الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صالح] في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين عوضا عن الأمير طشبغا (1). وتوجّه إلى الشام مارّا في مهمّات إلى أن خرج مع الأمير بيبغا أروس القاسميّ، وقد استقرّ في نيابة حلب، ليقرّه فيها ويعود. فلمّا وصل غزّة عمل له الأمير بيبغا تتر نائبها (2) سماطا. فلمّا فرغ من أكله أمسكه وجهّزه مقيّدا إلى الكرك ليعتقل بها وذلك في سنة اثنتين وخمسين، ثم أفرج عنه. وأخرج إلى طرابلس فمات سنة ستّين وسبعمائة.
1413 - طنيرق الأمير سيف الدين [- بعد 763]
(3)
[6 ب] أحد مماليك يوسف (4) ابن الناصر محمد ابن قلاوون.
شغف به المظفّر حاجّي لجماله، وأنعم عليه في شوّال سنة سبع وأربعين [وسبعمائة] بإمرة مائة فانتقل من الجنديّة إلى إمرة مائة دفعة واحدة. ثم أخرج على إمرة بالشام في محرّم سنة تسع وأربعين. وأعيد على إمرة مائة بديار مصر. ثم عمل رأس نوبة كبيرا إلى أن أضيفت إلى الأمير مغلطاي إمرة أخور في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين.
ثم أخرج لنيابة حماة في آخر ذي القعدة منها عوضا عن أسندمر (5) العمري [ف] قصدها في ذي
الحجّة منها.
ثم نقل إلى دمشق في شعبان سنة اثنتين وخمسين، فأقام بها بطّالا إلى أن كانت نوبة بيبغا أروس. [ف] قدم إليه تقليد نيابة حماة وتشريفه، وهو معالأمير أرغون الكامليّ نائب الشام (1*) على لدّ (2*) صحبة الأمير طقطاي الدوادار. فلبس التشريف وأقام حتى قدم السلطان إلى لدّ فسار في الخدمة صحبة الأمير شيخو. وسار مع الأمراء إلى حلب وعاد إلى نيابة بحماه في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين عوضا عن أمير أحمد الساقي. ثم عزل بأسندمر العمري في شوال سنة خمس وخمسين [وسبعمائة] ونقل على إمرة دمشق. ثم اعتقل مدّة وأفرج عنه بعد قتل السلطان حسن (3*) ثم أعيد إلى نيابة حماة ونقل منها إلى نيابة طرابلس في سنة ثلاث وستّين.
ومات في [
…
].
1414 - طغج بن جفّ [- بعد 310]
[7 أ] طغج- ومعناه عبد الرحمن- بن جفّ بن بلتكين بن خوران بن فوري ابن خاقان صاحب سرير الذهب، الأمير أبو محمد، الفرغانيّ.
كان أحد قوّاد ابن طولون، وولي لخمارويه بن أحمد بن طولون دمشق.
وفي إمارته ظهر ببلاد الشام رجل زعم أنّه علويّ وأنّه المهديّ بالله عبد الله بن أحمد بن
(1) طشبغا الدوادار: الوافي 16/ 435 (473) - السلوك 2/ 857 - النجوم 10/ 251 الدرر 2/ 319 (2015).
(2)
بيبغا تتر «حارس الطير- انظر ترجمته رقم 1007 (ت بعد 751) - الوافي 10/ 358 (4852) - الدرر 2/ 44 (1386).
(3)
السلوك 2/ 721.
(4)
يوسف ابن الناصر: الدرر 5/ 248 (1560) توفّي سنة 747.
(5)
أسندمر العمري: الوافي 9/ 245 (4157). وانظر-
- ترجمته رقم 789 (ت 761).
(1*) أرغون الكاملي (ت 758). الوافي 8/ 356 (3790) - النجوم 10/ 326. وانظر ترجمته رقم 703 (ت 785).
(2*) لدّ: قرب الرملة بفلسطين.
(3*) الناصر حسن بن محمد بن قلاوون. الوافي 12/ 226 (238) - الدرر 2/ 125 (1060) - النجوم 10/ 187.
محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وكثير من الناس ينكر هذا النسب ويقول إنّه ليس بعلويّ، وأنّه حسن بن زكرويه بن مهرويه أحد دعاة قرمط.
