الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مِنْ غَيرِ شَرْطٍ، لَمْ يَصِحَّ أَيضًا، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ.
ــ
والمُحَلَّلَ لَهُ». وروى (1) الأثْرَمُ بإسْنادِه، عن قَبِيصَةَ عن جابرٍ، قال سَمِعْتُ عمرَ [وهو] (2) يَخْطُبُ الناسَ وهو يقولُ: واللهِ لا أوتَى بمُحِلٍّ (3) ولا مُحَلَّل لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُما (4). ولأنَّه نِكاحٌ إلى مُدَّةٍ، أو فيه شَرْطٌ يَمْنَعُ بَقَاءَه، فأشْبَهَ نِكاحَ المُتْعَةِ.
3177 - مسألة: (فإن نَوَى ذلك مِن غيرِ شَرْطٍ، لم يَصِحَّ أيضًا، في ظاهِرِ المذهبِ. وقِيلَ: يُكْرَهُ ويَصِحُّ)
إذا تَوَاطَآ عليه قَبْلَ العَقْدِ، ولم يُذْكَر [في العَقْدِ ونَواه](5)، أو نَوَى التَّحَلُّلَ (6) مِن غيرِ شَرْطٍ، فالنِّكاحُ باطِل أيضًا. قال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ: سَألْتُ أحمدَ عن الرَّجلِ يَتَزَوَّجُ المرأة، وفي نَفْسِه أن يُحَلِّلَها (7) لزَوْجِها الأوَّلِ، ولم تَعْلَمِ المرأَةُ بذلك. قال: هو
(1) في م: «رواه» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «بمحلل» .
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 6/ 265. وسعيد بن منصور، في سننه 2/ 49، 50. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 208.
(5)
في م: «هل نواه» .
(6)
في م: «المحلل» .
(7)
في م: «يحلها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُحَلِّلٌ إذا أرادَ بذلك الإِحْلال، [وهو](1) مَلْعُونٌ. وهذا ظاهرُ قولِ الصّحابةِ، رضي الله عنهم، فرَوَى نافِعٌ، عن ابنِ عمرَ، أنَّ رجلًا قال له: امرأةٌ تَزَوَّجْتُها أُحِلُّها لزَوْجِها، لم يَأمُرْنِي، ولم يَعْلَمْ. قال: لا، إلَّا (2) نِكاح رَغْبةٍ، إن أعْجَبَتْكَ أمْسِكْها، وإن كَرِهْتَها فارِقْها. قال: وإن كُنَّا نَعُدُّه على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِفَاحًا. وقال: لا يَزَالان زَانِيَين وإن مَكَثَا عِشْرِينَ سنةً، إذا عَلِم أنَّه يُرِيدُ أن يُحِلَّها (3). وهذا قولُ عثمانَ بنِ عفانَ، رضي الله عنه. وجاء رجلٌ إلى ابنِ عباس، فقال: إن عَمِّي طَلَّقَ امْرَأتَه ثَلاثًا، أيُحِلُّها له رجلٌ؟ قال: مَن يُخادِعِ اللهَ يَخْدَعْهُ (4). وهذا قولُ الحَسَنِ، والنَّخَعِيِّ، والشَّعْبِي، وقَتادَةَ، وبكر المُزَنيِّ، واللَّيثِ، ومالكٍ، والثَّوْرِيِّ، وإسحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ: العَقْدُ صحيحٌ. وذَكَر القاضي في صِحَّتِه وَجْهًا مثلَ قَوْلِهما، لأنَّه خَلَا عن شَرْطٍ يُفْسِدُه، فأشبَهَ ما لو نَوَى طَلاقَها لغيرِ الإِحْلالِ، أو ما لو نَوَتِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «يحللها» .
والأثر أخرجه الحاكم بنحوه، في: المستدرك 2/ 199. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 208. وصححه في الإرواء 6/ 311، 312.
