الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ حُرْمَةُ قِرَاءَةِ مَا خَرَجَ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَلَوْ وَافَقَ قِرَاءَةَ أَحَدٍ مِنَ الْعَشَرَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ: يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ إِذَا صَحَّ سَنَدُهُ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِقِرَاءَاتِهِمْ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ، وَكَانَتْ صَلَاتُهُمْ صَحِيحَةً بِغَيْرِ شَكٍّ (1) .
الْقِرَاءَةُ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي الصَّلَاةِ:
14 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي الصَّلَاةِ، قَال أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْقِيَامَ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ، قِيل لَهُ: الْفَرِيضَةُ؟ قَال: لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا شَيْئًا.
وَسُئِل الزُّهْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ يَقْرَأُ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ، فَقَال: كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ.
وَفِي شَرْحِ رَوْضِ الطَّالِبِ لِلشَّيْخِ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيِّ: قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ وَلَوْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا لَمْ تَبْطُل - أَيِ الصَّلَاةُ - لأَِنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 326، 363 - 364، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 328، وحاشية العدوي على شرح الخرشي 2 / 25، والمجموع شرح المهذب 3 / 392، وشرح روض الطالب 1 / 63، 151، والبجيرمي على الخطيب 2 / 22، وكشاف القناع 1 / 345.
أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لَا يُشْعِرُ بِالإِْعْرَاضِ، وَالْقَلِيل مِنَ الْفِعْل الَّذِي يُبْطِل كَثِيرُهُ إِذَا تَعَمَّدَهُ بِلَا حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ (1) .
وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَفَرَّقُوا فِي صَلَاةِ النَّفْل بَيْنَ الْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي أَثْنَائِهَا وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا، فَكَرِهُوا الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي أَثْنَائِهَا لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِهِ، وَجَوَّزُوا الْقِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي أَوَّلِهَا؛ لأَِنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (2) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أُمِّيًّا لَا يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ إِلَاّ مِنْهُ أَوْ لَا، وَذَكَرُوا لأَِبِي حَنِيفَةَ فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَمْل الْمُصْحَفِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَتَقْلِيبَ الأَْوْرَاقِ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ تَلَقَّنَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُول عِنْدَهُ، وَعَلَى الأَْوَّل يَفْتَرِقَانِ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حَافِظًا لِمَا قَرَأَهُ وَقَرَأَ بِلَا حَمْلٍ فَإِنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ مُضَافَةٌ إِلَى حِفْظِهِ لَا إِلَى تَلَقُّنِهِ مِنَ
(1) مغني المحتاج 1 / 156، مطالب أولي النهى 1 / 483 - 484، شرح روض الطالب 1 / 183.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 74.