الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ الْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُوريَّةُ، وَاتِّفَاقُ الدِّينِ، وَالْعَقْلُ.
ــ
3110 - مسألة: (ويُشْتَرَطُ في الوَلِيِّ الحُرِّيَّةُ، والذُّكُورِيَّةُ، واتِّفَاقُ الدِّينِ، والعَقْلُ)
وجُمْلته، أنَّه يُعْتَبَرُ لثُبُوتِ الولايةِ سِتَّةُ شُروطٍ؛ العَقْلُ، والحُرِّيَّةُ، والإسْلامُ إذا كانتِ المرأةُ مُسْلِمَةً، والذُّكُورِيَّةُ، والبُلُوغُ، والعَدالةُ، على اخْتِلافٍ نَذْكُرُه. فأمَّا العَقْلُ، فهو شَرْطٌ بغيرِ خلافٍ؛ لأنَّ الولايةَ إنَّما ثَبَتَتْ نَظرًا للمُوَلَّى عليه عندَ عَجْزِه عن النَّظرَ لنَفْسِه، ومَن لا عَقْلَ له لا يُمْكِنُه النَّظرُ، ولا يَلي نَفْسَه، فغيرُه أوْلَى، وسَواءٌ في هذا مَن لا عَقْلَ له لصِغَرِه، أو مَن ذَهَب عَقْلُه بجُنونٍ أو كِبَرٍ، كالشَّيخِ إذا أفْنَدَ (1). قال القاضي: والشَّيخُ الذي قد كَبِرَ، فلا يَعْرِفُ مَوْضِعَ الحَظِّ لها، لا ولايةَ له. فأمَّا الإغْماءُ، فلا يُزِيلُ الولايةَ؛ لأنَّه يَزُولُ عن قَرِيبٍ، فهو كالنَّوْمِ، ولذلك (2) لا تَثْبُتُ الولايةُ عليه،
(1) أفند: ضعف رأيه من الهرم.
(2)
في م: «كذلك» .
وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَعَدَالتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
ويَجُوزُ على الأنْبِيَاءِ عليهم السلام. ومَن كان يُجَنُّ في الأحْيَانِ، لم تَزُلْ ولايتُه، لأنَّه لا يَدُومُ زَوالُ عَقْلِه، فهو كالإِغْماءِ. الشرطُ الثاني، الحُرِّيَّة، فلا ولايةَ لعَبْدٍ في قولِ جماعةِ أهلِ العلمِ، فإنَّ العَبْدَ لا ولايةَ له على نَفْسِه، فعلى غيرِه أوْلَى. وقال أصحابُ الرَّأْي: يَجُوزُ أن يُزَوِّجَها العَبْدُ بإذْنِها. بِنَاءً منهم على أنَّ المرأةَ تُزَوِّجُ نَفْسَها. وقد مَضَى الكلامُ في هذه المسْألَةِ. الشَّرْطُ الثالثُ، الإِسْلامُ، فلا يَثْبُتُ للكافِرِ ولايةٌ على مُسْلِمَةٍ. وهو قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ عامَّةُ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على هذا. وفيه وَجْهٌ، أنَّ الكافِرَ يُزَوِّجُ أمَّ وَلَدِه المُسْلِمَةَ. وسوف نَذْكُرُه إن شاءَ اللهُ تعالى. قال أحمدُ: بَلَغَنا أنَّ عَلِيًّا أجازَ نِكاحَ أخٍ، ورَدَّ نِكاحَ الأبِ وكان نَصْرانِيًّا. الشَّرْطُ الرَّابعُ، الذُّكُورِيَّةُ، وهي شَرْطٌ للولايةِ في قولِ الجميعِ؛ لأنَّه يُعْتَبَرُ فيها الكَمالُ، والمرأةُ ناقِصَةٌ قاصرةٌ، تَثْبُتُ الولايةُ عليها لقُصُورِها عن النَّظَرِ لنَفْسِها، فلأنْ لا يَثْبُتَ لها ولايَةٌ على غيرِها أوْلَى. وعن أحمدَ، أنَّها تَلِي تَزْويجَ (1) أمَتِها ومُعْتَقَتِها (2). وقد ذكَرْناه. الشَّرْطُ الخامسُ، البُلُوغُ، وهوْ شَرْطٌ في ظاهرِ المذهبِ. قال
(1) في م: «نكاح» .