وكان زكرويه من أهل سواد الكوفة وهو الذي قتل عبدان داعية قرمط. فلمّا طلبه الدعاة ليقتلوه بعبدان، استتر وتنقّل في القرى بالسواد مدّة، سنة ستّ وسنة سبع وثمانين ومائتين.
ثم بعث ابنه الحسن في سنة ثمان وثمانين ومائتين إلى الشام ومعه أبو الحسين الحسن بن أحمد من القرامطة، فنزل في بني كلب وانتسب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر وادّعى أنّه الإمام فاستجاب له فخذ من بني العليص وطائفة من بني الأصبع بن كلب، وبايعوه. فبعث إليه زكرويه رجلا يلقّب بالمدّثر وتسمّى بعبد الله وتأوّل أنّه المذكور في القرآن بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ. ويقال إنّ هذا الرجل هو ابن أخت عيسى بن مهرويه، وضمّ معه أيضا غلاما من بني مهرويه يلقّب ب «المطوّق» ، وكان سيّافا.
وكتب معه إلى ابنه الحسن بن زكرويه يعرّفه أنّه ابن الحجّة ويأمره بالسمع والطاعة له. فتلقّاه الحسن بن زكرويه وسرّ به وجمع له الجمع وقال:
«هذا صاحب الإمام» . فامتثلوا أمره وقالوا: مرنا بما أحببت.
فقال: استعدّوا للحرب، فقد أظلّكم النصر.
ففعلوا. وخرج إليه شبل مولى المعتمد في سنة تسع وثمانين ومائتين فقاتلوه وقتلوه بالرّصافة غربيّ الفرات، وأخذوا الرصافة ونهبوها وتوجّهوا [7 ب] نحو الشام ينهبون القرى. فتهاون طغج بهم حتى قدموا أطراف دمشق فخرج إليهم بغير أهبة ولا عدّة، لاستخفافه بشأنهم. فلقوه وهزموه أقبح هزيمة وقتلوا كثيرا من رجاله ونزلوا على دمشق.
فبعث إلى مصر يطلب النجدة، فخرج إليه بدر الحمّاميّ (1*) وفائق في جيش كبير، وسارا إلى دمشق. فخرج إليهم طغج بعد ما أقام محصورا من القرامطة سبعة أشهر، وفني أكثر الناس وخرب البلد.
وكان المطوّق يحضر الحرب على ناقة ويقول لأصحابه: لا تسيروا من مصافّكم حتى تنبعث بين أيديكم، فإذا سارت فاحملوا، فإنّه لا تردّ لكم راية إذ كانت مأمورة. فسمّي صاحب الناقة.
فلمّا وصلت جيوش مصر اجتمعوا مع طغج على محاربة صاحب الناقة، وقاتلوه خارج دمشق فقتل بسهم- ويقال بحربة- فجالد أصحابه عسكر بدر وطغج حتى انحازوا عنهم.
وساروا عن دمشق فبايعوا الحسن بن زكرويه- ويقال: بل اسمه أحمد بن عبد الله. ويقال:
عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق فيما يزعم، ويعرف بصاحب الخال من أجل خال كان في وجهه- فسار بهم حتّى افتتح عدّة من مدائن الشام، وظهر على جند حمص وقتل خلقا من قوّاد المصريّين وأجنادهم. وتسمّى بأمير المؤمنين [
…
] وخطب له على المنابر.
وسار نحو الرقّة في سنة تسعين ومائتين، وقتل عاملها. ثم عاد إلى دمشق وجعل ينهب ما مرّ به من القرى ويسبي ويحرق. فلمّا قارب دمشق أخرج إليه طغج جيشا كثيفا فهزمه القرمطيّ وقتل أكثر من خرج إليه. فبلغ ذلك أمير المؤمنين المكتفي بالله فندب أبا الأغرّ السلميّ وضمّ إليه عشرة آلاف من الجند والموالي والأعراب وخلع عليه لثلاث عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسعين ومائتين.
(1*) مرّت ترجمة بدر الحمّامي برقم 912.
