الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ،
ــ
كفُرْقَةِ الطَّلاقِ، والموتُ لا يَجْرِي مَجْرَى الدُّخولِ في الإِحْصانِ والإحْلالِ، وقيامُه مَقامَه مِن وَجْهٍ ليس بأَولَى مِن مُفارَقَتِه إيَّاه مِن وَجْهٍ آخَرَ، ولو قام مَقَامَه مِن كلِّ وَجْهٍ فلا يُتْرَكُ صَرِيحُ (1) نصِّ اللهِ تعالى و (2) نَصِّ رسولِه لقياس ولا غيرِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ الدُّخُولَ بها وَطْؤُها، كنى عنه بالدُّخُولِ، فإن خَلَا بها ولم يَطَأْها، لم تَحْرُم ابْنَتُها؛ لأنَّها غيرُ مَدْخولٍ بها.
3137 - مسألة: (ويَثْبُتُ تَحْرِيمُ المُصَاهَرَةِ بالوَطْءِ الحَلالِ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «ولا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحَرامِ) فإذا زَنَى بامرأَةٍ حَرُمَتْ على أبِيه وابْنِه، وحَرُمَتْ عليه أُمُّها وابْنَتُها، كما لو وَطِئَها بشُبْهَةٍ أو حَلالًا. ولو وَطِئَ أُمَّ امْرأتِه أو ابْنَتَها، حَرُمَتْ عليه امرأتُه. نَصَّ أحمدُ على هذا في روايةِ جماعةٍ. ورُوِيَ نحوُ ذلك عن عِمْرانَ بنِ حُصَينٍ. وبه قال الحسنُ، وطاوسٌ، ومُجاهِدٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وإسْحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي. ورُوِيَ عن ابنِ عباسٍ أنَّ وَطْءَ الحَرام لا يُحَرِّمُ (1). وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، ويَحْيىَ بنُ يَعْمُرَ، وعُرْوَة، والزُّهْرِي، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لِما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«لَا يُحَرِّمُ الحَرَامُ الحَلَال» (2). ولأنَّه وَطْءٌ لا تَصِيرُ به المَوْطُوءَةُ فِرَاشًا، [فلا يُحَرِّمُ](3)، كوَطْءِ الصَّغِيرةِ. ولَنا، قولُه سبحانَه:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} . والوَطْءُ يُسَمَّى نِكاحًا، قال الشاعرُ:
إذا زَنَيتَ فأجِدْ نِكاحًا
(1) أخرجه سعيد بن منصور، في: باب الرجل يفجر بالمرأة. . . .، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 393. والبيهقي، في: باب الزنى لا يحرم الحلال، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 168.
(2)
أخرجه ابن ماجه، في: باب لا يحرم الحرام، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 649. والدارقطني، في: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطني 3/ 268. والبيهقي، في: باب الزنى لا يحرم الحلال، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 168، 169.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيَدْخُلُ في عُمُومِ الآيَةِ، وفي الآيَةِ قَرِينةٌ تَصْرِفُه إلى الوَطْءِ، وهو قولُه سبحانَه:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} . وهذا التَّغْلِيظُ إنَّما يكونُ في الوَطْءِ. ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لَا يَنْظُرُ الله إلى رَجُلٍ نَظَرَ إلى فَرْجِ امْرأةٍ وابْنَتِها» (1). وروَى الجُوزْجانِيُّ بإسنادِه عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ قال: مَلْعُونٌ مَن نَظَر [إلى فَرْجِ](2) امرأةٍ وابْنَتِها (3). فذَكَرْتُه لسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، فأعْجَبَه. ولأنَّ ما تَعَلَّقَ مِن التَّحْرِيمِ بالوَطْءِ المُباحِ (4)، تَعَلَّقَ بالمَحْظُورِ، كوَطْءِ الحائِضِ، ولأنَّ النِّكاحَ عَقْدٌ يُفْسِدُه الوَطْءُ بالشُّبْهَةِ، فأفْسَدَه الوَطْءُ الحَرامُ، كالإحْرامِ. وحَدِيثُهم لا نَعْرِفُ صِحَّتَه، وإنَّما هو مِن كلام ابنِ أشْوَعَ (5) بعضِ قُضاةِ العِراقِ، كذلك قال الإمامُ أحمدُ. وقيلَ: إنَّه مِن قولِ ابنِ عباسٍ. ووَطْءُ
(1) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل يقع على أم امرأته. . . .، من كتاب النكاح. المصنف 4/ 165. والدارقطني، في: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطني 3/ 269. موقوفًا بهذه الرواية. وعند ابن أبي شيبة مرفوعًا برواية أخرى تأتي في صفحة 295. وانظر: السنن الكبرى للبيهقى 7/ 170.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 4/ 168 بنحوه.
