الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عفوا فمثلك من يقيل ويغفر
…
وتجاوزا، فبك التجاوز أجدر!
لا تأخذنّي إن جنى غيري، فما
…
غيري أنا، ولكلّ عود مخبر
فأخو الشقا قابيل أشهر قصّة
…
وأخوه من تثنى عليه الخنصر
وكذا ابن نوح وهو أقرب نسبة
…
ما ضرّ نوح [ا] كفره إذ يكفر (1)
ومن شعره قوله [السريع]:
أتعبني الحرص على أنّني
…
أعلم أنّ الخالق الرّازق
فليبك منّي أمل كاذب
…
يضحك منه أجل صادق
وقال (الكامل):
أخلاق صاحبنا كشتوة عامنا
…
لا يستقيم على نظام ناضد
بينا نرى منها السماء نقيّة
…
جاءت ببرق زائد ورواعد
ومن البليّة أن تعاشر صاحبا
…
يرضى ويسخط في زمان واحد
وكتب إلى فخر القضاة نصر الله بن بصاقة (2)[الكامل]:
عجبا لمثلك كيف ينسى ذاكرا
…
وكذا لمثلي كيف يذكر ناسيا؟
بعد المدى ورزقت قلبا ليّنا
…
يشكو الجوى ورزقت قلبا قاسيا
شتّان بيني في الوفاء وبين من
…
آسى عليه ولا أراه آسيا
1477 - الخليفة أبو العبّاس السفّاح [- 136]
(1*)
[64 أ] عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو العبّاس السفّاح أمير المؤمنين، ابن أبي عبد الله [محمد] ذي الثفنات (2*)، ابن أبي محمد
[علي] السجّاد
، ابن حبر الأمّة وترجمان القرآن أبي العبّاس [عبد الله] ابن أبي الفضل [العبّاس] عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الهاشميّ العبّاسي، المعروف بابن الحارثيّة (3*)، أوّل خلفاء بني العبّاس.
قدم مصر قبل أن يلي الخلافة هو وأخوه أبو جعفر عبد الله بن محمد وعمّهما عبد الله بن علي، وقد تقدّم ذكر جدّ أبيه عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه (4*).
[عليّ السجّاد]
ولد جدّه علي بن العبّاس- وهو السجّاد- ليلة قتل ابن عمّ أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه في شهر رمضان سنة أربعين، فسمّاه أبوه عليّا.
وقيل: ولد في حياة عليّ فحنّكه (5*) ودعا له، ثم قال لأبيه: خذ إليك أبا الأملاك، وقد سمّيته عليّا- وفي هذا نظر.
وكان عليّ بن عبد الله أصغر بني أبيه، وفيه
(1) بياض بقدر سطرين.
(2)
قد مرّ ذكر هذا القاضي في الترجمة 1457.
(1*) في رأس الصفحة عنوان بالحبر الأحمر: الخليفة السفّاح.
وفي ترجمة السفّاح انظر: الوافي، 17/ 431 (373) - تاريخ بغداد، 10/ 46 (5178) - شذرات، 1/ 195 - مروج الذهب 4/ 94.
(2*) في الوفيات 3/ 274: ذو الثفنات هو عليّ السجّاد، والثّفنة يبوسة في الركبتين من كثرة السجود.
(3*) أمّه ريطة الحارثيّة (المعارف)، 372. مروج الذهب 4/ 94 (2308).
(4*) ترجمة عبد الله بن عبّاس سترد تحت رقم 1527.
(5*) حنّكه: دلك حلقه قبل الإرضاع.
الجمهرة والعدد والبيت والخلافة، ولا عقب لعبد الله بن عبّاس إلّا منه. وكان إماما عالما محدّثا زاهدا يصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة- ويقال:
ألف سجدة.
