الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَمَّا الْأَمَةُ، فَوَلِيُّهَا سَيِّدُهَا،
فَإِنْ كَانَتْ لِامْرأَةٍ، فَوَلِيُّهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا، وَلَا يُزَوِّجُهَا إلا بِإِذْنِهَا.
ــ
قال شيخُنا (1): والصَّحيحُ أنَّ هذا (2) القَوْلَ [مُخْتَصٌّ بحالِ](3) عَدَمِ الوَلِيِّ والسلطانِ، لأنَّه شَرَط أنْ لا يكونَ في الرُّسْتاقِ قاضٍ. [ووَجْهُ ذلك](4) أنَّ اشْتِراطَ الوَلِيِّ ههُنا يَمْنَعُ النِّكاحَ بالكُلِّيَّةِ، فلم يَجُزْ، كاشْتِراطِ المُناسِبِ في حَقِّ مَن لا مُناسِبَ لها. ورُوِيَ عنه أنَّه لا يَجُوزُ النِّكاحُ إلَّا بوَلِيٍّ، لعُمُومِ الأخْبارِ فيه.
3108 - مسألة: (ووَلِيُّ الأمَةِ سَيِّدُها)
إذا كان مِن أهْلِ ولايَةِ التَّزْويجِ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، لأنَّه مالِكُها، وله التَّصَرُّفُ في رَقَبَتِها بالبَيعِ، ففي التَّزْويجِ أوْلَى، [وقد ذَكَرْنا ذلك](5).
3109 - مسألة: (فإن كانت لامرأةٍ، فَوَلِيُّها وَلِيُّ سَيِّدَتِها، ولا
(1) في: المغني 9/ 362.
(2)
بعده في م: «من» .
(3)
في م: «بحال» .
(4)
في م: «ووجهه» .
(5)
«ولا يزوجها إلا بإذنها» . وانظر ما تقدم في صفحة 129.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُزَوِّجُهَا إلَّا بإذْنِها) اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ في مَن يُزَوِّجُ أمَةَ المرأةِ، فرُويَ عنه أنَّه يَلِي نِكاحَها وَلِيُّ سَيِّدَتِها. قال القاضي: هذا هو الصَّحيحُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ مُقْتَضَى الدَّليلِ كَوْنُ الولايةِ لها، فامْتَنَعَتْ في حَقِّها لقُصُورِها، فتَثْبُتُ لأوْليائِها، كولايةِ نَفْسِها، ولأنَّهم يَلُونَها لو عَتَقَتْ، ففي حالِ رِقِّها أوْلَى. فإن كانت سَيِّدَتُها رَشِيدَةً، لم يَجُزْ تَزْويجُ أمَتِها إلَّا بإذْنِها؛ لأنَّها مالُها، ولا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ في مالِ رَشِيدٍ بغيرِ إذْنِه، ويُعْتَبَرُ (1) نُطْقُها بذلك وإن [كانت بِكْرًا؛ لأنَّ صُمَاتَها إنَّما اكْتُفِيَ به في تَزْويجِ نَفْسِها لحيائِها، ولا تَسْتَحِي مِن تَزْويجِ غيرِها، وإن](2) كانت صغيرةً أو مجنونةً أو سَفِيهةً، ولوَلِيِّها ولايةٌ على مالِها، فله تَزْويجُ أمَتِها إن كان الحَظُّ في تَزْويجِها، [وإلَّا لم يَمْلِكْ تَزْويجَها وكذلك الحكمُ في أمَةِ ابْنِه الصَّغِيرِ. وقال بعضُ الشَّافِعِيَّةِ: ليس له تَزْويجُها بحالٍ، لأنَّ] (2)[فيه تَغْرِيرًا بمالِ الصغيرِ؛ لأنَّها رُبَّما حَمَلَتْ وتَلِفَتْ. ولَنا، أنَّ له التَّصَرُّفَ بما فيه الحَظُّ، والتَّزْويجُ ههُنا](3) فيه الحَظُّ، لأنَّ (4) الكلامَ فيه، فجازَ، كسائرِ التَّصَرُّفاتِ الجائِزَةِ، [واحتِمالُ المحظورِ](5) مَرْجُوحٌ بما فيه مِن تَحْصِيلِ مَهْرِها ووَلَدِها وَكِفايَةِ
(1) في م: «بغير» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
بعده في الأصل: «له» .
