعلمُ.
(1) في م: «فتزوجها» .
(2)
أخرجه بنحوه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 255. وابن أبي شيبة، في: المصنف 4/ 210، 211.