الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِدِرْهَمٍ أَفْضَل فِي حَقِّهِ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَصِيَامِ أَيَّامٍ (1) .
نَذْرُ الْقُرْبَةِ:
14 -
يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ نَذْرِ مَا يُعْتَبَرُ قُرْبَةً مِمَّا لَهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ بِالشَّرْعِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي شُرِعَتْ لِلتَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَعُلِمَ مِنَ الشَّارِعِ الاِهْتِمَامُ بِتَكْلِيفِ الْخَلْقِ إِيقَاعَهَا عِبَادَةً، فَهَذَا النَّذْرُ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقُرْبَةِ الْمَنْذُورَةِ أَنْ لَا تَكُونَ وَاجِبَةً عَلَى الإِْنْسَانِ ابْتِدَاءً، كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ لأَِنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ، وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مَا هُوَ لَازِمٌ لَهُ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ مُوَضِّحًا مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ: قَال أَصْحَابُنَا: نَذْرُ الْوَاجِبِ كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لَا يَنْعَقِدُ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ مُوجِبًا كَفَّارَةَ يَمِينٍ إِنْ تَرَكَهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، فَإِنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ.
لَكِنْ جَاءَ فِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي الْوَاجِبِ، كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَنَحْوُهُ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَال: وَعِنْدَ
(1) المنثور 2 / 421 - 422.
الأَْكْثَرِ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي وَاجِبٍ (1) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَذْرِ الْقُرَبِ الَّتِي لَا أَصْل لَهَا فِي الْفُرُوضِ كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ، وَدُخُول الْمَسْجِدِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهَا.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ نَذْرِ هَذِهِ الْقُرَبِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهَا.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَصِحُّ هَذَا النَّذْرُ؛ لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا لَا أَصْل لَهُ فِي الْفُرُوضِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِهِ.
وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ مِثْل هَذِهِ الْقُرَبِ (2) .
الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبَةِ:
15 -
تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبَةِ بِاتِّفَاقٍ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ خَتْمُ عَمَلِهِ بِالْقُرْبَةِ زِيَادَةً عَلَى الْقُرَبِ السَّابِقَةِ، فَتَزِيدُ بِهَا حَسَنَاتُهُ، وَقَدْ تَكُونُ تَدَارُكًا لِمَا فَرَّطَ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِيُدْرِكَ بِهَا مَا فَاتَ.
(1) بدائع الصنائع 5 / 82، وحاشية الدسوقي 2 / 162، والمواق بهامش الحطاب 3 / 316، وروضة الطالبين 3 / 301، وحاشية الجمل 5 / 323، والمغني 9 / 1 - 6، ومنتهى الإرادات 3 / 449.
(2)
البدائع 5 / 83، والدسوقي 2 / 162، وروضة الطالبين 3 / 302، وحاشية الجمل 5 / 323، والمغني 9 / 2، وشرح منتهى الإرادات 3 / 450.