الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ بَاشَرَ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا، أَوْ خَلَا بِهَا لِشَهْوَةٍ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ،
ــ
والموتُ يُبْطِلُ المَنافِعَ. وأمَّا الرَّضاعُ، فيُحَرِّمُ؛ لِما (1) يَحْصُلُ به مِن إنْباتِ اللَّحْمِ وإنْشازِ العَظْمِ، وهذا يَحْصُلُ مِن لَبَنِ المَيِّتَةِ. وفي وَطْءِ الصغيرةِ أيضًا وَجْهان، أحَدُهما، يَنْشُرُ. وهو قولُ أبي يُوسُفَ، لأنَّه وَطْءٌ لآدَمِيَّةٍ حَيَّةٍ في القُبُلِ، أشْبَهَ وَطْءَ الكبيرةِ (2). والثاني، لا يَنْشُرُها. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه ليس بسَبَب للبَضْعِيَّةِ (3)، أشْبَهَ وَطْءَ المَيِّتَةِ.
3139 - مسألة: (وإن باشَرَ امرأةً، أو نَظَر إلى فَرْجِها، أو خَلَا بها لشَهْوَةٍ، فعلى رِوايَتَين)
إذا باشَرَ فيما دونَ الفَرْجِ لغيرِ شَهْوةٍ، لم يَنْشُرِ
(1) في م: «ما» .
(2)
في م: «الكبير» .
(3)
في الأصل: «للبعضية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحُرْمَةَ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه. وإن كان لشهوةٍ، وكان في أجْنَبِيَّةٍ، لم يَنْشُرِ الحُرْمَةَ أيضًا. قال الجُوزْجانِيُّ: سألتُ أحمدَ عن رجلٍ نَظَر إلى أُمِّ امْرَأَتِه مِن شهوةٍ، أو قَبَّلَها، أو باشَرها. فقال: أنا أقُولُ: لا يُحَرِّمُه شيءٌ مِن ذلك إلَّا الجماعُ. وكذلك نَقَل أحمدُ بنُ القاسمِ، وإسحاقُ بنُ منصورٍ. وإن كانتِ المُباشَرَةُ لامرأةٍ مُحَلَّلَةٍ له، كامرأتِه ومَمْلُوكَتِه، لم تَحْرُمْ عليه ابْنَتُها. قال ابنُ عباسٍ: لا يُحَرِّمُ الرَّبِيبَةَ إلَّا الجِماعُ (1). وبه قال طاوُسٌ، وعمرُو بنُ دِينارٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ} . وهذا ليس بدُخُولٍ، فلا يُتْرَكُ النَّصُّ الصريحُ مِن أجْلِه. وأمَّا تَحْرِيمُ أُمِّها، وتَحْرِيمُها على أبي الرجلِ المباشِرِ لها، وابنِه، فإنَّها في النِّكاحِ تَحْرُمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ قبلَ المباشَرَةِ، فلا يَظْهَرُ للمُباشَرَةِ أثَرٌ. وأمَّا الأمَةُ، فمتى باشَرَها دُونَ الفَرْجِ لشَهْوَةٍ، فهل يَثْبُتُ تَحْرِيمُ المُصاهَرَةِ؟ فيه رِوايتَان؛ إحدَاهما، يَنْشُرُها. رُوِيَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَمْرٍو، ومَسْرُوقٍ. وبه قال القاسمُ، والحسنُ، ومكحولٌ، والنَّخَعِيُّ، والشَّعْبِيُّ، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ، وأبو حنيفةَ، وعليُّ بنُ المَدِينِيِّ. وهو أحدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّه نوْعُ اسْتِمْتاعٍ، فيَتَعَلَّقُ به
(1) أخرج نحوه سعيد بن منصور، في: سننه 1/ 234.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَحْرِيمُ المُصاهَرَةِ، كالوَطْءِ. والثانيةُ، لا يَثْبُتُ بها التَّحْرِيمُ؛ لأنَّها مُلامَسَة لا تُوجِبُ الغُسْلَ، فلم يَثْبُتْ بها التَّحْرِيمُ، كما لو لم تَكُنْ لشَهْوةٍ (1)، ولأنَّ ثُبوتَ التَّحريمِ إمَّا أن يكونَ بنَصٍّ أو قِياسٍ على المَنْصُوصِ، ولا نَصَّ في هذا، ولا هو في معنى المنْصوصِ عليه ولا المُجْمَعِ عليه، فإنَّ الوَطْءَ يَتَعَلَّقُ به مِن الأحْكامِ اسْتِقْرارُ المَهْرِ، والإحْصانُ، والاغْتِسالُ، والعِدَّةُ، وإفْسادُ الإحْرامِ والصِّيامِ، بخِلافِ اللَّمْسِ. وذَكَر أصحابُنا الرِّوايَتَين في جيعِ الصُّوَرِ مِن غيرِ تَفْصِيلٍ. قال شيخُنا (2): وهذا الذي ذَكَرْنا أقْرَبُ إلى الصَّوابِ، إن شاء اللهُ تعالى.
