الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب -
اشْتِرَاطُ الْوَفَاءِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ:
24 -
يَدْخُل هَذَا الاِشْتِرَاطُ فِي بَابِ السَّفْتَجَةِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى الْكَرَاهَةِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ (1) .
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (سَفْتَجَة ف 3) .
ج -
اشْتِرَاطُ الْوَفَاءِ بِأَنْقَصَ
25 -
إِذَا اشْتُرِطَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ أَنْ يَرُدَّ الْمُقْتَرِضُ عَلَى الْمُقْرِضِ أَنْقَصَ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى فَسَادِ هَذَا الشَّرْطِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ، وَهَل يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ؟
لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ جَرُّ الْمُقْرِضِ النَّفْعَ إِلَى نَفْسِهِ، وَهَاهُنَا لَا نَفْعَ لَهُ فِي الشَّرْطِ، بَل النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ، فَكَأَنَّ الْمُقْرِضَ زَادَ فِي الْمُسَامَحَةِ وَالإِْرْفَاقِ، وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا.
(1) بدائع الصنائع 7 / 395، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 4 / 175، ورد المحتار 4 / 174، ومنح الجليل 3 / 50، والزرقاني على خليل 5 / 229، والبهجة 2 / 288، والخرشي 5 / 231، وأسنى المطالب 2 / 142، وفتح العزيز 9 / 375 - 385، ونهاية المحتاج 4 / 225، وكشاف القناع 3 / 304، وشرح منتهى الإرادات 2 / 227. والمغني 6 / 436 (ط. هجر) والاختيارات الفقهية ص 131.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْفَسَادُ؛ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَشَرْطِ الزِّيَادَةِ (1) .
د -
اشْتِرَاطُ الأَْجَل:
26 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ اشْتِرَاطِ الأَْجَل وَلُزُومِهِ فِي الْقَرْضِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيل الْقَرْضِ، وَإِنِ اشْتُرِطَ فِي الْعَقْدِ، وَلِلْمُقْرِضِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ قَبْل حُلُول الأَْجَل؛ لأَِنَّ الآْجَال فِي الْقُرُوضِ بَاطِلَةٌ (2) قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ (3) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ أَصْلِهِمْ بِعَدَمِ لُزُومِ الأَْجَل فِي الْقَرْضِ أَرْبَعَ مَسَائِل: إِذَا كَانَ مَجْحُودًا بِأَنْ صَالَحَ الْمُقْرِضُ الْمُقْتَرِضَ الْجَاحِدَ لِلْقَرْضِ عَلَى مَبْلَغٍ إِلَى أَجَلٍ فَيَلْزَمُ الأَْجَل، أَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْل الدَّيْنِ
(1) فتح العزيز 9 / 378، ونهاية المحتاج 4 / 226، والمهذب 1 / 311، وشرح منتهى الإرادات 2 / 227، وكشاف القناع 3 / 303.
(2)
النتف في الفتاوى للسغدي 1 / 493، والبدائع 7 / 396، ورد المحتار 4 / 170، وروضة الطالبين 4 / 34، ونهاية المحتاج 4 / 226، وأسنى المطالب 2 / 142، وفتح العزيز 9 / 357، 379، 380، وكشاف القناع 3 / 303، والمبدع 4 / 208، وشرح منتهى الإرادات 2 / 227، والمغني 6 / 431، وقد جاء في المادة (804) من مرشد الحيران: لا يلزم تأجيل القرض وإن اشترط ذلك في العقد، وللمقرض استرداده قبل حلول الأجل.
(3)
المبدع 4 / 208، وكشاف القناع 3 / 303.
عِنْدَهُ، أَوْ أَحَالَهُ عَلَى آخَرَ فَأَجَّلَهُ الْمُقْرِضُ أَوْ أَحَالَهُ عَلَى مَدْيُونٍ مُؤَجَّلٍ دَيْنُهُ، لأَِنَّ الْحَوَالَةَ مُبْرِئَةٌ، وَالرَّابِعَةُ الْوَصِيَّةُ، بِأَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فُلَانًا إِلَى سَنَةٍ (1) .