فسار حتى نزل حلب. فوافاهم حسن القرمطيّ فهزموهم وأتوا على عامّتهم فلم يسلم منهم إلّا القليل. ولحق أبو الأغرّ بحلب ومعه من أصحابه نحو الألف فتحصّن بها. فنازله القرامطة ثمّ رحلوا عنه ولم يظفروا به. وساروا، وقد عظم جمعهم، إلى حمص، فخطب له بها وبحماة والمعرّة وبعلبك وسلميّة، بعد ما أثخن في القتل وأسرف في النّهب والسبي والتحريق بعامّة البلاد. فضعف أمر طغج وقلّت رجاله، وتتابعت الكتب إلى بغداد بأنّ دمشق قد أشفت على الأخذ وأشرف أهلها على الهلاك. وكثر الضجيج ببغداد ومصر.
فأخرج المكتفي المضارب (1) ورحل من بغداد لاثنتي عشرة خلت من شهر رمضان سنة تسعين ومائتين. وسار حتى نزل الرقّة [8 أ] فانبثّت جيوشه بين حلب وحمص، وقلّد محمد بن سليمان كاتب لؤلؤ الطولونيّ حرب الحسن بن زكرويه، وهو يومئذ صاحب ديوان العطاء. وعارض الجيش بمدينة السلام واختار له جيشا كثيفا فتقدّ [م] نحوه بمن معه. وسار إليهم ولقيهم في سادس المحرّم سنة إحدى وتسعين ومائتين بالقرب من حماة فقتل عامّتهم، وانهزم الحسن بن زكرويه فقبض عليه كما ذكر في ترجمة محمد بن سليمان الكاتب (2).
ثم سار محمد بن سليمان إلى العراق، وأقام لؤلؤ بدمشق، ومعه فائق. فكتبا إلى محمد بن سليمان يحثّا [ن] هـ على أخذ الشام ومصر ويعدا [ن] هـ القيام معه. فسار من بغداد في رجب منها حتّى أخذ دمشق.
ومضى منها إلى مصر ومعه طغج. فبعثه واليا على قنّسرين وضمّ إليه جمعا من جند بني طولون.
ثم صرف طغج عن قنّسرين ومضى إلى العراق وأقام بها حتى مات في سنة عشر وثلاثمائة.
وترك من الأولاد أبا بكر محمد بن طغج الإخشيد، وولي مصر وغيرها. وترك أبا القاسم علي بن طغج، وأبا المظفّر الحسن بن طغج (1*)، وأبا الحسن عبيد الله بن طغج، وولي الشام وحمل إلى المغرب مأسورا [8 ب](2*).
1415 -
طغجي الأشرفيّ [- بعد 698](3*) الأمير سيف الدين
أحد مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون.
كان الأشرف يهواه فقدّمه وخوّله وأنعم عليه بمال كثير. فلمّا قتل الأشرف (4*) استمرّ على إمرته أيّام الناصر محمد وأيّام كتبغا العادل، وأقرّه المنصور لاجين.
فلمّا استبدّ الأمير منكوتمر نائب السلطنة بمصر ودبّر جميع أمور الدولة، أحبّ أن يغيّر الأمراء بدولة ينشئها، وحسّن للسلطان الملك المنصور [لاجين] ذلك حتى قبض على الأمير بدر الدين بيسري (5*) وبعث حمدان بن صلغاي (6*) للقبض على قبجق نائب دمشق وعلى الأمراء المجرّدين لغزو سيس. فثقل عليه طغجي وأراد إخراجه من مصر. فأحسّ بذلك وبادر لطلب الإذن بالحجّ وسافر أميرا للرّكب في سنة سبع وتسعين [وستّمائة]. وقدم في صفر سنة ثمان وتسعين
(1) المضرب: الخيمة العظيمة.
(2)
هي الترجمة رقم 2319.
(1*) الحسن بن طغج: له ترجمة: رقم 1161.
(2*) الحسن حفيده هو الذي أسر، وهو الحسن بن عبيد الله بن طغج (ت 371) وله ترجمة في المقفّى رقم 1172.
(3*) الوافي 16/ 452 (486) - النجوم 8/ 183 - العبر 5/ 387 - شذرات 5/ 444.
(4*) قتل الأشرف خليل سنة 693 - انظر ترجمته رقم 1397.
(5*) بيسري الشمسيّ (ت 698) - له ترجمة رقم 1016 - الوافي 10/ 364، 444 (4859).
(6*) حمدان بن صلغاي: خطط 4/ 231.
