الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْويجُ كَبِيرَةٍ إلا بِإِذنِهَا، إلا الْمَجْنُونَةَ، لَهُمْ تَزْويجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيلُ إِلَى الرِّجَالِ.
ــ
المَحْجُورِ عليه، وقد ذَكَرْنا ذلك في كتابِ الحَجْرِ (1).
فصل: وإذا تَزَوَّجَ أمَةً ثم اشْتَراها بإذْنِ سَيِّدِه لسَيِّدِه، لم يُوثِّرْ ذلك في نِكاحِه، وإنِ اشْتَراها لنَفْسِه وقُلْنا: إنَّه لا يَمْلِكُ بالتَّمْلِيكِ. [فكذلك، وإن قُلْنا: يَمْلِكُ بالتَّمْلِيكِ](2). انْفَسَخَ نِكاحُه، كما لو اشْتَرَى الحُرُّ امرأتَه (3). وله وَطْؤُها بمِلْكِ اليَمِينِ بإذْنِ سَيِّدِه، فإن كان بعضُه حُرًّا فاشْتَراها في ذِمَّتِه أو بما يَخْتَصُّ بمِلْكِه، انْفَسَخَ نِكاحُه؛ لأنَّه مَلَكَها وحَلَّتْ له بمِلْكِ يَمِينِه، وإن مَلَكَ بَعْضَها، انْفَسَخَ نِكاحُه ولم تَحِلَّ له؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ جَمِيعَها، وإنِ اشْتَرَاها بعَينِ مالٍ مُشتَرَكٍ (4) بينَه وبينَ سَيِّدِه بغيرِ إذْنِه وقُلْنا: إنَّه لا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. لم يَصِحَّ البَيعُ، والنِّكاحُ بحالِه. وإن قُلْنا بتَفْرِيقِها، صَحَّ في قَدْرِ مالِه، وانْفَسَخَ النِّكاحُ بمِلْكِه بَعْضَها.
3095 - مسألة: (وليس لسائرِ الأوْلياءِ تَزْويجُ كبيرةٍ إلَّا بإذْنِها، إلَّا المجنونةَ، لهم تَزْويجُها إذا ظَهَر منها المَيلُ إلى الرِّجالِ)
ليس لسائِرِ الأوْلياءِ غيرِ الأبِ تَزْويجُ كبيرةٍ بغيرِ إذْنِها، جَدًّا كان أو غيرَه. وبه قال مالكٌ،
(1) انظر ما تقدم في 13/ 417.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «امرأة» .
(4)
في م: «مشتركة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو عُبَيدٍ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ أبي ليلَى. وهو قولُ الشافعيِّ إلَّا في الجَدِّ، فإنَّه جَعَلَه كالأبِ؛ لأنَّ ولايَتَه ولايةُ إيلادٍ، فمَلَكَ الإِجْبارَ، كالأبِ. ولَنا، ما روَى أبو هُرَيرَةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» . فقالوا: يا رسولَ اللهِ، فكيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذْنُها؟ قال: «أنْ تسْكُتَ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّ الجَدَّ قاصِرٌ عن الأبِ، فلم يَمْلِكِ الإِجْبارَ، كالعَمِّ، ولأنَّه يُدْلِي بغيرِه، فأشْبَهَ سائِرَ العَصَباتِ، وفارَقَ الأبَ؛ فإنَّه يُدْلِي بغيرِ واسِطَةٍ، ويُسْقِطُ الجَدَّ، ويَحْجُبُ الأمَّ عن ثُلُثِ المالِ إلى ثُلُثِ الباقي في زَوْجٍ وأبوَين، [أو امْرأةٍ وأبوَين] (2). فأمَّا المجنونةُ (3) فلهم تَزْويجُها إذا ظَهَر لهم منها المَيلُ إلى الرِّجالِ. ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ. وقال القاضي: لا يُزَوِّجُها إلَّا الحاكِمُ؛ لأنَّه النَّاظِرُ لها في مالِها دُونَهم، فيَجِبُ أن يَخْتَصَّ بالولايَةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 121.
(2)
في الأصل: «وامرأة» .
(3)
في الأصل: «المحجوبة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ ولايتَهم مُقَدَّمَةٌ على ولايَةِ الحاكِمِ لو كانت عاقلةً، فكذلك إذا كانتْ مجنونةً. وقال الشافعيُّ: لا يَجُوزُ تزْويجُها إلَّا أن يقولَ أهلُ الطِّبِّ: إنَّ عِلَّتَها تَزُولُ بذلك. ولَنا، أنَّها مُحْتاجَةٌ إليه لدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عنها، وصِيانَتِها عن الفُجُورِ، وتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ والمَهْرِ، فجازَ تَزْويجُها تحْصِيلًا لهذه المصالِحِ، كغيرِها.
