الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسلهم مع الأموال إليه. فوقّع على ظهر كتبهم:
الزموا مراكزكم! لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد: 38].
[بعض أخبار المهديّ]
ومن أخباره أنّه لمّا كان مقيما بسجلماسة سمع بغزويه بن يوسف فتطلّعت نفسه إلى رؤيته. فلمّا وصل أبو عبد الله إلى سجلماسة، وفرّ اليسع بأهله وولده، وخرج المهديّ، أمر أبا عبد الله بطلبه فلم يقدر عليه ولا علم أين توجّه، فأمر المهدي بإحضار غزويه: فحضر بين يديه فأعجب به. وكان فيما قال له غزويه: يا مولانا، وقعت في أيدينا من هذا البلد نعم عظيمة، وليس معنا من الظهر ما نحملها عليه، فإن رحل مولانا بقي كلّ ما أفدناه ولم نحصل منه على طائل، وإن أقام أيّاما أرسلنا إلى من يقرب منّا من القبائل فأمّنّاهم واشترينا منهم الجمال وكسبنا من الظهر ما نتّسع به في حمل ما صار إلينا، وننصرف بما أنعم الله علينا، ويرى من ورائنا ما أعطاه الله ببركة أيّامك ويمن دولتك.
فأجابه المهديّ إلى أن يقيم أيّاما. فقال: يا مولانا، إنّ ها هنا رجلا رئيسا له كرم وفيه تشيّع ومحبّة، فلو أذن لي مولانا لكاتبته في [224 أ] شراء ما أحتاج إليه من الظهر، وعقدت بيني وبينه مودّة.
قال: ومن هو؟
قال: فلان، مقدّم قومه.
فقال: افعل وائتني بمن ترسل [هـ] إليه لأوصيه.
[شيء من دهائه]
وكان المهدي قد بلغه أنّ اليسع بن مدرار صار إلى هذا الرجل ورفعه إلى قلعة له. فكتب إليه كتابا عن غزويه من غير علمه يرغّبه في المودّة وعقد الأخوّة، ويحضّه في أن يجعل لنفسه من أمير المؤمنين موضعا بالقبض على اليسع وتوجيهه، وأنّه، إن لم يفعل ذلك، خرجت العساكر فأهلكته واستأصلت عشيرته. ووجّه غزويه إلى المهدي رسوله فوصّاه بما أحبّ ودفع إليه الكتاب، وغزويه لا يعلم. فوصل الرسول بالكتابين جميعا: كتاب غزويه بشراء الجمال وما أحبّه من أحواله، والكتاب الثاني الذي دسّه المهديّ. فلمّا وقف الرجل على ذلك قال:«هذه بليّة قد وقعت فيها وامتحنت بها» . وكان في ظنّه أنّ أحدا لا يعلم بوصول اليسع إليه. فجمع أهله وشاورهم فقالوا:
«لا تكسبنا عداوة المشارقة (1*)، فإنّه لا طاقة لنا بهم» . فردّ الجواب بأن يصل من يتسلّم اليسع وأهله وولده. فدعا المهديّ بأبي عبد الله فقال له:
ما تجعل لمن دلّك على اليسع؟
فقال: كلّ ما عندي يا مولانا، وما أملك إلّا نفسي، فإن ملّكني مولاي نفسي جعلتها لمن دلّني عليه وأوقعه في يدي.
فأطلعه على الكتاب فسجد بين يديه شكرا لله تعالى. فأمره أن يبعث من يختاره فبعث أبا مديني ولهيصة.
قال المهدي: «تبيّنت في أبي عبد الله من غير أن يظهر به قولا ولا فعلا، كراهية لأمر غزويه، وإن يكن بلغ منّا هذه المنزلة» . وبيّن ذلك أنّ أبا العبّاس جعل يقول: «هذا جزاؤنا، فعلنا
- ويوسف بن أبي الساج: من قوّاد العبّاسيّين، كلّفه المقتدر بحرب القرامطة فلقيهم بظاهر الكوفة سنة 315 فغلبوه وقتلوه، (العيون والحدائق، 240).
ولا نعرف أحمد بن صعلوك.
(1*) المشارقة: هو الاسم الذي يطلقه أهل إفريقيّة والمغرب- وهم سنّة مالكيّون- على الشيعة الفاطميّين.