(4)
أخرجه البيهقي، في: باب من جعل الثلاث واحدة وما ورد في خلاف ذلك، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى 7/ 337.: وسعيد بن منصور، في: باب التعدي في الطلاق، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 262.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المرأةُ ذلك، ولأنَّ العَقْدَ إنَّما يَبْطُلُ بما شُرِطَ لا بما قُصِدَ، بدليلِ ما لو اشْتَرَى عبدًا بشَرْطِ أن يَبِيعَه، لم يَصِحَّ، ولو نَوَى ذلك لم يَبْطُلْ، ولأنَّه قد رُوِيَ عن عمرَ، رضي الله عنه، ما يَدُلُّ على إجازَته، فرَوَى أبو حَفْص بإسْنادِه عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، قال: قَدِمَ مَكَّةَ رجلٌ ومعه إخْوَة له صِغَارٌ، وعليه إزارٌ، مِن بينِ يَدَيه رُقْعَة، ومِن خَلْفِه رُقْعَة، فسألَ عمرَ، فلم يُعْطِه شيئًا، فبينما هو كذلك إذ نَزَغ الشَّيطانُ بينَ رجل مِن قريش وبينَ امْرَأتِه فطَلَّقَها، فقال لها: هل لكِ أن تُعْطِي ذا الرُّقْعَتَين شيئًا، ويُحِلَّكِ (1) لي؟ قالت: نعم، إن شِئْتَ. فأخْبرُوهُ بذلك. قال: نعم. فتَزَوَّجَها ودَخَلَ بها. فلما أصْبَحَتْ أدْخَلَتْ إخْوَتَه (2) الدّارَ، فجاء القرَشِيّ يَحُومُ حَوْلَ الدّارِ، ويقولُ: يا وَيلَه، غُلِبَ على امرأتِه (3). فأتَى عمرَ، فقال: يا أمِيرَ المؤمنينَ، غُلِبْتُ على امْرَأتي. قال: مَن غَلَبَكَ؟ قال: ذو الرُّقْعَتَين. قال: أرْسِلُوا إليه. فلما جاءَه الرسولُ، قالت له المرأةُ: كيف مَوْضِعُكَ مِن قَوْمِكَ؟ قال: ليس بمَوْضِعِي (4) بَأسٌ. قالتْ (5): إنَّ أمِيرَ المؤمنينَ يقولُ لك: طَلِّقِ امْرأتَكَ. فقُلْ (6): لا، واللهِ
(1) في م: «ويحك» .
(2)
في الأصل: «أخويه» .
(3)
في م: «امرأتي» .
(4)
في م: «بموضع» .
(5)
في الأصل: «قال» .
(6)
بعده في م: «له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا أُطَلِّقُها. فإنَّه لا يُكْرِهُكَ. فألْبَسَتْه حُلَّةً، فلمَّا رَآه عمرُ من بعيدٍ، قال: الحمدُ للهِ الذي رَزَق ذا الرُّقْعَتَين. فدَخَلَ عليه، فقال: أتُطَلقُ امْرَأَتَكَ؟ قال: لا، واللهِ لا أُطَلِّقُها. قال عمرُ: لو طَلَّقْتَها لأوْجَعْتُ رَأْسَكَ بالسَّوْطِ. ورَواه سعيدٌ (1)، عن هُشَيمٍ، عن يُونسَ بنِ عُبَيدٍ، عن ابنِ سِيرِينَ، نحوًا مِن هذا، وقال: مِن أهلِ المَدِينةِ. وهذا قد تَقَدَّمَ فيه الشَّرْطُ على العَقْدِ، ولم يَرَ به عمرُ بَأسًا. