الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذِّمَّةِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ إِلَى جَوَازِ قَرْضِ الْمِثْلِيَّاتِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ وَسَّعُوا دَائِرَةَ مَا يَصِحُّ إِقْرَاضُهُ، فَقَالُوا: يَصِحُّ إِقْرَاضُ كُل مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ - حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - وَهُوَ كُل مَا يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَيُضْبَطُ بِالْوَصْفِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْقِيَمِيَّاتِ، وَذَلِكَ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ بَكْرًا (2) ، وَقِيسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، أَمَّا مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَهُوَ مَا لَا يُضْبَطُ بِالْوَصْفِ - كَالْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا - فَلَا يَصِحُّ إِقْرَاضُهُ (3) .
ثُمَّ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قَرْضِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ جَوَازَ قَرْضِ الْخُبْزِ وَزْنًا لِلْحَاجَةِ وَالْمُسَامَحَةِ (4) .
وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ جَوَازُ قَرْضِ كُل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِثْلِيَّةً أَمْ قِيَمِيَّةً، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا (5) .
(1) رد المحتار 4 / 171 (ط. بولاق 1272 هـ) .
(2)
الحديث سبق تخريجه في فقرة 4.
(3)
القوانين الفقهية ص 293، ومواهب الجليل 4 / 545، ومنح الجليل 3 / 47، والمهذب 1 / 310، ونهاية المحتاج 4 / 222، وتحفة المحتاج 5 / 44.
(4)
المهذب 1 / 310، وأسنى المطالب 2 / 141، وروضة الطالبين 4 / 32 - 33، ونهاية المحتاج 4 / 220 - 223، وتحفة المحتاج 5 / 41 - 44.
(5)
كشاف القناع 3 / 300، وشرح منتهى الإرادات 2 / 225، والمغني 6 / 432 وما بعدها ط. هجر، والمبدع 4 / 205.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَيْنًا:
15 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ (1) إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِقْرَاضُ الْمَنَافِعِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ فِي مُسْتَنَدِ الْمَنْعِ وَمَنْشَئِهِ.
فَأَسَاسُ مَنْعِ إِقْرَاضِ الْمَنَافِعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْقَرْضَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى دَفْعِ مَالٍ مِثْلِيٍّ لآِخَرَ لِيَرُدَّ مِثْلَهُ (2) ، وَالْمَنَافِعُ لَا تُعْتَبَرُ أَمْوَالاً فِي مَذْهَبِهِمْ؛ لأَِنَّ الْمَال عِنْدَهُمْ مَا يَمِيل إِلَيْهِ طَبْعُ الإِْنْسَانِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلإِْحْرَازِ وَالاِدِّخَارِ، إِذْ هِيَ أَعْرَاضٌ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَآنًا فَآنًا، وَتَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ وَقْتِهَا، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا غَيْرُ الَّذِي يَنْتَهِي، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ جَعْل الْمَنَافِعِ مَحَلًّا لِعَقْدِ الْقَرْضِ.
وَأَمَّا مُسْتَنَدُ مَنْعِ إِقْرَاضِ الْمَنَافِعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَهُوَ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ (3) ، أَيْ فِي الْعُرْفِ وَعَادَةِ النَّاسِ.
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَيَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ، مِثْل أَنْ يَحْصُدَ مَعَهُ يَوْمًا، وَيَحْصُدَ مَعَهُ الآْخَرُ يَوْمًا، أَوْ يُسْكِنَهُ دَارًا لِيُسْكِنَهُ الآْخَرُ بَدَلَهَا، لَكِنَّ
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 225، والمبدع 4 / 205، وكشاف القناع 3 / 300.
(2)
انظر رد المحتار 4 / 171، م (796) من مرشد الحيران م (126) من مجلة الأحكام العدلية.
(3)
كشاف القناع 3 / 300.