الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ. وَيَحْتَمِلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصِّغَارِ أيضًا.
ــ
3094 - مسألة: (ولا يَمْلِكُ إجْبارَ عَبْدِه الكبيرِ)
إذا كان عاقِلًا. وبهذا قال الشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه. وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: له ذلك؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (1). ولأنَّه يَمْلِكُ رَقَبَتَه، فمَلَكَ إجْبارَه على النِّكاحِ، كالأمَةِ، ولأنَّه يَمْلِكُ إجارَتَه، فأشْبَهَ الأمَةَ. ولَنا، أنَّه مُكَلَّف يَمْلِكُ الطَّلاقَ، فلا يُجْبَرُ على النِّكاحِ، كالحُرِّ، ولأنَّ النِّكاحَ خالِصُ حَقِّه، ونَفْعُه له، فأشْبَهَ الحُرَّ، والأمْرُ بإنْكاحِه مُخْتَصٌّ بحالِ طَلَبِه، بدليلِ عَطْفِه على الأيامَى، وإنَّما يُزَوَّجْنَ عندَ الطَّلَبِ، ولأنَّ مُقْتَضَى الأمْرِ الوُجُوبُ، وإنَّما يَجِبُ تَزْويجُه عندَ طَلَبِه، وأمَّا الأمَةُ فإنَّه يَمْلِكُ مَنافِعَ بُضعِها والاسْتِمْتاعَ بها، بخِلافِ العَبْدِ. ويُفارِقُ النِّكاحُ الإِجارَةَ، لأنَّها عَقْدٌ على مَنافِعِ بَدَنِه، وهو يَمْلِكُ اسْتِيفاءَها (ويَحْتَمِلُ مثلُ ذلك في الصغيرِ أيضًا) قِياسًا على الكبيرِ، ويَقْوَى الاحْتِمالُ في حَقِّ المُمَيِّزِ إذا قُلْنا بصِحَّةِ
(1) سورة النور 32.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طَلاقِه؛ لأنَّه عاقِل مُمَيِّزٌ، يَمْلِكُ الطَّلاقَ، أشْبَهَ البالِغَ.
فصل: والمَهْرُ والنَّفَقَةُ على السَّيِّدِ، سَواءٌ ضَمِنَهُما (1) أو لا، وسَواءٌ باشَرَ العَقْدَ. بنَفْسِه أو أذِنَ لعَبْدِه فعَقَدَه، مَأْذُونًا له في التِّجارَةِ أو مَحْجُورًا عليه. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه ما يَدُلُّ على أنَّ ذلك يَتَعَلَّقَ بكَسْبِه، فإنَّه قال: نَفَقَتُه مِن ضَرِيبَتِه. وقال (2): إن كان بقِيمَةِ ضَرِيبَتِه، أنْفَقَ عليها، ولا يُعْطِي المَوْلَى، وإن لم يَكُنْ عندَه ما يُنْفِقُ، فُرِّقَ بينَهما. وهذا قولُ الشافعيِّ. وفائِدَةُ الخِلافِ أنَّ مَن ألْزَمَ السَّيِّدَ المَهْرَ والنَّفَقَةَ، أوْجَبَهما عليه وإن لم يَكُنْ للعبدِ كَسْبٌ، وليس للمرأةِ الفَسْخُ؛ لعَدَم كَسْبِ العبدِ، وللسَّيِّدِ استخدامُه ومَنْعُه الاكْتِسابَ، ومَن عَلَّقَه بكَسْبِه فلم يَكُنْ له كَسْبٌ، فللمرأةِ الفَسْخُ، وليس للسَّيِّدِ مَنْعُه مِن التَّكَسُّبِ. ولَنا، أنَّه حَقٌّ تَعَلَّقَ بالعَبْدِ (3) برِضَا سَيِّدِه، فتَعَلَّقَ بسَيِّدِه، وجازَ بَيعُه فيه، كما لو رَهَنَه بدَينٍ. فعلى هذا، لو باعَه سَيِّدُه أو أعْتَقَه، لم يَسْقُطِ المَهْرُ عن السَّيِّدِ. نصَّ عليه؛ لأنَّه حَقٌّ تَعَلَّقَ بذِمَّتِه، فلم يَسْقُطْ ببَيعِه وعِتْقِه، كأرْشِ جِنايَتِه، فأمَّا النَّفَقَةُ فإنَّها تَتَجَدَّدُ، فتكونُ في الزَّمَنِ المُسْتَقْبَلِ على المُشْتَرِي أو على العَبْدِ إذا عَتَق.
(1) في الأصل: «ضمنها» .
(2)
في م: «قيل» .
(3)
في م: «بالعقد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجُوزُ أن يَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ لعَبْدِه بإذْنِه، وأن يَأْذَنَ للعَبْدِ فيَتَزَوَّجَ لنَفْسِه؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ يَصِحُّ طلاقُه، فكان مِن أهلِ مُباشَرَة العَقْدِ كالحُرِّ. ويَجُوز أن يَأْذَن له مُطْلقًا ومُعَينًا، فإن عَيَّنَ له امرأةً، أو نِساءَ بَلَدٍ أو قَبِيلَةٍ، أو حُرَّةً أو أمَةً، فتَزَوَّجَ غيرَها، لم يَصِحَّ؛ لأَنه مُتَصَرِّفٌ بالإِذْنِ، فتَقييَّدَ (1) تَصَرُّفُه بما (2) أُذِنَ له فيه كالوَكِيلِ. وإن أذِنَ له مُطْلَقًا، فله أن يَتَزَوَّجَ مَن شاءَ، لكنْ إن تَزَوَّجَ امرأةً مِن بَلْدَةٍ أُخْرَى، فلسَيِّدِه مَنْعُه مِن الخُرُوجِ إليها، وإن كانت في البَلَدِ، فعلى سَيِّدِه إرْسالُه لَيلًا للاسْتِمْتَاعِ. وإن أحَبَّ سَيِّدُه أن يُسْكِنَها في مَسْكَنٍ مِن دارِه، فله ذلك إذا كان مَسْكَنَ مِثْلِها، ولا يَلْزَمُه إرْسالُه نَهارًا؛ لأنَّه يَحْتاجُ إلى اسْتِخْدامِه، وليس النَّهارُ مَحِلًّا للاسْتِمْتَاعِ غالبًا. ولسَيِّدِه السَّفَرُ به، فإنَّ حَقَّ امرأةِ العبدِ عليه لا يَزِيدُ على حَقِّ امرأةِ الحُرِّ، والحُرُّ يَمْلِكُ السَّفَرَ وإن كَرِهَتِ امْرأتُه، كذا ههُنا.
فصل: وللسَّيِّدِ أن يُعَيِّنَ له المَهْرَ، وله أن يُطْلِقَ، فإن تَزَوَّجَ بما عَيَّنَه أو دُونِه، أو بمَهْرِ المِثْلِ عندَ الإِطْلاقِ أو دونِه، لَزِم المُسَمَّى، وإن تَزَوَّجَ بأكْثَرَ (3) مِن ذلك، لم تَلْزَمِ السَّيِّدَ (4) الزِّيادَةُ. وهل يَتَعَلَّقُ برَقَبَةِ العَبْدِ أو ذِمَّتِه يُتْبَعُ بها بعدَ العِتْقِ؟ على رِوايَتَين، بِناءً (4) على اسْتِدانَةِ العَبْدِ
(1) في م: «فينفذ» .
(2)
في م: «فيما» .
(3)
في م: «أكثر» .
(4)
سقط من: م.