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ» . وقولُ مَن سَمَّينا مِن الصحابةِ، ولا مُخالِفَ لهم، فيكونُ إجْماعًا، ولأنَّه قَصَد به التَّحْلِيلَ، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَطَه. أمَّا حديثُ ذِي الرُّقْعَتَين، فقال أحمدُ: ليس له إسْنَادٌ. يَعْنِي أنَّ ابنَ سِيرِينَ لم يَذْكُرْ إسْنادَه إلى عمرَ. وقال أبو عُبَيدٍ: هو مُرْسَلٌ. فأين هو مِن الذي سَمِعُوه يَخْطُبُ به على المِنْبَرِ: لا أُوتَى بمُحَلِّلٍ ولا مُحَلَّل له إلَّا رَجَمْتُهُما. ولأنَّه ليس فيه أنَّ ذا الرُّقْعَتَين قَصَد التَّحْلِيلَ، ولا نَواه، وإذا كان كذلك، لم يَتَنَاوَلْ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
فصل: فإن شُرِطَ عليه أن يُحِلَّها قبلَ العَقْدِ، فنَوَى بالعَقْدِ غيرَ ما شَرَطُوا عليه، وقَصَد نِكاحَ رَغْبَةٍ، صَحَّ العقدُ؛ لأنَّه خَلَا عن نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وشَرْطِه، فصَحَّ، كما لو لم يُذْكَرْ ذلك، وعلى هذا يُحْمَلُ حديث ذي الرُّقْعَتَين. فإن قَصَدَتِ المرأةُ أو وَلِيُّها التَّحْليلَ دُونَ الزَّوْجِ، لم يُؤثِّرْ ذلك
(1) في: باب ما جاء في المحلل والمحلل له. سنن سعيد 2/ 50، 51.كما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 6/ 267 مختصرًا، 268. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 209. وضعفه في الإرواء 6/ 312.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في العَقْدِ. وقال الحسنُ، وإبراهيمُ: إذا هَمَّ أحَدُ الثَّلَاثَةِ، فَسَد النِّكاحُ. قال أحمدُ: كان الحسنُ وإبراهيمُ والتابعون، يُشَدِّدُونَ [في ذلك] (1). قال أحمدُ: الحَدِيثُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أتُرِيدِينَ أنْ تَرْجعِي إلَى رِفَاعَةَ؟» (2). ونِيَّةُ المرأةِ ليس بشيءٍ، إنَّما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ لَهُ» . ولأنَّ العقدَ إنَّما يَبْطُلُ بنِيَّةِ الزَّوْجِ؛ لأنَّه الذي إليه المُفارَقَةُ والإِمْساكُ، أمَّا المرأةُ فلا تَمْلِكُ رَفْعَ العَقْدِ، فوُجُودُ نِيَّتها وعَدَمُها سَواءٌ، وكذلك الزَّوْجُ الأوَّلُ لا يَمْلِكُ شيئًا مِن العَقْدِ، ولا مِن رَفْعِه، فهو أجْنَبِيٌّ كسائرِ الأجانِبِ. فإن قِيلَ: فكَيفَ لَعَنَه النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: إنَّما لَعَنَه إذا رَجَع إليها بذلك التَّحْلِيلِ؛ لأنَّها لم تَحِلَّ له، فكان زانِيًا، فاسْتَحَقَّ اللَّعْنَةَ لذلك.
