الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما زال [صرغتمش] يستميل الأمير طاز حتى مال معه على ابن زنبور فقويا على شيخو.
هذا وقد انتدب جماعة لرمي ابن زنبور بكلّ عظيمة تخرجه عن الإسلام وتثبت أنّه على دين النصرانيّة، وأنّ قتله من جملة ما يتقرّب به إلى الله تعالى. فمرّ به بعد القبض من أنواع العقوبات ما لا يوصف.
ثمّ أخرج في ليلة الاثنين تاسع عشر من المحرّم [سنة 754] إلى قوص فكانت مدّة عقوبته ثلاثة أشهر.
ومات بقوص يوم الأحد سابع (1) عشر ذي القعدة سنة أربع وخمسين وسبعمائة.
وكان من أجلّ وزراء الدولة التركيّة، وكان له صدقات ومبارّ دارّة لأرباب البيوت في كلّ شهر.
وكان يتفقّد الكتّاب والأمراء وغيرهم بالإنعامات من السكّر وغيره. ويبعث إلى الحرمين كلّ سنة عشرة آلاف درهم.
وكان يصوم شهر رمضان ويصلّي. ولم يعرف أنّه صادر أحدا في طول مباشرته ولا نكبه، ولا ضرب أحدا بالمقارع.
وكان يظنّ أنّ الأمير شيخو لا يمكّن منه أحدا، ويثق به ويعتمد عليه، فوكّله شيخو إلى ما تعلّق به، وقام الأمير صرغتمش بأمر نكبته، ولم يجسر أحد أن يتكلّم في خلاصه من يده.
ولم يعرف قبله أنّ وزيرا نكب بغير يد السلطان سواه، فإنّه لم ينكبه إلّا الأمير صرغتمش.
1510 - أبو محمد البيّاسي الكاتب [555 - 635]
(2)
[179 أ] عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن
محمد بن عبد الرحمن، الإمام أبو محمد، الثّقفيّ، الأندلسيّ، البيّاسيّ، المالكيّ، الكاتب.
مولده ببيّاسة في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة. ولقي أبا القاسم السهيليّ وغيره.
وله شعر حسن.
توفّي بالقاهرة في سابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستّمائة.
1511 - ابن تافراجين [- 760]
(1*)
عبد الله بن أحمد بن عبد العزيز بن تافراكين الحاجب، أبو محمد، التونسيّ، شيخ الموحّدين.
كان بنو تافراكين من بيوت الموحّدين في تينمال، ولهم التقدّم من أيّام عبد المؤمن بن عليّ، وفي أيّام بنيه، إلى أن كان عبد العزيز جدّ هذا الحاجب، وهو على التقدّم فيهم.
فلمّا اختلّ سلطان بني عبد المؤمن بمراكش قدم أحمد بن عبد العزيز وأخواه محمد وعمر إلى تونس، فولّاه السلطان أبو حفص على قفصة، ثمّ على المهديّة. وكان السلطان أبو عصيدة يستخلفه على الحضرة إذا خرج منها حتّى مات.
ونشأ ابناه أبو محمد صاحب الترجمة، وأبو العبّاس أحمد في حجر الدولة فاستخلص أبو ضربة محمد بن أبي يحيى زكريا اللحيانيّ أبا عبد الله، وما زال معه حتّى تفرّقت جموعه فلحق بالسلطان أبي بكر. وترقّى في خدمته حتّى ولّاه الوزارة. ثم قدّمه شيخا على الموحّدين في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
(1) في السلوك، 2/ 906: رابع عشر. وفي الوافي وأعيان العصر: ثاني عشر ربيع الأوّل.
(2)
التكملة 3/ 478 (2806) - الوافي 17/ 51 (46).
(1*) ابن تافراجين: انظر رسالة برونشويك: تاريخ إفريقيّة في العهد الحفصيّ، تعريب حمّادي الساحلي، دار الغرب الإسلاميّ 1989 (الفهرس).
وبعثه إلى ملك فاس مع ابنه أبي زكريا صاحب بجاية صريخا على بني عبد الواد ملوك تلمسان.
وما زال يرجع إليه في المشورة والتدبير ويعوّل على رأيه إلى أن تقلّد الحجابة في سنة أربع وأربعين [وسبعمائة](1) وفوّض إليه السلطان أبو بكر ما وراء وعقد على الوزارة لأخيه أبي العبّاس أحمد.
