الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حُكْمِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ
الْعُيُوبُ الْمُثْبِتَةُ لِلْفَسْخِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ شَيئَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَجْبُوبًا قَدْ قُطِعَ ذَكَرهُ، أَو لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلا مَا لَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ،
ــ
بَابُ حُكْمِ العُيُوبِ فِي النِّكاحِ
(العُيوبُ المُثْبِتَةُ للفَسْخِ ثلاثةُ أقْسامٍ أحدُها، ما يَخْتَصُّ بالرجالِ، وهو شيئان؛ أحدُهما، أن يكونَ الرجلُ مَجْبُوبًا قد قُطِعَ ذَكَرُه ولم يَبْقَ منه إلَّا ما لا يُمْكِنُ الجِماعُ به) الكلامُ في العيوبِ المُثْبِتَةِ لفَسْخِ النِّكاحِ للمرأةِ والرجلِ، إذا اخْتارَ ذلك، في أربعةِ فصولٍ؛ أحدُها، أنَّ خِيارَ الفَسْخِ يَثْبُت لكلِّ واحدٍ مِن الزَّوْجَين للعَيبِ يَجِدُه في الآخَرِ في الجملةِ. رُوِيَ ذلك عن عمرَ بنِ الخطَّابِ، وابنِه، وابنِ عباس، رضي الله عنهم. وبه قال جابرُ بنُ زيدٍ، والشافعيُّ، وإسحاقُ. ورُوِيَ عن عليٍّ: لا تُرَدُّ الحُرَّةُ بعَيبٍ. وبه قال [النَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. وعن ابن مسعودٍ، لا يُفْسَخُ النِّكاحُ بعَيبٍ. وبه قال](1) أبو حنيفةَ، وأصحابُه، إلَّا أن يكونَ الرجلُ مَجْبُوبًا أو عِنِّينًا، فإنَّ للمرأةِ الخِيارَ، فإنِ اخْتارتِ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفِرَاقَ، فَرَّقَ الحاكمُ بينَهما بطَلْقَةٍ، ولا يكونُ فَسْخًا؛ لأنَّ وُجُودَ العَيب لا يَقْتَضِي فَسْخَ النِّكاحِ، كالعَمَى والزَّمانةِ وسائرِ العُيُوبِ. ولَنا، أنَّ المُخْتَلَفَ فيه يَمْنَعُ الوَطْءَ، فأثْبَتَ الخِيارَ، كالجَبِّ والعُنَّةِ، ولأنَّ المرأةَ أحدُ العِوَضَين في النِّكاحِ، فجاز رَدُّها بعَيبٍ، كالصَّداقِ، أو أحدُ العِوَضَين في عَقْدِ النكاحِ، فجاز رَدُّه بالعَيبِ، أو أحَدُ الزَّوْجَين، فيَثْبُتُ له الخِيارُ بالعَيبِ في الآخَرِ، كالمرأةِ. فأمَّا العَمَى والزَّمَانَةُ ونحوُهما، فلا يَمْنَعُ المقصودَ بعقدِ النِّكاحِ، وهو الوَطْءُ، بخِلافِ العُيُوبِ المُخْتَلَفِ فيها. فإن قيلَ: فالجُذامُ والجُنُونُ والبَرَصُ لا يَمْنَعُ الوَطْءَ. قُلْنا: بل يَمْنَعُه؛ فإنَّ ذلك يُوجِبُ نفْرَةً تَمْنَعُ مِن قُرْبانِه بالكُلِّيَّةِ، ويُخافُ منه التَّعَدِّي إلى نَفْسِه ونَسْلِه، والمَجْنُونُ (1) يُخافُ منه الجِنايةُ، فصارَ كالمانِعِ الحِسِّيِّ. الثاني، [في عَدَدِ](2) العيوبِ المُجَوِّزَةِ للفَسْخِ، وهي ثمانيةٌ؛ اثْنان يَخْتَصَّان الرجلَ؛ وهما الجَبُّ، والعُنَّةُ. وثَلاثةٌ تَخْتَصُّ المرأةَ؛ وهي الفَتْقُ، والقَرْنُ، والعَفَلُ. وثلاثةٌ يَشْتركُ فيها الزَّوْجان؛ وهي الجُذَامُ والجُنُونُ والبَرَصُ. وهكذا ذَكَرَها الخِرَقِيُّ. وقال القاضي: هي سَبْعةٌ. جَعَل القَرْنَ والعَفَلَ شيئًا واحدًا، وهو الرَّتْقُ أيضًا (3)، وذلك لَحْمٌ يَنْبُتُ في الفَرْجِ، وحَكَى ذلك عن (3) أهلِ الأدَبِ. وحُكِيَ نحوُه
(1) في الأصل: «الجنون» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن أبي بكرٍ، وذَكَرَه أصحابُ الشافعيِّ. وقال الشافعيُّ: القَرنُ عَظْمٌ في الفَرْجِ يَمْنَعُ الوَطْءَ. وقال (1) غيرُه: لا يكونُ في الفَرْجِ عَظْمٌ، إنَّما هو لَحْمٌ يَنْبُتُ فيه. وحُكِيَ عن أبي حفْصٍ؛ أنَّ العَفَلَ كالرّغْوَةِ (2) في الفَرْجِ، يَمْنَعُ لَذَّةَ الوَطْءِ. وقال أبو الخَطَّابِ: الرَّتْقُ أن يكونَ الفَرْجُ مَسْدُودًا. يعني مُلْتَصِقًا لا يَدْخُلُ الذَّكَرُ فيه. والقَرِنُ والعَفَلُ لَحْمٌ يَنْبُتُ في الفَرْجِ فيَسُدُّه، فهما في مَعْنَى الرَّتْقِ، إلَّا أنَّهما نوْعٌ آخَرُ. وأمَّا الفَتْقُ فهو انْخِراقُ ما بينَ السَّبِيلَين. وقيل: انخِرَاقُ ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وذَكَرَها أصحابُ الشافعيِّ سَبْعَةً، أسْقَطُوا منها الفَتْقَ، ومنهم مَن جَعَلَها سِتَّةً، وجَعَل القَرْنَ والعَفَلَ شيئًا واحدًا. وإنَّما اخْتصَّ الفَسْخُ بهذه العُيُوبِ؛ لأنَّها تَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ المَقْصُودَ بالنِّكاحِ، فإنَّ الجُذامَ والبَرَصَ يُثِيران نَفْرَةً في النَّفْسِ تَمْنَعُ قُرْبانَه، ويُخْشَى تعَدِّيه إلى النَّفْسِ والنَّسْلِ، فيَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ، والجُنُونُ يُثِيرُ نَفْرَةً ويُخْشَى ضَرَرُه، والجَبُّ والرَّتْقُ يَتَعَذَّرُ معهما (3) الوَطْءُ، والفَتْقُ يَمْنَعُ لَذَّةَ الوَطْءِ وفائِدَتَه، وكذلك العَفَلُ، على قولِ مَن فَسَّرَه بالرّغوَةِ.
فصل: فإنِ اخْتَلَفَا في وُجُودِ العَيبِ، كمَن بجَسَدِه بَياضٌ يُمْكِنُ أن يكونَ بَهَقًا أو مرارًا (4)، واخْتَلَفَا في كونِه بَرَصًا، أو كانت به علاماتُ
(1) بعده في م: «عن» .
(2)
بتثليث الراء.
(3)
في الأصل: «معه» .
(4)
في م: «برصا» .