الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرأَةٍ النَّظرُ إِلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيرِ خَلْوَةٍ بِهَا. وَعَنْهُ، لَهُ النَّظرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا؛ كَالرَّقَبَةِ، وَالْيَدَينِ، وَالْقَدَمَينِ.
ــ
3058 - مسألة: (وَيَجُوزُ لمَن أرادَ خِطْبَةَ امْرَأةٍ النَّظَرُ إلى وَجْهِها مِن غيرِ خَلْوَةٍ بها. وعنه، له النَّظَرُ إلى ما يَظْهَرُ غالِبًا؛ كالرَّقَبَةِ، واليَدَين، والقَدَمَين)
قال شيخُنا (1): لا نَعْلَمُ بينَ أهلِ العلمِ في إباحَةِ النَّظَرِ إلى المَرأةِ لمَن أرادَ نِكاحَها خِلافًا؛ لِما روَى جابر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا خَطَبَ أحَدُكُمُ المرأةَ، فَإنِ اسْتَطاعَ أن يَنْظُرَ إلى ما يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ» . قال (2): فَخَطَبْتُ امرأةً، فكُنْتُ أتَخبَّأُ لها، حتى رَأَيتُ منها ما دَعانِي إلى نِكاحِها، فتَزَوَّجْتُها. رَواه أبو داودَ (3). وفيه أحاديثُ كثيرَةٌ سِوَى هذا. ولأنَّ النِّكاحَ عَقْدٌ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، فكانَ للعاقِدِ النَّظَرُ إلى المَعْقُودِ عليه، كالأمَةِ المُسْتامةِ. ولا بَأْسَ بالنَّظَرِ إليها بإذْنِها وغيرِ
(1) في: المغني 9/ 489.
(2)
سقط من: م.
(3)
في: باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 480. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 334، 360.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذْنِها؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالنَّظَرِ وأطْلَقَ، وفي حَديثِ جابِرٍ: فكُنْتُ أتَخَبَّأُ لها. وفي حديثِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، أنَّه اسْتَأْذَنَ أبَوَيها في النَّظَرِ إليها، فكَرِها، فأذِنَتْ له المرأةُ. رَواه سعيدٌ (1). ولا تَجُوزُ الخَلْوَةُ بها؛ لأنَّها مُحَرَّمَةٌ، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ بغيرِ النَّظَرِ، فبَقِيَتْ على التَّحْرِيمِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ مع الخَلْوَةِ مُواقَعَةُ (2) المَحْظُورِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيطَانُ» (3). ولا يَنْظُرُ إليها نَظَرَ تَلَذُّذٍ وشَهْوَةٍ، ولا لرِيبَةٍ. قال أحمدُ في رِوايَةِ صالحٍ: يَنْظُرُ إلى الوَجْهِ، ولا يكونُ على طَرِيقِ لَذَّةٍ. وله تَكْرارُ النَّظَرِ إليها وتَأَمُّلُ مَحاسِنِها؛ لأنَّ
(1) في: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها. سنن سعيد بن منصور 1/ 146.
(2)
في الأصل: «موافقة» .
(3)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، من أبواب الرضاع، وفي: باب ما جاء في لزوم الجماعة، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي 5/ 121، 9/ 9. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 18، 26، 3/ 339، 446.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَقْصُودَ إنَّما يَحْصُلُ بذلك.