[وستّمائة] وقد أبرم منكوتمر مع السلطان أن يخرجه لنيابة طرابلس. فلمّا رسم له بها اعتذر بأنّه لا يصلح للنيابة وخرج إلى كرجي وبيبرس الجاشنكير (1) فأعلمهما الخبر وسألهما السعي له عند السلطان حتّى يعفيه. فما زالا بالسلطان حتّى أعفاه. فشقّ ذلك على منكوتمر وغضب.
واتّفق مع هذا ورود قاصد (2) الأمير فبجق نائب دمشق في السرّ لطغجي يخبره بما وقع من إخراجه عن دمشق والعمل على قبضه وقبض الأمراء المجرّدين إلى غزو سيس. فأطلع بيبرس وسلّار (3) وغيرهما على ذلك، وتواعدوا جميعا على قتل السلطان، واستمالوا الأمراء والمماليك المنصوريّة قلاوون والأشرفيّة حتى تمّ لهم ما أرادوه، ومنكوتمر يلحّ في إخراج طغجي ويبعث إليه يأمره بالمسير، إلى أن كان من قتل السلطان ونائبه الأمير منكوتمر في ليلة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستّمائة ما ذكر في ترجمتيهما (4).
فجلس طغجي على باب القلّة (5) واستدعى الأمراء في الليل فاتّفقوا على إقامته في نيابة السلطنة إلى أن يحضر الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك (6).
فلمّا أصبحوا يوم الجمعة جلس طغجي في مرتبة النيابة، والأمراء عن يمينه ويساره. ومدّ السماط السلطانيّ على العادة، ودار الكلام بينهم في الإرسال إلى الملك الناصر ليحضر (1*) فقام كرجي وقال: يا أمراء، أنا الذي قتلت السلطان لاجين وأخذت بثأر أستاذي الملك الأشرف، والملك الناصر صغير ما يصلح، ولا يكون السلطان إلّا هذا- يعني طغجي- وأنا أكون نائبه، ومن خالف فمنّي ومنه.
فسكت الجميع إلّا الأمير كرت الحاجب (2*) فإنّه قال له: يا خوند، الذي فعلته أنت قد علمه الأمراء [9 أ] ومهما رسمت ما ثمّ مخالف.
وانفضّوا. فبعث طغجي إلى التاج عبد الرحمن الطويل مستوفي الدولة (3*) فأحضره وسأله عن إقطاع النيابة وعبرتها (4*)، فذكره له، فقال: هذا كثير، أنا لا أعطي ذلك للنائب.
ورسم أن توفّر منه جملة تستقرّ في الخاصّ.
فلمّا خرج من عنده استدعاه كرجي وسأله عن إقطاع النيابة، فذكره له فاستقلّه، وقال: هذا لا يكفيني ولا أرضى به- وعيّن بلادا زيادة على ما كان لمنكوتمر. فكثر تعجّب التاج الطويل من استعجال كلّ منهما قبل أن ينعقد له ما يريد.
فلمّا كانت ليلة الأحد ثالث عشر ربيع الآخر المذكور، سقط الطائر (5*) بنزول الأمير بدر الدين
(1) بيبرس الجاشنكير ركن الدين: يتولّى السلطنة ويقتل سنة 709. انظر ترجمته رقم 1004. وكرجي: مملوك الأشرف خليل وخشداش (أي زميل) طغجي. الخطط 4/ 231.
(2)
القاصد: المبعوث.
(3)
سلّار نائب سلطنة مصر (ت 709) - الدرر 2/ 276.
الوافي 16/ 55 (76) - النجوم 9/ 11.
(4)
ترجمتا لاجين ومنكوتمر مفقودتان. وفي خصوص منكوتمر انظر: النجوم، 6/ 103، والسلوك 1/ 858.
(5)
باب القلّة: انظر الخطط 3/ 345.
(6)
الكرك: قلعة حصينة جدّا بين أيلة والقلزم (ياقوت).-
- وانظر دائرة المعارف الإسلاميّة 4/ 633 - والكرك أيضا:
قرية قرب بعلبك، وليست هي المقصودة هنا.
(1*) هذه المحاورات مفصّلة في السلوك 1/ 866.
(2*) كرت الحاجب (ت 699). انظر السلوك 1/ 888.
(3*) التاج عبد الرحمن المستوفي: انظر النجوم 8/ 92.
والمستوفي له وظيفة ماليّة.
(4*) العبرة: الدخل من الإقطاع.
(5*) الطائر: حمام الزاجل الذي ينقل الرسائل.