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب من أجاز طلاق الثلاث، من كتاب الطلاق، وفي: باب الإزار المهدب، من كتاب اللباس، وفي: باب التبسم والضحك، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 7/ 55، 184، 8/ 27. ومسلم، في: باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح. . . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1055، 1056. والترمذي، في: باب ما جاء في من يطلق امرأته. . . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 42. وابن ماجه، في: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا. . . .، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 621، 622. والدارمي، في: باب ما يحل المرأة لزوجها. . . .، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي 2/ 161، 162. والإمام مالك، في: باب نكاح المحلل وما أشبهه، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 531. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 34، 37، 38، 226، 227.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنِ اشْتَرَى عبدًا فزَوَّجَها إيَّاه، ثم وَهَبَها العَبْدَ أو بَعْضَه ليَنْفسِخَ النِّكاحُ بمِلْكِها، لم يَصِحَّ. قال أحمدُ في روايةِ حَنْبَل: إذا طَلَّقَها ثَلاثًا، وأرادَ أن يُراجِعَها، فاشترَى عبدًا وزَوَّجَها إيَّاه، فهذا الذي نَهَى عنه عمرُ، يُؤدَّبان جَمِيعًا، وهذا فاسدٌ، ليس بكُفْءٍ، وهو شِبْهُ المُحَلِّلِ. وعَلّلَ أحمدُ فَسادَه بشَيئَين؛ أحَدُهما، أنَّه شِبْهُ المُحَلِّلِ؛ لأنَّه إنَّما زَوَّجَها إيَّاه ليُحِلَّها (1) له. والثاني، كَوْنُه ليس بكُفْءٍ لها. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ النِّكاحُ إذا لم يَقْصِدِ العَبْدُ التَّحْلِيلَ؛ لأنَّ المُعْتَبَر في الفَسادِ نِيَّةُ الزَّوْجِ لا نِيَّةُ غيرِه، [ولم يَنْو](2).
(1) في م: «لتحل» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ونِكاحُ المُحَلِّلِ فاسِدٌ، تَثْبُتُ فيه أحكامُ العُقُودِ الفاسدةِ (1)، ولا يَحْصُلُ به الإِحْصانُ، ولا الإِباحَةُ للزَّوْجِ الأوَّل، كما لا يَثْبُتُ في سائِرِ العُقُودِ الفاسدةِ. فإن (2) قيلَ: قد سَمَّاه النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُحَلَّلًا، [وسَمَّى الزَّوْجَ مُحَلَّلًا له، ولو لم يَحْصُلِ الحِلّ لم يَكُنْ مُحَلَّلًا ولا مُحَلَّلًا له. قُلْنا: سَمَّاه مُحَلَّلًا](3) لأنَّه قَصَد التَّحْلِيلَ في مَوْضِعٍ لا
(1) بعده في م: «فإنه قن» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: الأصل.
الثَّالِثُ، نِكَاحُ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ أن يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ،
ــ
يَحْصُلُ فيه الحِلُّ، كما قال:«مَا آمَنَ بالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ» (1). وقال اللهُ تعالى: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} (2). ولو كان مُحَلَّلًا (3) في الحقيقةِ والآخرُ مُحَلَّلًا له، لم يكونا مَلعُونين.
(الثالثُ، نِكاحُ المُتْعَةِ، وهو أن يَتَزَوَّجَها إلى مُدَّةٍ) مثلَ أن يقولَ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي شَهْرًا -أو- سَنَةً -أو- إلى انْقِضاءِ المَوْسِمِ -أو (4) - قُدُومِ الحاجِّ. وشِبْهه، سَواءٌ كانتِ المُدَّةُ مَعْلُومَةً أو مَجْهُولَةً، فهو باطِلٌ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: نِكاحُ المُتْعَةِ حَرامٌ. وقال أبو بكْرٍ: فيها رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّها مَكْرُوهَةٌ غيرُ حرام، لأنَّ ابنَ مَنْصُورٍ سَأل أحمدَ عنها، فقال: يَجْتَنِبُها أحَبُّ إليَّ. قال: فظاهِرُ هذا الكَرَاهةُ دُونَ التَّحْريمِ. وغيرُ أبي بكرٍ مِن أصْحابِنا يَمْنَعُ هذا، ويقولُ: المسألةُ روايةٌ واحدةٌ في تَحْرِيمِها. وهذا قولُ عامَّةِ الصحابةِ والفُقَهاءِ. ومِمَّن رُوِيَ (5) عنه
(1) أخرجه الترمذي، في: باب حدثنا محمود بن غيلان، من أبراب فضائل القرآن. عارضة الأحوذي 11/ 40. وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي. وانظر ضعيف سنن الترمذي 352.
(2)
سورة التوبة 37.
(3)
في الأصل: «محلا» .
(4)
في م: «و» .