وولد [له] أبو عبد الله محمد بن عليّ، وهو ذو الثفنات، شبّه أثر السجود بجبهته وأنفه ويديه بثفنات البعير. وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة وأشهر (1). فلمّا شابا خصّب علي بالسواد، وخضّب محمد بن عليّ بالحنّاء فلم يكن يفرّق بينهما إلّا بخضابهما لتشابههما وقرب سنّ بعضهما من بعض.
وكان عليّ أثيرا عند عبد الملك بن مروان، كريما عليه، حتّى طلّق عبد الملك «أمّ أبيها» (2) بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فتزوّجها عليّ، فتغيّر له وثقل عليه فبسط لسانه بذمّه وقال:
إنّما صلاته رياء.
وكان الوليد بن عبد الملك سمع ذلك من أبيه، فلمّا ولي الخلافة أقصاه وشتمه. فرأى عبد الملك في منامه يقول له: يا هذا، ما تريد من علي بن عبد الله؟ قد ظلمته. والله لا يبتزّكم أمركم ولا يسلب ملككم إلّا ولده!
فازداد بذلك بغضه له، وتجنّى عليه حتى ضربه بعد ما أقامه في الشمس، وصبّ عليه الزيت فوق رأسه، وألبسه جبّة صوف وحبسه. وجعل يخرجه كلّ يوم فيقام في الشمس. وكتب إلى الآفاق بأنّ عليّ بن عبد الله قتل أخاه سليطا. ثم أمر أن ينفى إلى دهلك (3). فكلّمه أخوه سليمان بن عبد الملك
فيه وسأله ردّه. فأرسل من يحبسه حيث لحقه، وأذن له أن ينزل الحجر (1*).
فلمّا هلك الوليد وولي سليمان بن عبد الملك الخلافة بعده. ردّ عليّ بن عبد الله إلى دمشق.
وكان يروي أثرا في نزول الشّراة (2*) فانتقل إليها، ونزل الحميمة.
وكان يوما عنده ابنه محمد بن عليّ، وأبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفيّة، فقال: يا أبا هاشم، إنّ أهل المغرب يؤمّلونك. وقال [64 ب] لابنه محمد بن علي:«إنّ أهل المشرق يلومونك» . ثم نظر إلى حمار بين شجرتين فقال: والله لا تليان حتى يلي هذا الحمار! كبرتما عن سنّ صاحب هذا الأمر.
وتوفّي علي بالحميمة سنة ثماني عشرة ومائة.
وكانت الشيعة تروي أنّ الإمام محمد بن علي، فتظنّ أنّه ابن الحنفيّة. فلمّا مات ابن الحنفيّة قالوا:
الإمام ابنه أبو هاشم عبد الله بن محمد. فلمّا سمّ أبو هاشم في طريقه وهو يريد الحجاز عدل إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس بالحميمة فأوصى إليه وأعطاه كتبه وجمع بينه وبين قوم من الشيعة فقال: «إنّا كنّا نظنّ أنّ الإمامة والأمر فينا.
فقد زالت الشّبهة وصرّح اليقين بأنّك الإمام وأنّ الخلافة في ولدك. فعليك بالكوفة فإنّ فيها شيعتك وأهل مودّتك. واجتنب الشام، فليس يحتمل دعاتك ولا يصلح لهم. وعليك بخراسان! ».
فوجّه إلى خراسان رجلا وأمره أن يدعو إلى الرضى من آل محمد ولا يسمّي أحدا.
ويقال إنّه قال له: إنّي ميّت، وقد صرت إليك.
وهذه وصيّة أبي، وفيها أنّ الأمر صائر إليك وإلى
(1) انظر مناقشة ابن خلّكان لهذا الفارق في ترجمة محمد بن عليّ 4/ 187 (568).
(2)
المعارف، 207.
(3)
دهلك: وهي جزيرة في بحر عيذاب بالقرب من سواكن. كان الخلفاء يحبسون بها من نقموا عليه-
- (وفيات 6/ 300).
(1*) الحجر: منازل ثمود بوادي القرى.
(2*) الشراة: انظر أسفله ص 79 هـ 2.