بكتاش الفخري (1) أمير سلاح ومن معه من الأمراء والعسكر المجرّدين إلى سيس (2)، بمدينة بلبيس، ففرح الأمراء بذلك وكتبوا في السرّ إليه وإلى من معه بما وقع من قتل السلطان وبما عزموا عليه من إحضار الملك الناصر من الكرك وبمخالفة كرجي وطغجي. وانقسم أهل الدولة قسمين: الأمراء ورأيهم معقود (3) بما يشير به الأمير بكتاش إذا حضر. وأمّا طغجي وكرجي وجاورجي فإنّ المماليك الأشرفيّة معهم على سلطنة طغجي ونيابة كرجي، وأنّهم لا ينزلون من قلعة الجبل إلى لقاء بكتاش ومن معه، وإنّما يقيمون بالقلعة حتى يحضر بمن معه إليهم. ومن رأي الأمراء النزول بأجمعهم إلى لقاء العسكر.
فلمّا أصبحوا يوم الأحد نزل الأمير بكتاش بركة الحاجّ وشرع الأمراء في الحركة إلى لقائه. فامتنع كرجي من أن ينزل إليهم أحد، وإنّما يعبر كلّ أمير وكلّ جنديّ إلى بيته، ويحضر الجميع من الغد إلى الخدمة (4) بالقلعة فيلبس طغجي خلعة السلطنة ويجلس على تخت الملك ويتصرّف في المملكة على ما يراه، وانفضّوا على ذلك. فعلم الأمراء أنّهم ما لم ينزلوا إلى لقاء الأمير بكتاش فاتهم ما دبّروه. فلمّا اجتمعوا بالخدمة من القلعة بعد العصر أخذوا مع طغجي وكرجي في تحسين النزول للّقاء، فإنّ الأمير بكتاش قديم الهجرة وأتابك العسكر وقد أثّر في سبيل الله آثارا جميلة وملك من الكفّار إحدى عشرة قلعة وله [وهو]
غائب بالعسكر سنة ونصف، وإن لم يتلقّهم (1*) الأمراء صعب عليهم تأخّرهم عن اللقاء، ولو كان السلطان حيّا لخرج إلى لقائهم. وطغجي وكرجي يقولان: لا ننزل، وإنّما أنتم انزلوا [9 ب] إن شئتم.
فلمّا طال تحاورهم استحيى طغجي من الأمراء وقال لكرجي: الصواب فيما أشار به الأمراء، والرأي أن أركب أنا معهم في المماليك السلطانيّة حتى نلقى الأمير بكتاش. وتقيم أنت وطائفة بالقلعة.
فأذعن لذلك. وعرض طغجي وكرجي المماليك، وعيّنا أربعمائة مملوك تركب مع طغجي وأخرجت لهم الخيول من الإسطبل السلطانيّ، وتركا بقيّة المماليك بالقلعة مع كرجي. وبات الجميع على هذا. وأصبحوا يوم الاثنين رابع عشره تحت القلعة حتى ركب طغجي في موكب جليل وسار ومعه الأمراء، وتقدّموا الحلقة والأجناد، وقد خرج الناس من القاهرة ومصر لرؤية العسكر. فلم يزل طغجي سائرا إلى أن لقي الأمير بكتاش فتعانقا وهما على فرسيهما، وقبّل طغجي يده، وتواكبا سائرين إلى قبّة النصر.
فسار الأمير كرت الحاجب في وسط الموكب وقال لبكتاش: يا خوند، الأمير يطلع القلعة أو يمضي إلى داره؟
فقال: «المرسوم مرسوم السلطان» ، كأنّه لم يعرف أنّه قتل.
فقال كرت: يا خوند، وأين السلطان؟ السلطان تعيش وتبقى! قد قتلوه!
فامتعض وقال: من قتله؟
قال: «هذا» ! وأشار لطغجي. فقام بكتاش في
(1) بكتاش (ت 706). له ترجمة في المقفّى رقم 933 - الوافي 1/ 188 (4674).
(2)
سيس أو سيسيّة: بين أنطاكية وطرسوس على عين زربة.
(3)
في المخطوط: ورأيهم معروف بما
…
(4)
الحضور إلى الخدمة: المثول أمام السلطان كلّ صباح لتسلّم الوظيفة وتلقّي الأوامر.
(1*) في المخطوط: لم يتلقّاهم.