وَقَدِ اسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ اشْتِرَاطِ الأَْجَل فِي الْقَرْضِ بِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ التَّفَاضُل، فَمُنِعَ فِيهِ الأَْجَل كَالصَّرْفِ، إِذِ الْحَال لَا يَتَأَجَّل بِالتَّأْجِيل، وَبِأَنَّهُ وَعْدٌ، وَالْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ غَيْرُ لَازِمٍ (2) وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَأْجِيلِهِ بِأَنَّهُ إِعَارَةٌ وَصِلَةٌ فِي الاِبْتِدَاءِ حَتَّى يَصِحَّ بِلَفْظِ الإِْعَارَةِ، وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ، كَالْوَصِيِّ وَالصَّبِيِّ، وَمُعَاوَضَةٌ فِي الاِنْتِهَاءِ، فَعَلَى اعْتِبَارِ الاِبْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيل فِيهِ، كَمَا فِي الإِْعَارَةِ، إِذْ لَا جَبْرَ فِي التَّبَرُّعِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الاِنْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً، وَهُوَ رِبًا (3) .
وَمَعَ اتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الأَْجَل فِي الْقَرْضِ فَاسِدٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ لِلْمُقْرِضِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي عَقْدِ الْقَرْضِ هَل يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ أَمْ لَا؟
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 4 / 170، والبدائع 7 / 396.
(2)
شرح منتهى الإرادات 2 / 227، وكشاف القناع 3 / 303.
(3)
رد المحتار 4 / 170 (ط. بولاق 1272 هـ) ، وبدائع الصنائع 7 / 396.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الْقَرْضُ صَحِيحٌ.
وَالأَْجَل بَاطِلٌ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا شُرِطَ فِي الْقَرْضِ أَجَلٌ نُظِرَ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ غَرَضٌ فِي التَّأْجِيل (أَيْ مَنْفَعَةٌ لَهُ) لَغَا الشَّرْطُ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّهُ زَادَ فِي الإِْرْفَاقِ بِجَرِّهِ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُقْتَرِضِ فِيهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ الْوَفَاءُ بِشَرْطِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمُقْرِضِ فِيهِ غَرَضٌ، بِأَنْ كَانَ زَمَنَ نَهْبٍ، وَالْمُسْتَقْرِضُ مَلِيءٌ، فَوَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُفْسِدُ الْقَرْضَ؛ لأَِنَّ فِيهِ جَرَّ مَنْفَعَةٍ لِلْمُقْرِضِ (2) .
(وَالثَّانِي) لِلْمَالِكِيَّةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ الْقَيِّمِ، وَهُوَ صِحَّةُ التَّأْجِيل بِالشَّرْطِ، فَإِذَا اشْتُرِطَ الأَْجَل فِي الْقَرْضِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ رَدُّ الْبَدَل قَبْل حُلُول الأَْجَل الْمُعَيَّنِ (3)، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (4) .
(1) النتف للسغدي 1 / 493، والفتاوى الهندية 3 / 202، وشرح منتهى الإرادات 2 / 227، وكشاف القناع 3 / 303، ورد المحتار 4 / 170.
(2)
روضة الطالبين 4 / 34، وأسنى المطالب 2 / 142، ونهاية المحتاج 4 / 226.
(3)
ميارة على التحفة 2 / 196، والبهجة 2 / 288، والمغني لابن قدامة 6 / 431، والاختيارات الفقهية ص 132، وإعلام الموقعين 3 / 375 (مطبعة السعادة) .
(4)
حديث: " المسلمون على شروطهم ". أخرجه الترمذي (3 / 626) من حديث عمرو بن عوف، وقال: حديث حسن صحيح.