ولدك، والوقت الذي يكون فيه ذلك، والعلامات، وما ينبغي لكم أن تعملوا به، على ما سمع وروى عن أبي، عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فاقبضها إليك، واعلم أنّ صاحب هذا الأمر من ولدك عبد الله ابن الحارثيّة، ثم عبد الله أخوه.
فإذا مضت سنة الحمار فوجّه رسلك بكتبك نحو خراسان والعراق.
وعرّفه ما يعمل. وكان أبو هاشم قد أعلم شيعته من أهل خراسان والعراق عند تردّدهم إليه أنّ الأمر صائر إلى محمد بن عليّ، وأمرهم بقصده. فلمّا مات أبو هاشم في سنة تسع وتسعين قصدت الشيعة محمد بن علي ومالت إليه. وثبّتت إمامته وإمامة ولده، وبايعوه، وبايعوا ابنه إبراهيم الإمام على ذلك.
وكان الخراسانيّون الذين قدموا لطلب الإمام يقولون: هذا أمر لا يصلح إلّا لذي شرف ودين وسخاء، فيتبعه قوم لشرفه وآخرون لدينه وآخرون لسخائه. فأتوا رجلا من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فدلّهم على محمد بن عليّ ذي الثفنات وقال: هو صاحبكم ومن أفضلنا.
فأتوه. واختار خراسان وقال: لا أرى بلدا إلّا وأهله يميلون إلى غيرنا: أمّا أهل الكوفة فميلهم إلى ولد عليّ بن أبي طالب.
وأما أهل البصرة فعثمانيّة.
وأما أهل الشام فسفيانيّة مروانيّة.
وأمّا أهل الجزيرة فخوارج.
وأما أهل المدينة فقد غلب عليهم حبّ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومنهم من يميل إلى الطالبيّين.
ولكنّ أهل خراسان قوم فيهم الكثرة والقوّة والجلد وفراغ القلوب من الأهواء. 2
فبعث إلى خراسان محمد بن حبيش، وأبا عكرمة السرّاج- وهو أبو محمد الصادق- وحيّان العطّار (1*). [وبعث] أبا رباح ميسرة مولى بني أسد إلى الكوفة بمشورة أبي هاشم. وقد كان أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفيّة سمّى له قوما من أهل الكوفة. فقدم على محمد بن عليّ ناس من أهل خراسان من الشيعة بعد مولد أبي العبّاس عبد الله بن محمد فأخرجه إليهم في خرقة، وعمره خمسة عشر يوما، وقال:«هذا صاحبكم الذي يتمّ الأمر على يده! » فقبّلوا أطرافه.
وكانت ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثيّ عند عبد الله بن عبد الملك بن مروان، فمات عنها، فتزوّجها بعده الحجّاج بن عبد الملك بن مروان، فطلّقها، فقدم محمد بن عليّ السجّاد من الشّراة (2*) وهو يريد الصائفة، فسأل عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ خليفة، أن يأذن له في تزوّجها، فقال:«ومن يمنعك- رحمك الله! - من ذلك، إن رضيت؟ هي أملك لنفسها» .
فتزوّجها بحاضر قنّسرين في دار طلحة بن مالك الطائيّ، واشتملت منه على أبي العبّاس عبد الله بن محمد- السفّاح- وولدته في سنة مائة، ويقال: في سنة إحدى ومائة (3*). وكان [65 أ] محمد بن عليّ يقول: لنا ثلاثة أوقات: موت الطاغية يزيد، ورأس المائة، وفتق بإفريقيّة. فعند ذلك تدعو لنا الدعاة ثمّ يقبل أنصارنا من المشرق حتّى يوردوا خيولهم أرض المغرب، وسيخرجون ما كنز الجبّارون فيها.
(1*)«خال إبراهيم بن سلمة» : ابن خلدون 3/ 100 والكامل 4/ 159.
(2*) الشّراة قرب الحميمة بالشام في إقليم البلقاء بالقرب من الشوبك (وفيات 2/ 278).
(3*) في سنة 104 (الكامل 4/ 188).