(5)
بعده في الأصل: «ذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَحْرِيمُها؛ عمرُ، وعليٌّ، [وابنُ عمرَ](1)، وابنُ مسعودٍ، وابنُ الزُّبَيرِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (2): وعلى تَحْرِيمِ المُتْعَةِ مالكٌ، وأهلُ المدينةِ، وأبو حنيفةَ في أهلِ الكوفةِ، والأوْزاعِيُّ في أهلِ الشامٍ، واللَّيثُ في أهلِ مصْرَ، والشافعي، وسائِرُ أصحابِ الآثارِ. وقال زُفرُ: يَصِحُّ النِّكاحُ، ويَبْطُلُ الشَّرْطُ. وحُكِيَ [عن ابنِ عباسٍ، أنَّها جائزةٌ. وعليه أكثَرُ أصْحابِه؛ عطاء، وطاوسٌ. وبه قال ابنُ جُرَيجٍ. وحُكِيَ](3) ذلك عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، وجابر. وإليه ذَهَب الشِّيعَةُ؛ لأنَّه قد ثَبَت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِنَ فيها. ورُوِيَ أنَّ عمرَ قال: مُتْعَتان كانَتَا على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهَى عنهما، وأُعاقِبُ عليهما؛ مُتْعَةُ النساءِ، ومُتْعَةُ الحَجِّ (4). ولأنَّه عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ، فجازَ مُؤقَّتًا، كالإِجارَةِ. ولَنا، ما روَى الرَّبِيعُ بنُ سَبْرَةَ أنَّه قال: أشْهَدُ على أبي، أنَّه حَدَّث أنَّ رسولَ اللهِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: التمهيد 10/ 121، الاستذكار 16/ 300.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
أخرجه البيهقي، في: باب نكاح المتعة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 206.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم نَهَى عنه (1) في حَجَّةِ الوَداعِ (2). وفي لَفْظٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّم مُتْعَةَ النساء. رَواه أبو داودَ (3). وفي لفظٍ رَواه ابنُ ماجَه (4)، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«يَا أيُّها النَّاسُ، إنِّي كُنْتُ قد (5) أذِنْتُ لَكُمْ فِي الاسْتِمْتَاعِ، ألا وإنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وروَى سَبْرَةُ: أمَرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمُتْعَةِ عامَ الفَتْحِ حينَ دخَلْنا مَكَّةَ، فلَم نَخْرُجْ حتى نَهانا عنها. رَواه مسلم (6). ورِوَى عليُّ بنُ أبي طالبٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن مُتْعَةِ النِّساءِ يَوْمَ خيبَرَ، وعن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ. مُتَّفَقٌ عليه، ورَواه مالكٌ في «المُوَطَّأ» ، وأخْرَجَه الأئِمَّةُ، النَّسَائِيُّ
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح. . . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1026، 1027. وأبو داود، في: باب في نكاح المتعة، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 478، 479. والنسائي، في: باب تحريم المتعة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 103. والدارمي، في: باب النهي عن متعة النساء، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 140. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 404، 405.
(3)
في: باب في نكاح المتعة، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 479.
(4)
في: باب النهي عن نكاح المتعة، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 631.
كما أخرجه مسلم، في: باب نكاح المتعة. . . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1025. والدارمي، في: باب النهي عن متعة النساء، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 140. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 406.
(5)
سقط من: م.
