الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنّهم (1) علموا أنّ فيهم من يروم الخلافة أسوة [ب] غيرهم من العلويّين.
وإنّما تسمّى المهديّ عبيد الله اتّقاء (2). ويقال إنّ اسمه سعيد، ولقبه عبيد الله، وزوج أمّه اسمه الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح، وأنّه كان يقال لعبيد الله «اليتيم» من أجل أنّه ربّي (3) يتيما في حجر زوج أمّه. وقيل: بل ربّي يتيما في حجر عمّه. ويقال له أيضا «المعلّم» .
وقيل: بل هو أبو محمد عبيد الله، وهو سعيد ابن الحسين بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله.
وقيل: هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق.
وهذا قول شيخ الشرف النسّابة (4).
وقيل: بل خرج من الكوفة الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق إلى الشام وسكن سلميّة فصادف بها أبا عبد الله الشيعيّ وأخويه، فوسوسوا به حتى أجابهم إلى القرمطة.
وكان له بنون أربعة، وادّعى الإمامة وقال: أنا وليّ عهد أبي، محمد بن إسماعيل، وأنا داع لأبي إلى أن يخرج. فالأمر لابني أبي القاسم أحمد. فإن حدث به الأمر الذي لا بدّ منه، فالأمر لأخيه صاحب الخال. فإن حدث به أمر، فالأمر لأخيه عبد الله.
فخرج أبو القاسم بدمشق وعرف بصاحب
الجمل وقتل في الحرب ظاهر دمشق.
وقام من بعده أخوه أبو الحسن علي صاحب الخال، وظفر به وحمل إلى بغداد فقتل بها.
وخرج أبوهم الحسين ومعه ابنه الرابع، واسمه القاسم، وجمع الناس وطرق الكوفة وخرج. فأتته العساكر من بغداد وقاتلته فقتل في الهبير (1*) وقتل ابنه وزوجته المؤمنة.
[القول في نسبه: مطاعن ابن رزام وأخي محسّن]
وقال الشريف العابد أبو الحسين محمد بن علي المعروف بأخي محسّن الدمشقيّ في كتابه الذي ألّفه في الطعن على الفاطميّين خلفاء مصر أولاد عبيد الله هذا، كلاما طويلا، وليس هو منشئه، وإنّما هو كلام أبي عبد الله بن رزام في كتابه الذي ردّ فيه على الإسماعيليّة (2*)، أخذه الشريف ولم يعزه إليه، فتناقله مؤرّخو الشام والعراق والمغرب حتى انتشر في الآفاق إلى اليوم وامتلأت به التصانيف. وأنا أبرأ إلى الله منه، ولولا خشية الظنّ أنّي لم أقف عليه لما سطّرته.
(قال): هؤلاء القوم من [211 ب] ولد ديصان الثنويّ الذي تنسب إليه الثنويّة، وهو مذهب يعتقدون فيه خالقين اثنين أحدهما يخلق النور
(1) أي: العبّاسيّون.
(2)
ترجم فانيان: ابتداء، ولم يفهم اتقاء أي: تقيّة.
(3)
في ترجمة فانيان: «بقي» عوض «ربّي» .
(4)
شيخ الشرف (ت 437/ 1054): علويّ عالم بالأنساب، اسمه محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني (انظر:
الذريعة إلى تصانيف الشيعة، رقم 2272 والوافي بالوفيات للصفدي والأعلام للزركليّ) وله ترجمة في المقفّى (الترجمة 3153).
(1*) الهبير: في طريق مكّة، وأضاف ياقوت: كانت به وقعة القرامطة بالحاجّ في محرّم سنة 312.
(2*) أخو محسّن الدمشقيّ، أبو الحسين: سمّاه المقريزي في الاتّعاظ: محمد بن علي بن الحسين ورفع نسبه إلى جعفر الصادق. أمّا ابن رزام- واسمه كما جاء في التنبيه والإشراف للمسعودي، 343: أبو عبد الله محمد بن علي الطائيّ الكوفيّ- فهو «أوّل كاتب أشاع قصّة انتماء الفاطميّين إلى ميمون القدّاح» حسب رأي المرحوم الشيّال في طبعته للاتّعاظ، 25 - هامش 5.
وفي برنارد لويس: أصول الإسماعيلية، الترجمة العربيّة 57، أنّ الرجلين عاشا في النصف الأوّل من القرن الرابع، وقد اعتبرهما من مؤرّخي السنّة.
