الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمَةِ أَوْ بِهَذَا أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ، فَإِنْ وَقَعَتْ إِجْبَارًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا تَرَاضٍ، لَا قَبْل الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا، أَوْ وَقَعَتْ بِدُونِ قُرْعَةٍ أَصْلاً بِأَنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالآْخَرُ الآْخَرَ، أَوْ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالآْخَرُ النَّفِيسَ وَيَرُدَّ زَائِدَ الْقِسْمَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَرَاضٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ (1) .
ثَانِيًا - اسْتِقْلَال كُل وَاحِدٍ بِمِلْكِ نَصِيبِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ:
52 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اسْتِقْلَال كُل وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِمِلْكِ نَصِيبِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ كَأَيِّ مَالِكٍ فِيمَا يَمْلِكُ، لأَِنَّ هَذَا هُوَ ثَمَرَةُ الْقِسْمَةِ وَمَقْصُودُهَا (2) .
وَيَذْكُرُ الْحَنَفِيَّةُ هُنَا أَنَّ الْقِسْمَةَ الْفَاسِدَةَ، كَالَّتِي شُرِطَ فِيهَا هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ بَيْعٌ مِنَ الْمَقْسُومِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيْضًا هَذَا الاِسْتِقْلَال بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الضَّمَانِ بِالْقِيمَةِ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَيَرُدُّونَ مَا قَال ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الأَْشْبَاهِ مِنْ نَفْيِ هَذَا التَّرَتُّبِ؛ لأَِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْفَسَادَ وَالْبُطْلَانَ فِي الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (3) ، وَالَّذِي قَالَهُ
(1) المهذب 2 / 309، ونهاية المحتاج 8 / 276، الشرقاوي على التحرير 2 / 499، والإنصاف 11 / 353 - 354.
(2)
رد المحتار 5 / 166، الخرشي 4 / 399، ومغني المحتاج 4 / 418، والمغني 11 / 488.
(3)
رد المحتار 5 / 176، الفتاوى الهندية 5 / 211.
ابْنُ نُجَيْمٍ هُوَ مَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنْ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ (1) وَقَدْ ضَرَبَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ هُنَا عِدَّةَ أَمْثِلَةٍ لِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَمْلِكُهَا كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَقَاسِمِينَ فِي نَصِيبِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لِمُقَاسِمِهِ حَقُّ الاِعْتِرَاضِ أَوِ الْمَنْعِ، وَذَلِكَ إِذْ يَقُول: لَوْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ سَاحَةٌ لَا بِنَاءَ فِيهَا، وَوَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِ الآْخَرِ، فَلِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَنْ يَبْنِيَ فِي سَاحَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ بِنَاءَهُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَإِنْ كَانَ يُفْسِدُ عَلَيْهِ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ؛ لأَِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي سَاحَتِهِ مَخْرَجًا أَوْ تَنُّورًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ رَحًى، لِمَا قُلْنَا.
وَكَذَا لَهُ أَنْ يُقْعِدَ فِي بِنَائِهِ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا - أَيِ الَّذِي يُبَيِّضُ الثِّيَابَ (2) - وَإِنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِهِ جَارُهُ، لِمَا قُلْنَا.
وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَوْ كُوَّةً - أَيِ الثُّقْبَةَ فِي الْحَائِطِ (3) - لِمَا ذَكَرْنَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْجِدَارَ أَصْلاً، فَفَتْحُ الْبَابِ وَالْكُوَّةِ أَوْلَى.
وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا أَوْ بَالُوعَةً أَوْ كِرْيَاسًا - أَيْ كَنِيفًا فِي أَعْلَى السَّطْحِ (4)
(1) أشباه السيوطي 286.
(2)
المصباح المنير.
(3)
المصباح المنير.
(4)
المصباح المنير.