(5)
في م: «وإهمال الحظر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُؤْنَتِها، وصيانَتِها عن الزِّنَى المُوجِبِ للحَدِّث حَقِّها، ونَقْصِ قِيمَتِها، والمَرْجُوحُ كالمَعْدُومِ. فإن كان وَلِيُّها في مالِها غيرَ وَلِيِّ تَزْويجِها، فولايَةُ تَزْويجِها للوَلِيِّ في المالِ دُونَ وَلِيِّ التَّزْويجِ؛ لأنَّه المُتَصَرِّف في المالِ، وهي مالٌ. ورُوِيَ عن أحمدَ رِوايةٌ ثانيةٌ، أنَّ للمرأةِ أن تُوَلِّيَ أمْرَ أمَتِها رجلًا يُزَوِّجُها نَقَلَها عن أحمدَ جماعةٌ؛ لأنَّ سَبَبَ الولايةِ المِلْكُ، وقد تحَقَّقَ في المرأةِ، وامْتَنَعَتِ المُباشَرَةُ لنَقْصِ الأنُوثِيَّةِ، فمَلَكَتِ التَّوكِيلَ، كالرجلِ المريضِ (1) والغائِب. ونُقِلَ عن أحمدَ كلام يَحْتَمِلُ رِواية ثالثةً، وهو أنَّ [سَيِّدَتها تُزَوِّجُها](2)، فإنَّه قِيلَ له: تُزَوِّجُ أَمَتَها؟ قال: قد قِيلَ ذلك، هي مالُها. وهذا يَحْتَمِلُ أنَّه ذهَب إليه. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّها، تَمْلِكُها، وولايتُها تامَّةٌ عليها، فمَلَكَتْ تَزْويجَها، كالسَّيِّدِ، ولأنَّها تَمْلِكُ بَيعَها وإجارَتَها، فمَلَكَتْ تَزْويجَها، كسَيِّدِها، ولأنَّ الولايةَ إنَّما ثَبَتَتْ على المرأةِ لتَحْصِيلِ الكَفاءَةِ، صِيانَةً لحَظِّ الأوْلِياءِ في تَحْصِيلِها، فلا تَثْبُتُ عليها الولايةُ في أمَتِها؛ لعَدَمِ اعْتِبارِ الكَفاءَةِ، وعدمِ الحَقِّ للأوْلياءِ فيها (3). ويَحْتَمِلُ أنَّ أحمدَ قال هذا حِكايةً لمذهبِ (4) غيرِه، فإنَّه قال في سِياقِها: أحَبُّ إليَّ أن تَأْمُرَ زَوْجَها؛ لأنَّ النِّساءَ لا يَعْقِدْنَ. وقد روَى أبو هُرَيرَةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لَا تُنْكِحُ المَرأةُ
(1) في م: «والمريض» .
(2)
في النسختين: «سيدها يزوجها» . والمثبت كما في المغني 9/ 379.
(3)
في الأصل: «فيه» .
(4)
في الأصل: «كمذهب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَرأةَ» (1). وقالتْ عائشةُ: زَوِّجُوا، فإنَّ النِّساءَ لا يُزَوِّجْنَ، واعْقِدُوا، فإنَّ النِّساءَ لا يَعْقِدْنَ (2). ولأنَّ المرأةَ لا تَمْلِكُ تَزْويجَ نَفْسِها، فغيرها أوْلَى.