وصار أبو محمد يلازم الباب ودفع أخاه أبا العباس إلى الحرب وقيادة العساكر حتّى قتل بيد سحيم من العرب في أوّل سنة سبع وأربعين [وسبعمائة] وقد خرج لجباية هوارة.
ولم يزل أبو محمد مستبدّا بالمملكة حتّى قدم السلطان أبو الحسن من فاس إلى إفريقيّة وملك تونس. فتحيّل في الخروج من عنده ولحق بالعرب وقد أقاموا أحمد بن عثمان بن أبي دبّوس (2) سلطانا فقلّدوه حجابته (3) وبعثوه إلى حصار قصبة تونس، وقد خرج عنها أبو الحسن لقتال العرب وترك بها حرمه وأولاده. فنزل عليها أبو محمّد (4) بسلطانه ونصب المجانيق عليها فلم يغن شيئا حتى
قدم السلطان أبو الحسن من القيروان في [يوم] النحر إلى تونس. فتسلّل أبو محمد من أصحابه وركب البحر في شهر ربيع الأوّل (1*) سنة [179 ب] تسع وأربعين [وسبعمائة] إلى الإسكندريّة وقدم القاهرة واتّصل بالأمير بيبغا أروس القاسميّ نائب السلطان.
فبعث السلطان أبو الحسن [المريني] في طلبه فلم يسلمه الأمير بيبغا أروس، وجهّزه للحجّ في سنة خمسين. فحجّ واجتمع في حجّه بعمر بن حمزة بن أبي الليل، وتعاقدا على الرجوع إلى إفريقية والتظاهر على أمرها.
وعادا ووافقا العرب على المكر بالسلطان أبي العبّاس الفضل ابن السلطان أبي بكر، وزحفوا إلى تونس. فخرج إليهم السلطان أبو العبّاس فقبضوا عليه.
ودخل أبو محمد ابن تافراكين تونس لإحدى عشرة من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين، وأقام الأمير أبا إسحاق إبراهيم ابن السلطان أبي بكر في المملكة، وهو غلام لم يبلغ الحلم. وقتل أبا العبّاس الفضل، وقام بأمر الدولة وحجّر على السلطان، واستبدّ بالأمور كلّها. فنقم عليه الأمراء شأن استبداده.
وشمّر أبو العبّاس أحمد بن مكّي متولّي قابس للسعي عليه لمنافسة كانت بينهما، واستعان بأولاد مهلهل، فشنّوا الغارات على الضواحي وجمعوا الناس. فبعث إليهم أبو محمد عسكرا في سنة اثنتين وخمسين [وسبعمائة] فكسروه، وجبوا أموال النواحي، وظاهروا الأمير أبا زيد عبد الرحمن ابن الأمير أبي زكريا يحيى صاحب قسنطينة، وزحفوا به في سنة ثلاث وخمسين.
(1) في تاريخ الدولتين للزركشيّ، 77: تقلّد الحجابة عوضا عن الحاجب أبي القاسم ابن عبد العزيز الغسّاني الذي توفّي في مستهلّ سنة 744، وبخصوص الحجابة في الدولة الحفصيّة انظر مقدّمة ابن خلدون، 241.
(2)
أحمد بن عثمان بن أبي دبّوس: له ترجمة في المقفّى رقم 482 (ت بعد 748) وهو هناك: أحمد بن عبد السلام بن عثمان. وقال الزركشيّ: «وكان بتوزر أحمد بن عثمان بن أبي دبّوس- آخر خلفاء بني عبد المؤمن- وكان خيّاطا فجاءوا به ونصبوه للأمر» (الدولتين 84).
(3)
في المخطوط: حاجبه، والإصلاح من تاريخ الدولتين:
«فخرج إليهم [ابن تافراجين] فقلّدوه حجابة سلطانهم أحمد ابن أبي دبّوس، ثمّ دفعوه لمحاربة من بقصبة تونس، فنازلها ونصب المجانيق عليها فلم تغن شيئا (الدولتين 84).
(4)
أي ابن تافراجين، وسلطانه هو الخيّاط المشار إليه آنفا.
(1*) في شهر ربيع الآخر عند الزركشي 85.