فصل في تَزْويجِ المجنونةِ: إن كانت ممَّن تُجْبَرُ لو (1) كانت عاقلةً، جازَ تَزْويجُها لمَن يَمْلِكُ إجْبارَها؛ لأنَّه إذا مَلَك إجْبارَها مع عَقْلِها وامْتِناعِها، فمع عَدَمِه أوْلَى. وإن كانت مِمَّن لا يُجْبَرُ، فهي ثَلاثةُ أقْسامٍ؛ أحَدُها، أن يكونَ وَلِيُّها الأبَ أو وَصِيَّه، كالثَّيِّبِ (2) الكبيرةِ، فهذه يَجُوزُ لوَلِيِّها تَزْويجُها. ذَكَرَه القاضي. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه جَعَل للأبِ تَزْويجَ المَعْتُوهِ، فالمرأَةُ أوْلَى. وهذا قول الشافعيِّ، وأبي حنيفةَ. ومَنَع منه أبو بكرٍ؛ لأنَّها ولايةُ إجْبارٍ، وليس على الثَّيِّبِ (3) ولايَةُ إجْبارٍ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ فإنَّ ولايةَ الإِجْبارِ إنَّما انْتَفَتْ عن العاقلةِ بحُصُولِ المباشَرَةِ منها والخِبْرَةِ، وهذه بخلافِ ذلك. وكذلك الحُكْمُ في
(1) في م: «أو» .
(2)
في م: «كالبنت» .
(3)
في النسختين: «البنت» . وانظر المغني 9/ 412.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّيِّبِ (1) الصغيرةِ إذا قُلْنا بعَدَمِ الإِجْبارِ في حَقِّها، إذا كانت عاقلةً. القسمُ الثاني، أن يكونَ وَلِيُّها الحاكمَ، ففيها وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له تَزْويجُها (2) بحالٍ؛ لأنَّ هذه ولايةُ إجْبارٍ، فلا تَثْبُتُ لغيرِ الأبِ، [كحالِ عَقْلِها](3). والثاني، له تَزْويجُها إذا ظَهَر منها شَهْوَةُ الرِّجالِ، كبيرةً كانت أو صغيرةً. وهو اخْتِيارُ ابنِ حامِدٍ، وأبي الخَطَّابِ، وقولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ لها حاجَةً إليه لدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عنها، وصِيانَتِها عن الفُجُورِ، وتَحْصِيلِ المَهْرِ والنَّفَقَةِ، والعَفافِ لي صِيانَةِ العِرْضِ، ولا سَبِيلَ إلى إذْنِها، فأُبِيحَ تَزْويجُها، كالثَّيِّبِ (4) مع أبِيها، وكذلك يَنْبَغِي أن يَمْلِكَ تَزْويجَها إن قال أهلُ الطِّب: إنَّ (2) عِلَّتَها تَزُولُ بتَزْويجِها؛ لأنَّ ذلك مِن أعْظَمِ مَصالِحِها. وقال الشافعيُّ: لا يَمْلِكُ تَزْويجَ صغيرةٍ بحالٍ، ويَمْلِكُ تَزْويجَ الكبيرةِ إذا قال أهْلُ الطِّبِّ: إنَّ عِلَّتَها تَزُولُ بتَزْويجِها. ولَنا، أنَّ المَعْنَى المُبِيحَ للتَّزْويجِ وُجِد في حَقِّ الصغيرةِ، فأُبِيحَ تَزْويجُها، كالكبيرةِ وإذا [ظَهَرَتْ منها](5) شَهْوَةُ الرِّجالِ (6)، ففي تَزْويجِها مَصْلَحَتُها ودَفْعُ حاجَتِها. وتُعْرَفُ شَهْوَتُها مِن كلامِها، ومِن قَرائِنِ أحْوالِها، كَتَتَبُّعِها الرِّجال ومَيلِها إليهم، وأشْباهِ ذلك. القسمُ الثالثُ، مَن وَلِيُّها غيرُ الأبِ والحاكِمِ، فقال القاضي: لا يُزَوِّجُها إلَّا الحاكِمُ. فيكونُ حُكْمُها حُكْمَ
(1) في النسختين: «البنت» . وانظر المغني 9/ 412.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «بحال عضلها» .
(4)
في الأصل: «كالبنت» .
(5)
في م: «أظهرت» .
(6)
في الأصل: «الرجل» .