الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لَهُمْ تَزْويجُ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ. وَعَنْهُ، لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ. وَعَنْهُ، لَهُمْ تَزْويجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ بِإِذْنِهَا.
ــ
القِسْمِ الثاني على ما بَيَّنَّا. وقال أبو الخَطَّابِ: لهم تَزْويجُها في الحالِ التي يَمْلِكُ الحاكمُ تَزْويجَ مُوَلِّيَته فيها. وهذا قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ وِلايَتَهم مُقَدَّمَةٌ على ولايَةِ الحاكِم، فقُدِّمُوا عليه في التَّزْويجِ، كما لو كانت عاقلةً. ووَجْهُ قولِ القاضي، أنَّ الحاكِمَ هو النَّاظِرُ في مالِها دُونَهم، فكان وَلِيًّا دُونهم، كتَزْويجِ أَمَتِها، ولأنَّ هذا دَفْعُ حاجَةٍ ظاهرةٍ، فكانت إلى الحاكِمِ، كدَفْعِ حاجَةِ الجُوعِ والعُرْيِ. فإن كان وَصِيٌّ (1) في مالِها، لم يَمْلِكْ تَزْويجَها؛ لأنَّه لا ولايَةَ له (2)، والحكمُ في تَزْويجِها حُكْمُ مَن وَلِيُّها غيرُ الأبِ والحاكِمَ، كما ذكَرنا.
3096 - مسألة: (وليس لهم تَزْويجُ صغيرةٍ بحالٍ)
لما رُوِيَ أنَّ قُدامَةَ بنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ ابْنَةَ أخِيه مِن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، فرُفِعَ ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:«إنَّهَا يَتِيمَةٌ وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بإذْنِهَا» (3). [والصغيرةُ](4) لا إذن لها (وعن أحمدَ) أنَّ (لهم ذلك، ولها الخِيارُ إذا بَلَغَتْ) وهو قولُ الحسنِ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وعَطاءٍ، وطاوُسٍ،
(1) في النسختين: «وصيا» . وانظر المغني 9/ 413.
(2)
بعده في المغني 9/ 413: «في نكاحها» .
(3)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 130. والدارقطني 3/ 230. والبيهقي 7/ 120.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقَتادَةَ، وابنِ شُبْرُمَةَ، والأوْزاعِيِّ، وأبي حنيفةَ. وقال هؤلاء غيرَ (1) أبي حنيفةَ: إذا زَوَّجَ الصَّغِيرَين غيرُ الأبِ، فلهما الخِيارُ إذا بَلَغَا؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (2). مَفْهُومُه أنَّه إذا لم يَخفْ فله تَزْويجُ اليَتِيمَةِ، واليَتِيمَةُ التي لم تَبْلُغْ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» (3). قال عُرْوَةُ: سألتُ عائشةَ عن قولِ اللهِ تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} . قالتْ: يا ابنَ أُخْتِي، هذه اليَتِيمَةُ تكونُ في حِجْرِ وَلِيِّها، يُعْجِبُه مالُها وجمالُها، يُرِيدُ أن يَتَزَوَّجَها بغيرِ أن يُقْسِطَ في صَداقِها، فيُعْطِيَهَا مثلَ ما يُعْطِيها غيرُه، فنُهوا عن نِكاحِهِنَّ إلَّا أن يُقْسِطُوا فِيهنَّ، ويَبْلُغوا
(1) في النسختين: «عن» . وانظر المغني 9/ 402.
(2)
سورة النساء 3.
(3)
تقدم تخريجه في 10/ 68.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعْلَى (1) سُنَّتِهِنَّ في الصَّداقِ. مُتَّفَقٌ عليه (2). ورَوَتْ عائشةُ أنَّ جاريةً بِكْرًا زَوَّجَها أبُوها وهي كارِهَةٌ، فَخَيَّرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم (3). الحدِيثُ مُرْسَلٌ. والثالثةُ، لهم تَزْويجُها إذا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ؛ لقول رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«تُسْتَأْمَرُ اليَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُها، وإنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيهَا» . رَواه أبو داودَ (4). وقد انْتَفَى الإِذْنُ في مَن لم تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ، فيَجِبُ حَمْلُه على مَن بلَغَتْ تِسْعًا.