فصل: ويُزَوِّجُ عَتِيقَتَها (3) مَن يُزَوِّجُ أمَتَها. ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. وفيها رِوَايتان؛ إحْدَاهما، لمَوْلاتِها أن تُوَكِّلَ رجلًا في تَزْويجها؛ لأنَّها عَصَبَتُها، وتَرِثُها، فأشْبَهَتِ المُعْتِقَ (4). والثانيةُ، يُزَوِّجُها وَلِيُّ سَيِّدَتِها. وهي أصَحُّ؛ لأنَّ هذه ولايَةُ لنِكاحِ حُرَّةٍ (5)، والمرأةُ ليست مِن أهلِ ذلك، فيكونُ إلى عَصَبَتِها؛ لأنَّهم الذين يَعْقِلُونَ عنها، ويَرِثُونَها بالتَّعْصِيبِ عندَ عَدَمِ سَيِّدَتِها، فكانوا أولياءَها، كما لو تَعَذَّرَ على المُعْتِقِ تَزْويجُ عَتِيقَتِه. وقد ذَكَرْنا أنَّه إذا اتْقَرَضَ العَصَبَةُ مِن النَّسَبِ، وَلِيَ المَوْلَى المُعْتِقُ (4) ثم عَصَباتُه، الأقْرَبُ فالأقْرَبُ، كذا ههُنا، إلَّا أنَّ الظَّاهِرَ مِن كلامِ الخِرَقِيِّ ههُنا تَقْدِيمُ أبي المُعْتِقَةِ على ابْنِها؛ لأنَّه أوْلَى بتَزْويجِها، وقد قال (5): يُزَوِّجُ مُعْتَقَتَها (6) مَن يُزَوِّجُ أمَتَها، ويُزَوِّجُ أمَتَها مَن
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب لا نكاح إلا بولي، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 606. والدارقطني، في: كتاب النكاح. سنن الدارقطني 3/ 227، 228. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 110. وانظر الإرواء 6/ 248، 249.
(2)
أخرجه بنحوه الشافعي في مسنده. ترتيب مسند الشافعي 2/ 13.
(3)
في الأصل: «عتيقها» .
(4)
في الأصل: «العتق» .
(5)
سقط من: م.
(6)
في الأصل: «معتقها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُزَوِّجُها. وقد ذَكَرْنا أنَّ ابنَ المُعْتِقَةِ أوْلَى بتَزْويجِ عَتِيقَتِها (1) مِن أبِيها. ويُعْتَبَرُ في ولايَتِه (2) شَرْطان، أحَدُهما، عَدَمُ العَصَبَةِ مِن النَّسَب؛ لأنَّ المُناسِبَ أقْرَبُ مِن المُعْتِقِ وأوْلَى منه. الثاني، إذْنُ المُزَوَّجَةِ، لأنَّها حُرَّةٌ وليست له ولايةُ إجْبارٍ، فإنَّه أبْعَدُ العَصَباتِ. ولا [يَفْتَقِرُ إلى](3) إذْنِ مَؤلاتِها؛ لأنَّه لا ولايةَ لها ولا مِلْكَ، فأشْبَهَتِ القَرِيبَ الطفْلَ إذا زَوَّجَ البعيدُ.
فصل: فإن كان للأمَةِ مَوْلًى، فهو وَلِيُّها، وإن كان لها مَوْليان، اشْتَركَا في الولايةِ، وليس لواحدٍ منهما الاسْتِقْلالُ بها بغيرِ إذْنِ صاحِبِه، لأنَّه لا يَمْلِكُ إلَّا بعضَها، وإنِ اشْتَجَرَا لم يَكُن للسلطانِ ولايةٌ؛ لأنَّ تَزْويجَها تَصَرُّفٌ في المالِ، بخِلافِ الحُرَّةِ، فإن نِكاحَها حَقٌّ لها، ونَفْعَهُ عائِد إليها، ونِكاحُ الأمَةِ حَقٌّ لسَيِّدِها، نَفْعُه عائِدٌ إليه، فلم يَنُبِ السُّلْطانُ عنه فيه. فإن أعْتَقاهَا ولها عَصَبَةٌ مُناسِبٌ، فهو أوْلَى منهما، وإن لم يَكُنْ لها عَصَبَةٌ، فهُما وَلِيَّاهَا، ولا يَسْتَقِلُّ أحَدُهما بالتَّزْويجِ، لأنَّ ولايَتَه على بَعْضِها. فإنِ اشْتَجَرَا، أقامَ الحاكِمُ مُقامَ المُمْتَنِعِ منهما، لأنَّها صارت حُرَّةً، وصار نِكاحُها حَقًّا لها. وإن كان المُعْتِقُ أو المُعْتِقَةُ واحدًا، وله عَصبَتان، كالأبنَين والأخَوَين، فلأحَدِهما الاستِقْلالُ بتَزْويجِها، كما يَمْلِكُ تَزْويجَ سَيِّدَتِها.
(1) في الأصل: «عتيقها» .
(2)
في م: «ولايتها» .
(3)
في م: «يعتبر» .