فصل: ومَنْ نَظرَ إلى فَرْجِ امرأةٍ لشَهْوةٍ فهو كَلَمْسِها لشهوةٍ، فيه
(1) في م: «شهوة» .
(2)
في: المغني 9/ 532.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيضًا رِوايَتان؛ إحْدَاهما، يَنْشُرُ الحُرْمَةَ في مَوْضِعِ يَنْشُرُها اللَّمْسُ. رُوِيَ عن عمرَ، وابنِ عمرَ، وعامرِ بنِ رَبِيعَةَ (1)، وكان بَدْرِيًّا، وعبدِ اللهِ بِنِ عمرٍو، في مَن يَشْتَرِي الخادِمَ، ثم يُجَرِّدُها أو يُقَبِّلُها، لا يحِلُّ لابنِه (2) وَطْؤُها. وهو قولُ القاسمِ، والحسنِ، ومجاهدٍ، ومكحولٍ، وحمادِ بنِ أبي سليمانَ، وأبي حنيفةَ؛ لِما روَى عبدُ الله بنُ مسعودٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«مَنْ نَظَرَ إلى فَرْجِ امْرَأةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّها وَبِنْتُها» (3). وفي رِوَايةٍ: «لا يَنْظُرُ اللهُ إلى رَجُلٍ نَظَرَ إلى فَرْجِ امْرَأَةٍ وابْنَتِها» (3) والثانيةُ، لا يَتَعَلَّقُ به التَّحْرِيمُ. وهو قول الشافعيِّ، وأكثرِ أهلِ العلمِ؛ لقولِه تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} . ولأنَّه نَظَرٌ مِن غيرِ مُباشَرَةٍ، فلم يُوجِبِ التَّحْرِيمَ، كالنَّظَرِ إلى الوَجْهِ، والخَبرُ ضعيفٌ. قاله الدَّارَقُطْنِيُّ. وقيل: هو موقوفٌ على ابنِ مسعودٍ. ثم يَحْتَمِلُ أنَّه كَنَى بذلك عن الوَطْءِ. وأمَّا النَّظرُ إلى سائرِ البَدَنِ، فلا يَنْشُر حُرْمَة. وقال بعضُ أصحابِنا: لا فَرْقَ بينَ النظر إلى الفَرْجِ وسائِرِ البَدَنِ
(1) في م: «زمعة» .
(2)
في النسختين: «لأبيه» . وانظر ما أخرجه ابن أبي شيبة عنهم، في: المصنف 4/ 163، 164. وما أخرجه عبد الرزاق، عن عمر وعامر بن ربيعة، في: المصنف 6/ 280، 281.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 288.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لشَهْوةٍ. والصحيحُ خِلافُ هذا، فإنَّ غيرَ الفَرْجِ لا يُقاسُ عليه؛ لِما بينَهما مِن الفَرْقِ. ولا خِلافَ نَعْلَمُه في أنَّ النَّظَرَ إلى الوَجْهِ لا يُثْبِتُ الحُرْمَةَ، فكذلك غيرُه، ولا خِلافَ أيضًا في (1) أنَّ النَّظَرَ إذا وَقَع مِن غيرِ شَهْوَةٍ لا يَنْشُرُ الحُرْمَةَ؛ لأنَّ اللَّمْسَ الذي هو أبْلَغُ منه، لا يُؤثِّرُ إذا لم يَكُنْ لشهوةٍ، فالنَّظَرُ أَوْلَى. ومَوْضِعُ الخِلافِ في اللَّمْسِ والنَّظَرِ في مَن بَلَغَتْ تِسْعَ سنينَ فما زادَ، فأمَّا الطِّفْلَةُ فلا يَثْبُتُ فيها ذلك. وقد رُوِيَ عن أحمدَ في بِنْتِ سَبْعٍ: إذا قَبَّلَها حَرُمتْ عليه (1) أُمُّها. قال القاضي: هذا عندي مَحْمولٌ على السِّنِّ الذي تُوجَدُ معه الشَّهْوةُ.
فصل: فإن نَظَرَتِ المرأةُ إلى فَرْجِ رجلٍ لشَهْوَةٍ، فحكمُه في التَّحْرِيم حكمُ نَظَره إليها. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه مَعْنًى يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، فاسْتَوَى فيه الرجلُ والمرأةُ، كالجِماعِ. وكذلك يَنْبَغِي أن يكونَ حكمُ لَمْسِها له وقُبْلَتِها إيّاه لشَهْوَةٍ؛ لِما ذَكَرْنا.
فصل: والصَّحيحُ أنَّ الخَلْوَةَ بالمرأةِ لا تَنْشُرُ الحُرْمَةَ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ: إذا خَلَا بالمرأةِ وَجَب الصَّداقُ والعِدَّةُ، ولا يَحِلُّ له أن يَتَزَوَّجِ أُمَّها وابْنَتَها. قال القاضي: هذا مَحْمُولُ على أنَّه حَصَل مع الخَلْوَةِ مُباشرَةٌ.
(1) سقط من: م.