والآخر يخلق الظلمة. فولد ديصان ميمون القدّاح، وإليه تنسب الميمونيّة، وكان له مذهب في الغلوّ- يعني في التشيّع- فولد لميمون عبد الله بن ميمون، وكان أخبث من أبيه وأمكر، وأعلم بالحيل، فعمل أبوابا عظيمة من المكر والخديعة على بطلان الإسلام، وكان عارفا عالما بجميع الشرائع والسنن وجميع علوم المذاهب كلّها. فرتّب سبع دعوات يتدرّج الإنسان من واحدة إلى أخرى فإذا انتهى إلى الدعوة الأخيرة جعله معرى من جميع الأديان لا يعتقد غير تعطيل الباري تعالى وإباحة أمّة محمد عليه السلام وغيرهم من الأمم، ولا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا، وما هوّنت نفسه لا يرجع عنه. ويقول إنّ أهل مذهبه على هدى وأنّ المخالفين لهم في ضلال وغفلة. وكان يريد بهذا أن يجعل المخدوعين أمّة له ويستمدّ من أموالهم. وفي الظاهر يدعو إلى الإمام من آل الرسول، محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ليجمعهم عليه. وقد كان طلب أن يتنبّأ قبل ذلك بشعوذة فلم تتمّ له الحيلة.
(قال) وأصل عبد الله بن ميمون وآبائه من موضع بالأهواز. ونزل عبد الله عسكر مكرّم (1)، واكتسب بهذه الدعوة مالا. وكان يتستّر بالتشيّع والعلم، وصار له دعاة. ثمّ هرب من المعتزلة (2)
ومعه من أصحابه الحسين الأهوازيّ. ونزل البصرة وقال: أنا من ولد عقيل بن أبي طالب، داع إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر.
فلمّا انتشر خبره طلبه العسكريّون، فهرب ومعه الحسين ونزلا سلميّة من أرض الشام. فأقام بها عبد الله بن ميمون، وخفي أمره حتى ولد له أحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح. فقام بعد موت أبيه في ترتيب الدعوة، وبعث الحسين الأهوازيّ داعيته إلى العراق فلقي حمدان بن الأشعث قرمط بسواد الكوفة فدعاه حتى استجاب له- وكان منه مذهب القرامطة على ما ذكرته في ترجمة أحمد بن الحسين بن أبي سعيد الجنّابيّ من هذا الكتاب (1*).
(قال) ثمّ ولد لأحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح الحسين ومحمّد المعروف بأبي الشلعلع، وهلك (2*) فخلفه ابنه الحسين في الدعوة حتّى مات. فقام بالدعوة أخوه محمد بن أحمد المعروف بأبي الشلعلع. وكان للحسين ابن اسمه سعيد تحت حجر عمّه أبي الشلعلع (3*). فبعث أبو الشلعلع بأبي عبد الله الشيعيّ [212 أ] وأخيه أبي
(1) الشكل من المقريزي نفسه، والنسخة بخطّه، أمّا ياقوت فرسمها «مكرم» بضمّ فسكون ففتح، ونسبها إلى بعض أتباع الحجّاج بن يوسف اسمه مكرم بن معزاء، ونسب إليها أبا هلال العسكري.
(2)
نقول المقريزي في الاتّعاظ، 29، أكثر تفصيلا ووضوحا: «وصار له دعاة، وظهر ما هو عليه من التعطيل والإباحة، والمكر والخديعة، فثارت به الشيعة والمعتزلة، وكبسوا داره، ففرّ إلى البصرة
…
». وانظر الملاحظة الهامّة من المرحوم الشيّال في الهامش 4 من ص 29 من اتّعاظ الحنفاء.
(1*) انظر ترجمة الأعصم القرمطي في هذا الكتاب (رقم 1146).
(2*) الهالك هو أحمد بن عبد الله كما في الاتّعاظ، 30: ثمّ هلك أحمد فخلفه ابنه الحسين.
(3*) في الفهرست، 238: ولد لعبد الله بن ميمون ثلاثة بنين:
أحمد ومحمد والحسين، وولد لمحمّد ابن اسمه أحمد ولقبه أبو الشلعلع، وولد للحسين ابن اسمه سعيد. فأبو الشلعلع هو ابن عمّ سعيد، لا عمّه كما في رواية ابن رزام التي ينقلها المقريزي هنا.
وفي الخطط، 2/ 19 - أنّ سعيدا هو ابن أحمد بن عبد الله. وهو خطأ من النسّاخ لأن المقريزي يقول بعدها بقليل: وإنّما هو سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح.