الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيبِ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ قَال: قَدْ رَضِيتُ بِهِ مَعِيبًا. أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ مِنْ وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ الْعِلْمِ
ــ
فصل: وإن حَدَثَ (1) العَيبُ بعدَ العَقْدِ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَثْبُتُ الخِيارُ. وهو ظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه قال: فإن جُبَّ قبلَ الدُّخُولِ، فلها الخِيارُ في وَقْتِها. لأنَّه عَيبٌ في النِّكاحِ يُثْبِتُ الخِيارَ مُقارِنًا، فأثْبَتَه طارِئًا (2)، كالإِعْسارِ والرِّقِّ، فإنَّه يُثْبِتُ الخِيارَ إذا قارَنَ، مثلَ أن تُغَرَّ الأمَةُ مِن عَبْدٍ، ويُثْبِتُه إذا طَرَأَتِ الحُرِّيَّةُ، إذا عَتَقَتِ الأمَةُ تحتَ العَبْدِ، ولأنَّه عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ، فحُدُوثُ العَيبِ بها يُثْبِتُ الخِيارَ، كالإِجَارَةِ. والثاني، لا يُثْبِتُ الخِيارَ. وهو قولُ أبي بكرٍ، وابنِ حامدٍ، ومذهبُ مالكٍ؛ لأنَّه عَيبٌ حَدَث بالمَعْقُودِ عليه بعدَ لُزُومِ العَقْدِ، أشْبَهَ الحادثَ بالمَبِيعِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ. وهذا يَنْتَقِضُ بالعَيبِ الحادِثِ في الإِجارَةِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: إن حَدَث بالزَّوْجِ أثْبتَ الخِيارَ، وإن حَدَث بالمرأةِ، فكذلك في أحَدِ الوَجْهَين، ولا يُثْبِتُه في الآخَرِ؛ لأنَّ الرجلَ يُمْكِنُه طَلاقُها، بخِلافِ المرأةِ. ولَنا، أنَّهما تَسَاوَيا فيما إذا كان العَيبُ سابقًا، فتَسَاوَيا فيه لاحِقًا، كالمُتَبايِعَين.
3204 - مسألة: (وإن عَلِم بالعَيبِ وَقْتَ العَقْدِ، أو قال: قد رَضِيتُ به مَعِيبًا)
بعدَ العَقْدِ (أو وُجِدَ منه دَلَالةٌ على الرِّضَا؛
(1) في الأصل: «وجد» .
(2)
سقط من: م.
بِالْعَيبِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ.
ــ
مِن وَطْءٍ أو تَمْكِينٍ مع العِلْمِ بالعَيبِ، فلا خِيارَ له) لا نَعْلَمُ فيه خلافًا؛ لأنَّه رَضِيَ به، فأشْبَهَ مُشْتَرِىَ المَعِيبِ. وإن ظَنَّ العَيبَ يَسِيرًا فبانَ كثيرًا، كمَن ظَنَّ البَرَصَ في قليلٍ مِن جَسَدِها فبانَ في كثيرٍ منه، فلا خِيارَ له أيضًا؛ لأنَّه مِن جِنْسٍ ما رَضِيَ به. وإن رَضِيَ بعيبٍ فبان به (1) غَيرُه، فله الخِيارُ؛ لأنَّه وَجَد به (2) عيبًا لم يَرْضَ به ولا بجنْسِه، فيَثْبُتُ له الخِيارُ، كالمَبِيعِ إذا رَضِيَ بِعَيبٍ فيه فوَجَدَ به غيرَه. وإن رَضِيَ بعيبٍ فزادَ بعدَ العَقْدِ، كأنْ كان قليلٌ مِن البَرَصِ فانْبَسَطَ في جِلْدِها (3)، فلا خِيارَ له؛ لأنَّ رِضاه به رِضًا بما يَحْدُثُ منه.
فصل: وخِيارُ العَيبِ ثابِتٌ على التَّراخِي، لا يَسْقُطُ، ما لم يُوجَدْ منه ما يَدُلُّ على الرِّضَا به، مِن القولِ، أو الاسْتِمْتاعِ به مِن الزَّوْجِ، أو التَّمْكِينِ مِن المرأةِ. هذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لقولِه: فإن عَلِمَتْ أنَّه
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «بها» .
(3)
في الأصل: «جلده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِنِّينٌ، فسَكَتَتْ عن المُطالبَةِ، ثمَّ طالبَتْ بعدُ، فلها ذلك. وذَكَر القاضي أنَّه على الفَوْرِ. وهو مذهبُ الشافعيِّ. فمتى أخَّرَ الفَسْخَ مع العِلْمِ والإِمكانِ، بَطَل خِيارُه؛ لأنَّه خِيارُ الردِّ بالعيبِ، فكان على الفورِ، كرَدِّ المَبِيعِ المَعِيبِ. ولنا، أنَّه خِيارٌ لدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فكان على التَّراخِي، كخِيارِ القِصاصِ، وخِيارُ العَيبِ في المَبِيعِ مَمْنُوعٌ، ثمَّ الفرقُ بينَهما أنَّ ضَرَرَه في المَبِيعِ غيرُ مُتَحَقِّقٍ؛ لأنَّه قد يكونُ المقصودُ مالِيَّتَه أو خِدْمَتَه، ويَحْصُلُ ذلك مع عَيبِه، وههُنا المقصودُ الاسْتِمْتاعُ، وذلك يَفُوتُ بعَيبِه (1). وأمَّا خِيارُ الشُّفْعَةِ والمَجْلِسِ، فهو لدَفْعِ ضَرَرٍ غيرِ مُتَحَقِّقٍ.
(1) في م: «بعنته» .