(2)
في الأصل: «معتقها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدُ: لا يُزَوِّجُ الغُلامُ حتى يَحْتَلِمَ، ليس لهْ أمْرٌ. وهذا قولُ الثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ، وأبي ثَوْرٍ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه إذا بَلَغَ عَشْرًا زَوَّجَ، وتَزَوَّجَ، وطَلَّقَ، وأُجِيزَتْ وَكالتُه في الطَّلاقِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ؛ لتَخْصِيصِه المَسْلُوبَ الولايةِ بكَوْنِه طِفْلًا. ووَجْهُ ذلك أنَّه يَصِحُّ بَيعُه وطَلاقُه ووَصِيَّتُه، فثَبَتَتْ له الولايةُ كالبالغِ. والأوَّلُ اخْتِيارُ أبي بكرٍ، وهو الصَّحِيحُ؛ لأنَّ الولايةَ يُعْتَبَرُ لها كَمالُ الحالِ؛ لأنَّها تُفِيدُ التَّصَرُّفَ في حَقِّ غيرِه، اعْتُبِرَتْ نَظرًا له، والصَّبِيُّ مُوَلًّى عليه لقُصُورِه، فلا تَثْبُتُ له الولايةُ، كالمرأةِ، والأصولُ المَقِيسُ عليها مَمْنُوعَةٌ. السَّادِسُ، العَدالةُ. وفي كَوْنِها شَرْطًا رِوَايتان؛ إحْدَاهما، هي شَرْطٌ. قال أحمدُ: إذا كان القاضي مثلَ ابنِ الخَلَنْجى (1) وابنِ الجَعْدِ (2)،
(1) في النسختين: «الحلبى» وابن الخلنجى هو عبد الله بن محمد بن أبي يزيد الخلنجى، ولي القضاء أيام المعتصم والواثق، وكان من المجردين للقول بخلق القرآن المعلنين به، وعزله المتوكل وأمر بكشفه وفضحه. تاريخ بغداد 10/ 73، 74.
(2)
هو الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري مولى أم سلمة المخزومية، تولى قضاء بغداد وسأل عنه أحمد فقال: كان معروفا عند الناس بأنه جهمي، ثم بلغني عنه الآن أنه قد رجع عن ذلك. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. تاريخ بغداد 7/ 364.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْتَقْبَلَ النِّكاحَ. فظاهِرُ هذا أنَّه أفْسَدَ النِّكاحَ لانْتِفاء عَدالةِ المُتَوَلِّي له. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لا رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: لا نِكاحَ إلَّا بشَاهِدَيْ عَدْلٍ ووَلِيٍّ مُرْشِدٍ (1). قال أحمدُ: أصَحُّ شيءٍ في هذا قولُ ابنِ عباسٍ. [يَعْني وقد روَى ابنُ عباسٍ](2) قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وأيُّمَا امْرَأةٍ أنْكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيهِ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» (3). وروَى البَرْقَانِيُّ (4) بإسْنادِه عن جابرٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» (5). ولأنَّها ولايةٌ نَظَرِيَّةٌ (6)، فلا يَسْتَبِدُّ بها الفاسِقُ، كولايةِ المالِ. والرِّوايةُ الأُخْرَى، ليست شَرْطًا. نَقَل مُثَنَّى بنُ جامِعٍ أنَّه سألَ أحمدَ: إذا تَزَوَّجَ بوَلِيٍّ (7) وشُهودٍ غيرِ عُدُولٍ (8)؟ فلم يَرَ أنَّه يَفْسُدُ مِن
(1) أخرجه البيهقي، في: باب لا نكاح إلا بولي مرشد، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 126.
(2)
في المغني 9/ 368: «وقد روى- يعني عن ابن عباس» .
(3)
أخرجه الدارقطني، في: سننه 3/ 221، 222. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 124، وصحح وقفه. وانظر الإرواء 6/ 238 - 240.
(4)
أحمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الرقاق الشافعي الإمام العلامة الفقيه، الحافظ الثبت، شيخ الفقهاء والمحدثين، صاحب التصانيف، توفي سنة خمس وعشرين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 464 - 468.
(5)
عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط، وليس فيه:«مرشد» . مجمع الزوائد 4/ 286. وانظر الإرواء 6/ 241.
(6)
في م: «نظر» .
(7)
بعده في المغني 9/ 369: «فاسق» .
(8)
في الأصل: «عدل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النِّكاحِ شيءٌ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه ذَكَر الطِّفْلَ والعبدَ والكافِرَ، ولم يَذْكُرِ الفاسِقِ. وهو قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ. وأحدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّه يَلِي نِكاحَ نفْسِه، فثَبَتَتْ له الولايةُ على غيرِه، كالعَدْلِ، [ولأنَّ سَبَبَ](1) الولايةِ القرابةُ، وشَرْطُها النَّظرُ، وهذا قَرِيبٌ ناظِرٌ، فَيلِي كالعَدْلِ.
(1) في م: «ولأنه يثبت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُشْتَرَطُ أن يكونَ بَصِيرًا؛ لأنَّ شُعَيبًا زَوَّجَ ابْنَتَه وهو أعْمَى (1). ولأنَّ المَقْصُودَ في النِّكاحِ يُعْرَفُ بالسَّماعِ والاسْتِفاصةِ، فلا يَفْتَقِرُ إلى النَّظَرِ. ولا يُشْتَرَطُ النُّطْقُ، بل يَجُوزُ أن يَلِيَ الأخْرَسُ إذا فُهِمَتْ إشارَتُه؛ لأنَّها تَقُومُ مَقامَ نُطْقِه في سائرِ العُقُودِ والأحْكامِ، فكذلك النِّكاحُ.
(1) انظر ما أخرجه الحاكم في: المستدرك 2/ 568. وانظر تلخيص الحبير 3/ 162.