الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسَّيِّدُ لَهُ تَزْويجُ إمَائِهِ الأبْكَارِ والثيبِ وَعَبِيدِهِ الصِّغَارِ بِغَيرِ إِذْنِهِمْ،
ــ
إجْبارُها عليه، كالرجلَ.
فصل: فأمَّا الثيبُ (1) الصَّغِيرَهُّ، ففيها وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَجُوزُ تَزْويجُها. وهو ظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ. واخْتِيارُ ابنِ حامدٍ، وابنِ بَطَّةَ، والقاضي، ومَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لعُمُوم الأخْبارِ، ولأنَّ الإجْبارَ يَخْتَلِفُ بالبَكارَةِ والثيوبَةِ، لا بالصِّغَرِ والكِبَرِ، كما اخْتَلَفَ في صِفَةِ الإِذْنِ، ولأنَّ في تَأخِيرِها فائِدَةً، وهي أن تَبْلُغَ فتَخْتارَ لنَفْسِها ويُعْتَبَرَ إذنها، بخِلاف البِكْرِ. الوَجْهُ الثاني، أنَّ لأبِيها تَزْويجَها، ولا يَسْتَأمِرُها. اخْتارَه أبو بكر عبدُ العزيزِ. وهو قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّها صغيرة، فجازَ إجْبارُها، كالبِكْرِ والغُلامِ. يُحَقِّقُ ذلك أنَّها لا تَزِيدُ بالثيوبَةِ على ما حَصَل للغُلامِ بالذُّكُورِيَّةِ، ثم الغُلامُ يُجْبَرُ إذا كان صغيرًا، فكذلك هذه، والأخْبارُ مَحْمُولَة على الكبيرةِ، فإنَّه جَعَلَها أحَقَّ مِن وَلِيِّها، والصَّغِيرَةُ لا حَقَّ لها. ويَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثالثٌ، وهو أنَّ ابْنَةَ تِسْع يُزَوِّجُها وَلِيُّها بإذْنِها، ومَن دُونَ ذلك على ما ذَكَرْنا مِن الخِلافِ؛ لما ذَكَرْنا في البِكْرِ. واللهُ أعلمُ.
3093 - مسألة: (وللسَّيِّدِ تَزْويجُ إمائِه الثيبِ والْأبْكَارِ، وعَبِيدِه
(1) في الأصل: «البنت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصِّغَارِ، بغَيرِ إذْنِهِم) لا نَعْلَمُ خِلافًا في أنَّ (1) السَّيِّدَ إذا زَوَّجَ أمَتَه [بغيرِ إذْنِها](2) أنَّه يَصِحُّ، ثيِّبًا كانت أو بِكْرًا، صغيرةً أو كبيرةً؛ وذلك لأنَّ مَنافِعَها مَمْلُوكَةٌ له، والنِّكاحُ عَقْد على مَنْفَعَتِها (3)، فأشْبَهَ عَقْدَ الإِجارَةِ، ولذلك مَلَك الاسْتِمْتاعَ بها، وبهذا فارَقَتِ العَبْدَ، ولأنَّه يَنْتَفِعُ بذلك لِما يَحْصُلُ له مِن مَهْرِها ووَلَدِها، وتَسْقُطُ عنه نَفَقَتُها وكُسْوَتُها، بخلافِ العَبْدِ. والمُدَبَّرةُ والمُعَلَّقُ عِتْقُها بصِفَةٍ وأمُّ الوَلَدِ كالأمَةِ في إجْبارِها على النِّكاحِ. وقال مالك في آخِرِ أمْرِه: ليس له تَزْويجُ أمِّ وَلَدِه بغيرِ إذْنِها. وكرهَه رَبِيعَةُ. وللشافعيِّ قَوْلان. وقد ذَكَرْنا ذلك فيما مَضَى. ولَنا، أنَّها مَمْلُوكَتُه، يَمْلِك الاستِمْتاعَ بها وإجارَتَها، فمَلَكَ تَزْويجَها، كالقِنِّ. وإذا مَلَك أخْتَه مِن الرَّضاعِ أو مَجُوسِيَّةً، فله تَزْويجُهما (4) وإن كانتا مُحَرَّمَتَين عليه، لأنَّ مَنافِعَهما مِلْكُه، وإنَّما حَرُمَتا عليه لعارِض. فأمَّا التي بَعْضُها حُرٌّ، فلا يَمْلِكُ إجْبارَها؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ [جَمِيعَها. ولا يَمْلِك](5) إجْبارَ المُكاتَبَةِ؛ لأنَّها بمَنْزِلَةِ الخارِجَةِ عن مِلْكِه، ولذلك لا يملك إجارَتَها (6)، ولا تَلْزَمُه نَفَقَتُها، ولا يَصِلُ إليه مَهْرُها.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «منفعة» .
