الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ وَطِئَ غَيرَهَا، لَمْ تَزُلِ الْعُنَّةُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَزُولَ.
ــ
مِن العُنَّةِ إلَّا بتَغْيِيبِ جميعِ الباقِي؛ لأنَّه (1) لا حَدَّ ههُنا يُمْكِنُ اعْتِبارُه، فاعْتُبِرَ تَغْيِيبُ جميعِه؛ لأنَّه المَعْنَى الذي يَتَحَقَّقُ به حصولُ حُكْمِ الوَطْءِ. وللشافعيِّ قَوْلان كهذَين.
3201 - مسألة: (وإن وَطِئَها في الدُّبُرِ، أو وَطِئَ غَيرَها، لم تَزُلِ العُنَّةُ. ويَحْتَمِلُ أن تَزُولَ)
لأنَّ الدُّبُرَ ليس مَحَلًّا للوَطْءِ، فأشْبَهَ الوَطْءَ فيما دونَ الفَرْجِ، ولذلك لا يَتَعَلَّقُ به الإِحلالُ للزَّوْجِ الأوَّلِ، ولا الإِحْصانُ. وإن وَطِئَها في القُبُلِ حائضًا، أو نُفَسَاءَ، أو مُحْرِمَةً، أو صَائِمَةً، خَرَج عن العُنَّةِ. وذَكَر القاضي أنَّ قِياسَ المذهبِ، أن لا يَخْرُجَ عن العُنَّةِ؛ لنَصِّ أحمدَ على أنَّه لا يَحْصُلُ به [الإِحْصانُ و](2) الإِباحَةُ للزَّوجِ الأوَّلِ، ولأنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، أشْبَهَ الوَطْءَ في الدُّبُرِ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ في مَحَلِّ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَطْءِ، [فخَرَجَ به عن العُنَّةِ، كما لو وَطِئَها وهي مريضَةٌ يَضُرُّها الوَطْءُ، ولأنَّ العُنَّةَ العَجْزُ عن الوَطْءِ، فلا يَبْقَى مع وُجودِ الوَطْءِ](1)؛ لأنَّ العَجْزَ ضِدُّ القُدْرَةِ، فلا يَبْقَى مع وجُودِ ضِدِّه. وما ذَكَرَه غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ تلك الأحْكَامَ يجوزُ أن تَنْتَفِيَ (2) مع وجُودِ سببِها لمانِعٍ، أو فواتِ شَرْطٍ، والعُنَّةُ لنى نَفْسِها أمْرٌ حَقِيقِيٌّ، لأ يُتَصَوَّرُ بقَاؤُه مع انْتِفائِه. وأمّا الوَطْءُ في الدُّبُرِ، فليس بوَطْءٍ في مَحَلِّه، بخِلافِ مسألتِنا. وفيه قولٌ، أنَّ العُنَّةَ تَزُولُ به. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّه أصْعَبُ، فمَن قَدَر عليه فهو على غيرِه أقْدَرُ.
فصل: فإن وَطِئَ امْرَأَةً، لم يَخْرُجْ به مِن العُنَّةِ في حَقِّ غيرِها. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّه يَخْرُجُ عن العُنَّةِ في حَقِّ جميعِ النِّساءِ، فلا تُسْمَعُ دَعْوَاها عليه منها ولا مِن غيرِها. وهذا مُقْتَضَى قولِ أبي بكرٍ، وقولِ بَن قال:
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «تبقى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنَّه يُخْتَبَرُ بتَزْويجِ امرأةٍ أُخْرَى. ويُحْكَى ذلك عن سَمُرَةَ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، قالوا: لأنَّ العُنَّةَ خِلْقَةٌ وجِبِلَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ بتَغَيُّرِ النِّساءِ، فإذا انْتَفَتْ في حَقِّ امرأةٍ، لم تَبْقَ في حَقِّ غيرِها. ولَنا، أنَّ حُكْمَ كلِّ امرأةٍ مُعْتَبَرٌ بنفسِها، ولذلك لو ثَبَتَتْ عُنَّتُه في حَقِّهِنَّ، فرَضِيَ بعْضُهُنَّ، سَقَط حَقُّها وحدَها دونَ الباقياتِ، ولأنَّ الفَسْخَ لدَفْعِ الضَّرَرِ الحاصلِ بالعَجْزِ عن وَطْئِها، وهو ثابتٌ في حقِّها لا يَزُولُ بوَطْءِ غيرِها. وقولُه: كيفَ يَصِحُّ العَجْزُ عن واحدةٍ دونَ أُخْرَى؟ قُلْنا: قد تَنْهَضُ شَهْوَتُه في حقِّ إحدَاهما، لفَرْطِ حُبِّه إيَّاها، ومَيلِه إليها، واخْتِصاصِها بكمالٍ (1) ونَحْوه (2) دونَ الأخْرَى. فعلى هذا، لو تَزَوَّجَ امْرأةً فأصابَها، ثمَّ أبَانَها، ثمَّ تَزَوَّجَها، فعَنَّ [عنها، فلها](3) المُطَالبَةُ؛ لأنَّه إذا جاز أن يَعِنَّ عن امرأةٍ دونَ أُخْرَى، ففي نِكاحٍ دونَ نِكاحٍ أوْلَى. ومُقْتَضَى قولِ أبي بكرٍ ومَن وافقَه، لا يَصِحُّ هذا، بل متَى وَطِئَ امرأَةً، لم تَثْبُتْ عُنَّتُه أبدًا.
(1) في الأصل: «بحال» . وفي المغني 10/ 90: «بجمال» .
(2)
في م: «لوجه» .
(3)
في م: «أحمد لها» .