الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقَلَّدَ النَّظَرَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ خَاصَّةً فَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِ الْخُصُومِ، فَإِذَا خَرَجَ يَوْمُ السَّبْتِ لَمْ تَزُل وِلَايَتُهُ لِبَقَائِهَا عَلَى أَمْثَالِهِ مِنَ الأَْيَّامِ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ النَّظَرِ فِيمَا عَدَاهُ. (1)
د -
تَقْيِيدُ الْقَاضِي بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ:
29 -
إِذَا قَلَّدَ الإِْمَامُ قَاضِيًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَلَاّ يَحْكُمَ إِلَاّ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي عَقْدِ التَّوْلِيَةِ، كَأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلَاّ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مَثَلاً، أَوْ يَكُونَ أَمْرًا كَقَوْلِهِ: احْكُمْ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَوْ نَهْيًا كَقَوْلِهِ: لَا تَحْكُمْ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ لَا مَذْهَبِ غَيْرِهِ، إِذْ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِرَأْيِ الْقَاضِي - أَيْ لِمَذْهَبِهِ - مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا، فَلَوْ قَضَى بِخِلَافِهِ لَا يَنْفُذُ، لَكِنِ الْكَاسَانِيُّ قَال: إِنَّهُ إِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ اجْتَهَدَ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ، لَكِنْ إِذَا قَيَّدَهُ السُّلْطَانُ بِصَحِيحِ مَذْهَبِهِ تَقَيَّدَ بِلَا خِلَافٍ، لِكَوْنِهِ مَعْزُولاً عَنْ غَيْرِ مَا قَيَّدَهُ بِهِ،
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 70، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 54.
وَهَذَا هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اشْتَرَطَ الإِْمَامُ ذَلِكَ الشَّرْطَ فِي جَمِيعِ الأَْحْكَامِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ قَارَنَ الشَّرْطُ عَقْدَ الْوِلَايَةِ أَوْ تَقَدَّمَهُ ثُمَّ وَقَعَ الْعَقْدُ، أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّرْطُ خَاصًّا فِي حُكْمٍ بِعَيْنِهِ فَلَا يَخْلُو الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا مِثْل أَنْ يَقُول: وَلَّيْتُكَ عَلَى أَنْ تَقْتَصَّ مِنَ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ، وَإِنْ كَانَ نَهْيًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِي قَتْل الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ مَثَلاً، وَلَا يَقْضِي فِيهِ بِقَوَدٍ وَلَا بِإِسْقَاطِهِ، فَهُوَ جَائِزٌ لأَِنَّهُ قَصَرَ وِلَايَتَهُ عَلَى مَا عَدَاهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ نَظَرِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الْقَضَاءِ فِي الْقِصَاصِ، فَيَصِحَّ الْعَقْدُ، وَيَخْرُجَ الْمُسْتَثْنَى عَنْ وِلَايَتِهِ فَلَا يَحْكُمُ فِيهِ بِشَيْءٍ، قَال ابْنُ فَرْحُونَ: وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَقُول: تَثْبُتُ وِلَايَتُهُ عُمُومًا وَيَحْكُمُ فِيهِ بِمَا نَهَاهُ عَنْهُ بِمُقْتَضَى اجْتِهَادِهِ، كُل هَذَا إِذَا كَانَ شَرْطًا فِي الْوِلَايَةِ، فَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ فَقَال: وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ عَلَى أَنْ تَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَالْوِلَايَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَيَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ شَرْطَهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَأَضَافَ ابْنُ فَرْحُونَ
(1) ابن عابدين 5 / 407، والمادة 1810 من مجلة الأحكام العدلية.