(1) في الأصل: «على» .
(2)
أخرجه البخاري، في: باب شركة اليتيم وأهل الميراث، من كتاب الشركة، وفي: باب قول الله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ. . . .} ، من كتاب الوصايا، وفي: باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} ، من كتاب التفسير، وفي: باب الترغيب في النكاح، وباب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية، وباب لا يتزوج أكثر من أربع. . . .، وباب إذا كان الولي هو الخاطب. . . .، وباب تزويج اليتيمة. . . .، من كتاب النكاح، وفي: باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة. . . .، من كتاب الحيل. صحيح البخاري 3/ 183، 4/ 11، 6/ 53، 54، 7/ 3، 10، 11، 21، 23، 24، 9/ 31. ومسلم، في: كتاب التفسير. صحيح مسلم 4/ 2313، 2314.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 477. والنسائي، في: باب القسط في الأصدقة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 95.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 121 من حديث ابن عباس. وحديث عائشة تقدم في صفحة 123.
(4)
في: باب في الاستئمار، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 483.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج. من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 29. والنسائي، في: باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 71، 72. والدارمي، في: باب في اليتيمة تزوج نفسها، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 138. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 261، 334، 2/ 259، 475، 4/ 394، 408، 411.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ للأبِ اسْتِئْذانُ ابْنَتِه البِكْرِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ به، ونَهَى عن الإِنْكاحِ بدُونِه، وأقَلُّ أحْوالِ ذلك الاسْتِحْبابُ، ولأنَّ فيه تَطْييبَ قَلْبِها، وخُرُوجًا مِن الخِلافِ، وقالت عائشةُ: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الجارِيَةِ يُنْكِحُها أهْلُها (1)، أتُسْتَأْمَرُ أم لا؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ، تُسْتَأْمَرُ» (2). وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَأْمِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبضَاعِهِنَّ» . قيل (3): فَإنَّ البِكْرَ تَسْتَحْيي فتَسْكُتُ. قال (3): «فَهُوَ إذْنُهَا» (4). مُتَّفَقٌ عليهما (5). ورُوِيَ عن عطاءٍ قال: كان النبيُّ
(1) في الأصل: «أبوها» .
(2)
أخرجه مسلم، في: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق. . . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1037، وهذا لفظه. وأخرجه البخاري مختصرًا، في: باب لا يُنْكِح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، من كتاب النكاح، وفي: باب في النكاح، من كتاب الحيل. صحيح البخاري 7/ 23، 9/ 33. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 165.
(3)
سقط من النسختين، والمثبت من المجتبى والمسند.
(4)
بهذا اللفظ أخرجه النسائي، في: باب إذن البكر، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 70. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 45، 203. وبنحوه أخرجه البخاري، في: باب لا يجوز نكاح المكره. . . .، من كتاب الإكراه. صحيح البخاري 9/ 26، 27.
(5)
هما حديث واحد، انظر فتح الباري 9/ 192.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُ بَناتِه إذا أنْكَحَهُنِّ. قال: كان يَجْلِسُ عندَ خِدْرِ المَخْطُوبَةِ فيقولُ: «إنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ فُلَانةَ» . فإن حَرَّكَتِ الخِدْرَ لم يُزَوِّجْها، وإن سكَتَتْ زَوَّجَها (1). ويُسْتَحَبُّ اسْتِئْذانُ المرأةِ في تَزْويجِ ابْنَتِها؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» (2). ولأنَّها تُشارِكُه في النَّظَرِ لبِنْتِها وتَحْصِيلِ المَصْلَحَةِ لها؛ لشَفَقَتِها عليها، وفي اسْتِئْذانِها تَطْيِيبُ قَلْبِها وإرْضاؤُها، فيكونُ أوْلَى.
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 6/ 141، بلفظه عن المهاجر بن عكرمة، وبنحوه عن عطاء في 144. ووصله البيهقي عن أبي هريرة وابن عباس، في: السنن الكبرى 7/ 123 ورجح إرساله. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 78 من حديث عائشة بنحوه.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 123.