(4)
في م: «تزويجها» .
(5)
سقط من: م.
(6)
في م: «إجبارها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا اشْتَرَى عَبْدُه المَأذونُ أمَةً (1)، ورَكِبَتْه ديُون، مَلَك سَيِّدُه تَزْويجَها وبَيعَها وإعْتاقَها. نَصَّ عليه أحمدُ، وذَكَرَه أبو بكر، وقال: وللسَّيِّد. وَطْوها. وقال الشافعيُّ: ليس له شيء مِن ذلك؛ لِما فيه مِن الإضْرارِ بالغُرَماءِ. وأصْلُ الخلافِ مَبْنِيٌّ (2) على دَينِ (3) المَأذُونِ له في التِّجارَة، فعندَنا يَلْزَمُ السَّيِّدَ (4)، فلا يَلْحَقُ الغُرَماءَ ضَرَر بتَصَرُّفِ (5) السَّيِّدِ في الأمة، فإنَّ الدَّينَ ما تَعَلّقَ بها، وعندَه أنَّ الدَّينَ تَعَلَّقَ بالعَبْدِ وبما في يَدِه، فيَلْحَقُهم الضَّرَرُ. والكَلامُ على هذا مَذْكُورٌ في مَوْضِعِه (6).
فصل: وليس للسَّيِّدِ إكْراهُ أمَتِه عَلى التّزْويجِ بمَعِيبٍ عَيبًا يُرَدُّ به في النِّكاحِ؛ لأنَّه يُؤثِّرُ في الاسْتِمْتاعِ، وذلك حَق لها، ولذلك مَلَكَتِ الفَسْخَ بالجَبِّ والعُنَّةِ والامْتِناعِ مِن الفَيئَةِ دُونَ السَّيِّدِ. وفارَقَ بَيعَها لمَعِيبٍ؛
(1) في م: «له» .
(2)
في م: «ينبني» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: «العبيد» .
(5)
في م: «ويتصرف» .
(6)
انظر ما تقدم في 13/ 417، 418.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه لا يُرادُ للاسْتِمْتاعِ، ولهذا مَلَك شِراءَ الأمَةِ المُحَرَّمَةِ عليه، ولم تَمْلِكِ الأمَةُ (1) الفَسْخَ [لعَيبِه و](2) لعُنَّتِه ولا إيلائه. فإن زَوَّجَها مِن مَعِيبٍ فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَين، [فإنْ قُلْنا: يَصِحُّ. فلها الفَسْخُ. فإن كانت صغيرةً، فهل لها الفَسْخُ في الحالِ، أو يَنْتَظِرُ بُلُوغَها؟ على وَجْهَين] (3). ومَذْهَبُ الشافعيِّ هكذا في هذا (4) الفصلِ كلِّه.
فصل: وللسَّيدِ تَزْويجُ عَبْدِه الصغيرِ بغيرِ إذْنِه في قولِ أكثر أهلِ العلمِ، إلَّا أنَّ بعضَ الشّافِعِيَّةِ قال: فيه قَوْلان. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أن لا يَمْلِكَ تَزْويجَه. ولَنا، أنَّه إذا مَلَك تَرويجَ ابْنِه الصَّغيرِ، فعَبْدُه مع مِلْكِه إيَّاه وتَمامِ ولايته عليه أوْلَى. وكذلك الحُكْمُ في عَبْدِه الصغيرِ المَجْنونِ (5).
(1) سقط من: م.
(2)
زيادة من: م.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في الأصل: «والمجنون» .