الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَ الْأقْرَبُ طِفْلًا أوْ كَافِرًا أوْعَبْدًا، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ. وإنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ، زَوَّجَ الْأبْعَدُ. وَعَنْهُ، يُزَوجُ الْحَاكِمُ.
ــ
3111 - مسألة: (فإن كان الأقْرَبُ طِفْلًا أو كافِرًا أو عَبْدًا، زَوَّجَ الأبعَدُ)
لأنَّ الولايةَ لا تَثْبُت لطفلٍ ولا عبدٍ ولا كافرٍ على مُسْلِمَةٍ، فعندَ ذلك يكونُ وُجُودُهم كعَدَمِهم، فتَثْبُتُ الولايةُ لمَن هو (1) أبعدُ منهم إذا كَمَلَتْ فيه الشُّرُوطُ، كما لو ماتوا.
3112 - مسألة: (وإن عَضَل الأَقْرَبُ، زَوَّجَ الأبعَدُ. وعنه، يُزَوِّجُ الحاكِمُ)
العَضْلُ مَنْعُ المرأةِ مِن التَّزْويجِ بكُفْئِها إذا طَلَبَتْ ذلك، ورَغِبَ كُلُّ واحدٍ منهما في صاحِبِه، فمتى وُجِدَ ذلك انْتَقَلَتِ الولايةُ إلى الأبعدِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه رِوايةٌ أُخْرَى، تَنْتَقِلُ إلى السلطانِ. وهو اخْتِيارُ أبي بكرٍ. وذُكِر ذلك عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، وشُرَيح. وبه قال
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّافعيُّ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (1). ولأنَّ ذلك حَقٌّ عليه امْتَنَعَ مِن أدائِه، فقامَ الحاكِمُ مَقامَه، كما لو كان عليه دَينٌ فامْتَنَعَ مِن قَضائِه. ولَنا، أنَّه تَعَذَّرَ التَّزْويجُ مِن جِهَةِ الأقْرَبِ، فمَلَكَه الأبعَدُ، كما لو جُنَّ. ولأنَّه يَفْسُقُ بالعَضْلِ، فتَنْتَقِلُ الولايةُ عنه، كما لو شَرِبَ الخَمْرَ. فإن عَضَل الأوْلياءُ كلُّهم زَوَّجَ الحاكمُ. والحديثُ حُجَّةٌ لنا؛ لقولِه:«السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ لَهُ» . وهذه لها وَلِيٌّ. ويُمْكِنُ حَمْلُه على ما إذا عَضَل الكُلُّ؛ لأنَّ قوْلَه: «فإنِ اشْتَجَرُوا» . ضَمِيرُ جَمْعٍ يَتَناوَلُ الكُلَّ. والولايةُ تُخالِفُ الدَّينَ مِن وُجُوهٍ ثلاثةٍ؛ أحَدُها، أنَّها حَقٌّ للوَلِيِّ، والدَّينُ عليه. الثاني، أنَّ الدَّينَ لا يَنْتَقِلُ عنه، والولايةُ تَنْتَقِلُ عنه لعارِضٍ؛ مِن جُنُونِ الوَلِيِّ وفِسْقِه. الثالثُ، أنَّ الدَّينَ لا تُعْتَبَرُ في بَقائِه العَدَالةُ، والولايةُ يُعْتَبَرُ لها ذلك، وقد زالتِ العَدالةُ بما ذَكَرْناه. فإن قيلَ: لو زالتْ ولايتُه لَما صَحَّ منه التَّزْويجُ إذا أجابَ إليه. قُلْنا: فِسْقُه بامْتِنَاعِه، فإذا أجابَ فقد نَزَع عن المَعْصِيَةِ، وراجَعَ الحَقَّ، فزال فِسْقُه، فلذلك (2) صَحَّ تَزْويجُه. وقد رُوِيَ عن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ،
(1) تقدم تخريجه في 16/ 311، 312.
(2)
في م: «فكذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِن رجلٍ، فطَلَّقَها، حتى إذا انْقَضَتْ عِدَّتُها جاءَ يَخْطُبُها، فقلتُ له: زَوَّجْتُكَ، وأَفْرَشْتُكَ، وأكْرَمْتُكَ، فطَلَّقْتَها، جِئْتَ تَخْطُبُها! لا والله لِا تَعُودُ إليك أبدًا، وكان رَجُلًا لا بَأْسَ به، وكانتِ المرأةُ تُرِيدُ أن تَرْجِعَ إليه، فأنْزَلَ الله، هذه الآيةَ:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} (1). فقلتُ: الآنَ أفْعَلُ يا رسولَ اللهِ. قال: فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ. رَواه البخاريُّ (2).
فصل: وسَواءٌ طَلَبَتِ التَّزْويجِ بمَهْرِ مِثْلِها أو دُونِه. وبه قال الشافعيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لهم (3) مَنْعُها مِن التَّزْويجِ بدُونِ مَهْرِ مِثْلِها؛ لأنَّ عليهم في ذلك عارًا، وليه ضَرَرٌ على نِسائِها، لنَقْصِ مَهْرِ مِثلِهِنَّ. ولَنا، أنَّ المَهْرَ خالِصُ حَقِّها، و (4) عِوَضٌ يَخْتَصُّ بها، فلم يَكُنْ لهم الاعْتِراضُ عليها فيه، كثَمَنِ عَبْدِها وأَجْرِ دارِها، ولأنَّها لو أسْقَطَتْه بعدَ وُجُوبِه، سَقَط كلُّه، فبعضُه أَوْلَى، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ أرادَ أن يُزَوِّجَه:«الْتَمِسْ وَلوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (5). وقال لامْرَأةٍ زُوِّجَت بنَعْلَيْن: «أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ بنَعْلَين؟» قالتْ: نعم. فأجازَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم (6). وقولُهم: فيه عارٌ عليهم. ليس كذلك، فإنَّ عمرَ قال: لو
(1) سورة البقرة 232.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 157.
(3)
في م: «له» .
(4)
في الأصل: «أو» .
(5)
تقدم تخريجه في 14/ 380.
(6)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في مهور النساء، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 33. وابن ماجه، في: باب صداق النساء، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 608. =