الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابَهَا دُونَهُ وَمَنْعِهَا إِيَّاهُ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهَا فِي نَوْبَتِهَا (1) .
وَأَسْبَابُ فَوَاتِ الْقَسْمِ مُتَعَدِّدَةٌ: فَقَدْ يُسَافِرُ الزَّوْجُ بِإِحْدَى الزَّوْجَاتِ فَيَفُوتُ الْقَسْمُ لِسَائِرِهِنَّ. . وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِ الْقَضَاءِ لَهُنَّ تَفْصِيلاً.
وَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُل أَثْنَاءَ دَوْرَةِ الْقَسْمِ لِزَوْجَاتِهِ وَقَبْل أَنْ يُوفِيَ نَوْبَاتِ الْقَسْمِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُنَّ، فَيَقْطَعَ الدَّوْرَةَ لِيَخْتَصَّ الزَّوْجَةَ الْجَدِيدَةَ بِقَسْمِ النِّكَاحِ، مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَاتُ نَوْبَةِ مَنْ لَمْ يَأْتِ دَوْرُهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ لَهَا. . وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ.
وَقَدْ يَفُوتُ قَسْمُ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِسَفَرِهَا، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: قَالُوا: إِنْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِحَاجَتِهَا أَوْ حَاجَتِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا قَسْمَ لَهَا؛ لأَِنَّ الْقَسْمَ لِلأُْنْسِ وَقَدِ امْتَنَعَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا فَسَقَطَ، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ أَوْ حَاجَتِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهَا مَا فَاتَهَا بِحَسَبِ مَا أَقَامَ عِنْدَ ضَرَّتِهَا لأَِنَّهَا سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ وَلِغَرَضِهِ، فَهِيَ كَمَنْ عِنْدَهُ وَفِي قَبْضَتِهِ وَهُوَ الْمَانِعُ نَفْسَهُ بِإِرْسَالِهَا، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهَا أَوْ حَاجَتِهَا لَا يَقْضِي لَهَا (عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) لأَِنَّهَا
(1) نهاية المحتاج 6 / 376 - 377، المغني 7 / 33.
فَوَّتَتْ حَقَّهُ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا وَلَمْ تَكُنْ فِي قَبْضَتِهِ، وَإِذْنُهُ لَهَا بِالسَّفَرِ رَافِعٌ لِلإِْثْمِ خَاصَّةً.
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَةِ ثَالِثٍ - غَيْرِهَا وَغَيْرِ الزَّوْجِ - قَال الزَّرْكَشِيُّ: فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَحَاجَةِ نَفْسِهَا، وَهُوَ - كَمَا قَال غَيْرُهُ - ظَاهِرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهَا بِسُؤَال الزَّوْجِ لَهَا فِيهِ، وَإِلَاّ فَيُلْحَقُ بِخُرُوجِهَا لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا مَعًا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ وَمِثْلُهَا الْقَسْمُ، خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنَ السُّقُوطِ (1)
وَقَدْ يَفُوتُ قَسْمُ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِتَخَلُّفِ الزَّوْجِ عَنِ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا فِي نَوْبَتِهَا أَوْ بِخُرُوجِهِ أَثْنَاءَ نَوْبَتِهَا، فَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ لِلنَّوْبَةِ بِكَامِلِهَا وَجَبَ قَضَاؤُهَا كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ لِبَعْضِ النَّوْبَةِ كَأَنْ خَرَجَ لَيْلاً - فِيمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْل - وَطَال زَمَنُ خُرُوجِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ بَيْتِ الضَّرَّةِ. فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْخُرُوجِ (2) .
تَنَازُل الزَّوْجَةِ عَنْ قَسْمِهَا:
24 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لإِِحْدَى زَوْجَاتِ الرَّجُل أَنْ تَتَنَازَل عَنْ قَسْمِهَا، أَوْ
(1) مغني المحتاج 3 / 257، نهاية المحتاج 6 / 379 - 380، كشاف القناع 5 / 205.
(2)
نهاية المحتاج 6 / 376، المغني 7 / 33.
تَهَبَ حَقَّهَا مِنَ الْقَسْمِ لِزَوْجِهَا أَوْ لِبَعْضِ ضَرَائِرِهَا أَوْ لَهُنَّ جَمِيعًا، وَذَلِكَ بِرِضَا الزَّوْجِ؛ لأَِنَّ حَقَّهُ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا لَا يَسْقُطُ إِلَاّ بِرِضَاهُ لأَِنَّهَا لَا تَمْلِكُ إِسْقَاطَ حَقِّهِ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَإِذَا رَضِيَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ جَازَ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لَهُمَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، فَإِنْ أَبَتِ الْمَوْهُوبَةُ قَبُول الْهِبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي كُل وَقْتٍ ثَابِتٌ وَإِنَّمَا مَنَعَتْهُ الْمُزَاحَمَةُ بِحَقِّ صَاحِبَتِهَا، فَإِنْ زَالَتِ الْمُزَاحَمَةُ بِهِبَتِهَا ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً (1) ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ (2) .
وَيُعَلِّقُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ بِقَوْلِهِمْ: هَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُول الْمَوْهُوبِ لَهَا أَوْ رِضَاهَا، بَل يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَبَيْنِهِ، إِذْ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَل فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُول إِلَاّ هَذِهِ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا
(1) رد المحتار 2 / 401، فتح القدير 3 / 303، الشرح الكبير 2 / 341، مغني المحتاج 3 / 258، المغني 7 / 38.
(2)
حديث: أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة. . أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 312) ، ومسلم (2 / 1085) من حديث عائشة.
(3)
نهاية المحتاج 6 / 381، مغني المحتاج 3 / 258.
لِجَمِيعِ ضَرَائِرِهَا، وَوَافَقَ الزَّوْجُ، صَارَ الْقَسْمُ بَيْنَهُنَّ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْوَاهِبَةَ، وَإِنْ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ فَلَهُ جَعْلُهَا لِمَنْ شَاءَ: إِنْ أَرَادَ جَعْلَهَا لِلْجَمِيعِ، أَوْ خَصَّ بِهَا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، أَوْ جَعَل لِبَعْضِهِنَّ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ (1) .
وَقِيل - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَجْعَل اللَّيْلَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ بَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ، بَل يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ وَلَا يُخَصِّصُ؛ لأَِنَّ التَّخْصِيصَ يُورِثُ الْوَحْشَةَ وَالْحِقْدَ، فَتُجْعَل الْوَاهِبَةُ كَالْمَعْدُومَةِ (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ أَنَّ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ لَوْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا لِلزَّوْجِ وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ، أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ، فَإِنَّ حَقَّهَا يُقْسَمُ عَلَى الرُّءُوسِ، كَمَا لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ عَيْنًا لِجَمَاعَةٍ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَهَبَتْ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ لَيْلَتَهَا لِوَاحِدَةٍ جَازَ، ثُمَّ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ وَالَى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا لَمْ يَجُزِ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا إِلَاّ بِرِضَاءِ الْبَاقِيَاتِ، وَيَجْعَلُهَا لَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ لِلْوَاهِبَةِ؛ لأَِنَّ الْمَوْهُوبَةَ قَامَتْ مَقَامَ الْوَاهِبَةِ فِي لَيْلَتِهَا فَلَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِلْوَاهِبَةِ؛ وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرَ حَقِّ غَيْرِهَا
(1) مغني المحتاج 3 / 258، والمغني 7 / 39.
(2)
مغني المحتاج 3 / 259.
(3)
مغني المحتاج 3 / 259، نهاية المحتاج 6 / 381.