فصل: ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في إباحَةِ النَّظَرِ إلى وَجْهِها؛ لأنَّه ليس بعَوْرَةٍ، وهو مَجْمَعُ المَحاسِنِ، ومَوْضِعُ النَّظَرِ. ولا يُباحُ له النَّظرُ إلى ما لا (1) يَظْهَرُ عادَةً. وحُكِيَ عن الأوْزاعِيِّ، أنَّه يَنْظرٌ إلى مَواضِعِ اللَّحْمِ. وعن داودَ، أنَّه يَنْظرٌ إلى جَمِيعِها؛ لظاهِرِ قولِه عليه السلام:«انْظُرْ إِلَيهَا» (2). ولَنا، قولُه تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (3). رُوِيَ عن ابنِ عباس، أنَّه قال: هو الوَجْهُ وباطِنُ الكَفِّ. ولأنَّ النَّظَرَ أُبِيحَ للحاجَةِ، فيَخْتَصُّ بما تَدْعو الحاجَةُ إليه، والحديثُ مُطْلَقٌ، ومَن نَظرَ إلى وَجْهِ إنسانٍ سُمِّيَ ناظِرًا إليه، ومَنْ رَآه وعليه ثِيابُه سُمِّيَ رائِيًا له، قال اللهُ تعالى:{وَإِذَا رَأَيتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} (4). فأمَّا ما يَظْهَرُ غالِبًا سِوَى الوَجْهِ؛ كالكَفَّين (5) والقَدَمين ونحو ذلك مِمَّا تُظهِرُه
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 4/ 306. والنسائي، في: باب إباحة النظر قبل التزويج، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 57. وابن ماجه، في: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 599، 600. والدارمي، في: باب الرخصة في النظر للمرأة عند الخطبة، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 134. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 244، 245.
(3)
سورة النور 31.
(4)
سورة المنافقون 4.
(5)
في النسختين: «والكفين» . وانظر المغني 9/ 491.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المرأةُ في منزلِها، ففيه رِوايَتان، إحداهما، لا يُباحُ النَّظرُ إليه، لأنَّه عَوْرَةٌ، فلم يُبَحِ النَّظَرُ إليه، كالذي لا يَظْهَرُ، فإنَّ عبدَ اللهِ روَى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«المَرْأَةُ عَوْرَةٌ» (1). حديثٌ حسنٌ. ولأنَّ الحاجَةَ تَنْدَفِعُ بالنَّظَرِ إلى الوَجْهِ، فبَقِيَ ما عَداه على التَّحْرِيمِ. والثانيةُ، له النَّظَرُ إلى ذلك. قال أحمدُ في رِوايَةِ حَنْبلٍ: لا بَأْسَ أن يَنظُرَ إليها [وإلى ما يَدْعُوه إلى نِكاحِها؛ مِن يَدٍ أو جِسْمٍ أو نَحْو ذلك. قال أبو بكرٍ: لا بَأْسَ أن يَنْظُرَ إليها](2) عندَ الخِطْبَةِ حاسِرَةً. وقال الشافعيُّ: يَنْظُرُ إلى الوَجْهِ والكَفَّينِ. ووَجْهُ جَوازِ النَّظَرِ إلى] (3) ما يَظْهَرُ غالبًا، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا (4) أذِن في النَّظَرِ
(1) تقدم تخريجه في 3/ 207.
(2)
سقط من: م.
(3)
بعده في الأصل: «جميع» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليها مِن غيرِ عِلْمِها، عُلِمَ أنَّه أذِنَ في النَّظرِ إلى جميعِ ما يَظهَرُ غالِبًا، إذْ لا يُمْكِنُ إفْرادُ الوَجْهِ بِالنَّظرَ مع مشاركةِ غيرِه له في الظُّهورِ، ولأنَّه يَظْهَرُ غالبًا، فأُبِيحَ النَّظرُ إليه كالوجهِ، ولأنَّها امرأةٌ أُبِيحَ له النَّظرُ إليها بأمْرِ (1) الشَّارِعِ، فأُبِيحَ النَّظرُ منها إلى ذلك، كذَواتِ المَحارِمِ. وقد روَى سعيدٌ (2)، عن سُفيانَ، عن عَمرِو بنِ دِينارٍ، عن أبي جَعفرٍ، قال:
(1) في م: «من» .
(2)
في: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها. السنن 1/ 147.كما أخرجه عبد الرزاق، في: باب نكاح الصغيرين، من كتاب النكاح. المصنف 6/ 163.