(6)
في: باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ. . . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1025، 1027.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرُه (1). واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في الجَمْعِ بينَ هذين الخَبَرَين، فقال قومٌ: في حديثِ عليٍّ تَقْدِيمٌ وتَأخِيرٌ، وتقديرُه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ يومَ خيبَرَ، ونهَى عن مُتْعَةِ النِّساءِ، ولم يَذْكُرْ مِيقاتَ النَّهْي عنها، وقد بَيَّنه الرَّبيعُ بنُ سَبْرَةَ في حَدِيثه، أنَّه كان في حَجَّةِ الوَداعِ. حَكاه الإِمامُ أحمدُ عن قومٍ، وذَكَرَه ابنُ عبدِ البَرِّ (2). وقال الشافعيُّ: لا أعْلَمُ شيئًا أحَلَّه اللهُ ثم حَرَّمَهُ، ثم أحَلَّه [ثم حَرَّمَه](3)، إلَّا المُتْعَةَ. فحَمَلَ الأمْرَ على ظاهِرِه، وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَها يَوْمَ خيبرَ، ثُم أحَلَّها في حَجَّةِ الوَداعِ ثَلاثَةَ أيامٍ، ثم حَرَّمَها. ولأنَّه لا (4) يَتَعَلَّقُ بها أحكامُ النِّكاحِ؛ مِن
(1) أخرجه البخاري، في: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازي، وفي: باب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرًا، من كتاب النكاح، وفي: باب لحوم الحمر الإنسية، من كتاب الذبائح. صحيح البخاري 5/ 173، 7/ 16، 123. ومسلم، في: باب نكاح المتعة. . . .، من كتاب النكاح، وفي: باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، من كتاب الصيد. صحيح مسلم 2/ 1027، 1028، 3/ 1537، 1538.والترمذي، في: باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 48. والنسائي، في: باب تحريم المتعة، من كتاب النكاح، وفي: باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، من كتاب الصيد. المجتبى 6/ 102، 103، 7/ 179. وابن ماجه، في: باب النهي عن نكاح المتعة، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 631. والدارمي، في: باب في لحوم الحمر الأهلية، من كتاب الأضاحي، وفي: باب النهي عن متعة النساء، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 86، 140. والإمام مالك، في: باب نكاح المتعة، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 542. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 79.
(2)
في: التمهيد 10/ 103، الاستذكار 16/ 290.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّلاقِ، والظِّهارِ، واللِّعانِ، والتَّوَارُثِ، فكان باطِلًا، كسائرِ الأنْكِحَةِ الباطلةِ. وأمَّا قولُ ابنِ عباسٍ، فقد حُكِيَ عنه الرُّجُوعُ عنه (1)، فرَوَى أبو بكرٍ، بإسنادِه عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، قال: قلتُ لابنِ عباسٍ لقد [أكْثَرَ النَّاسُ](2) في المُتْعَةِ، حتى قال فيها الشاعرُ (3):
أقولُ وقد طال الثَّواءُ بِنَا مَعًا
…
يا صَاحِ هَلْ لكَ في فُتْيَا ابنِ عباسِ
هَل لَكَ في رَخْصَةِ الأطْرَافِ آنِسَةٍ
…
تكونُ مَثْواكَ حتى مَصْدَرِ الناسِ (4)
فقام خَطِيبًا، فقال: إنَّ المُتْعَةَ كالمَيتَةِ والدَّمِ ولَحْمِ الخِنْزِيرِ (5).
وعن محمدِ بنِ كعبٍ، عنِ ابنِ عباسٍ، قال: إنَّماكانتِ المُتْعَةُ في أوَّلِ الإِسْلامِ، كان الرجلُ يَقْدَمُ البَلْدَةَ ليس فيها مَعْرِفَةٌ، فيَتَزَوَّجُ المرأةَ بقَدْرِ ما يَرَى (6) أنَّه يُقِيمُ، فتَحْفَظُ له مَتاعَه، وتُصْلِحُ له شَيئَه (7)، حتى نَزَلَتْ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «كثرت» .
(3)
أورد ابن قتيبة الحديث والبيتين ولم ينسبهما. عيون الأخبار 4/ 95.
(4)
في الأصل: «الأطراق» ، «آيسة» .
(5)
أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 205. وانظر الإرواء 6/ 318، 319.
(6)
في م: «يدرى» .
(7)
في م: «شأنه» . والمثبت من الأصل، وهو عند الترمذي، في: باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 49، 50.
وبلفظ: «شأنه» . أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 205، 206. والحديث ضعفه الحافظ في الفتح 9/ 148.