(4)
سقط من: م.
(5)
هو سعيد بن عمرو بن أشوع، بفتح الهمزة وسكون الشين وفتح الواو وبالعين المهملة، الهمداني الكوفي، قاضي الكوفة، شيخ من ثقات الكوفين، توفي في ولاية خالد بن عبد الله، وأرخه ابن قانع سنة عشرين ومائة. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 67.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصغيرةِ مَمْنُوعٌ، ثم (1) يَبْطُلُ بوَطْءِ الشُّبْهَةِ.
فصل: والوَطْءُ على ثلاثةِ أضْرُبٍ، مُباحٌ، وهو الوَطْءُ مِن نِكاحٍ صحيح أو مِلْكِ يمينٍ، فيَتَعَلَّقُ به تَحْرِيمُ المُصاهَرَةِ بالإِجْماعِ، ويصيرُ مَحْرَمًا لمَن حَرُمَتْ عليه؛ لأنَّها حَرُمَتْ عليه على التَّأْبِيدِ بسَبَبٍ مُباحٍ، أشْبَهَ النَّسَبَ. الثاني، الوَطْءُ بالشُّبْهَةِ، وهو الوَطْءُ في نِكاح فاسِدٍ، أو شِراءٍ فاسِدٍ، أو وَطْءُ امرأةٍ ظَنَّها امرأتَه أو أمَتَه، أو وَطْءُ الأمَةِ التي له (2) فيها شِرْكٌ، وأشباهُ ذلك، فيَتَعَلَّقُ به التَّحْرِيمُ كتَعَلُّقِه بالوَطْءِ المُباحِ إجماعًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ
(1) في م: «لم» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أنَّ الرجلَ إذَا وَطِئ امرأةَ بنِكاح فاسِدٍ أو شِراءٍ فاسِدٍ، أنَّها تَحْرُمُ على أبِيه وابْنِه، وأجْدادِه ووَلَدِ وَلَدِه. وهذا مذهبُ مالكٍ، والأوْزاعِيِّ، والشافعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْي، لأنَّه وَطْءٌ يَلْحَقُ به النَّسَبُ، فأثْبَتَ التَّحْرِيمَ، كالوَطْءِ المُباحِ. ولا يَصِيرُ به الرجلُ مَحْرَمًا لمَن حَرُمَتْ عليه، ولا يُباحُ له النَّظَرُ إليها بذلك، لأنَّ (1) الوَطْءَ ليس بمُباحٍ، والمَحْرَمِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بكَمالِ حُرْمَةِ الوَطْءِ؛ لأنَّها إباحَةٌ، ولأنَّ المَوْطُوءَةَ لم يَسْتَبِحِ النَّظَرَ إليها، فلأن لا يَسْتَبِيحَ النَّظَرَ إلى غيرِها به (2) أَولَى. الثالثُ، الحَرَامُ المَحْضُ، وهو الزِّنى، فيَثْبُتُ به التَّحْرِيمُ، على الخِلافِ المذكورِ، ولا تَثْبُتُ به المَحْرَمِيَّةُ، ولا إباحَةُ النَّظرَ؛ لأنَّها إذا لم تَثْبُتْ بوَطء الشُّبْهَةِ، فبالحَرامِ المَحْضِ أوْلى، ولا يَثْبُتُ به النَّسَبُ، ولا يَجِبُ به المَهْرُ للمُطاوعَةِ إذا كانت حُرَّةً.
(1) في م: «و» .
(2)
سقط من: م.