الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخْرَقَ، وَالدَّابَّةُ حَيَوَانٌ أَعْجَمُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْفُضَ حِينَ يُسَاءُ اسْتِعْمَالُهُ. (1)
ب -
مُهَايَأَةٌ مَكَانِيَّةٌ:
وَهِيَ أَنْ يَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ بِالاِنْتِفَاعِ بِبَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَال الْمُشْتَرَكِ، مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِي عَيْنِ الْمَال بِحَالِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةٍ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مُبَادَلَةً مَحْضَةً، بَل مَعْنَى الإِْفْرَازِ فِيهَا أَغْلَبُ. (2) فَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ الْقَابِلَةُ لِلْقِسْمَةِ، وَالأَْرْضُ الْوَاحِدَةُ، يُمْكِنُ بِلَا خِلَافٍ أَنْ يَتَهَايَأَ الشَّرِيكَانِ فِيهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا مُقَدِّمَهَا، وَالآْخَرُ مُؤَخِّرَهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الدَّارِ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ، أَمْكَنَ أَنْ يَتَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا الْعُلُوَّ وَالآْخَرُ السُّفْل، إِجْبَارًا؛ لأَِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ فِي الإِْجْبَارِ عَلَى قِسْمَتِهِ قِسْمَةَ أَعْيَانٍ، وَقِسْمَةُ الْمَنَافِعِ مُعْتَبَرَةٌ بِقِسْمَةِ الأَْعْيَانِ.
وَالدَّارَانِ يُمْكِنُ كَذَلِكَ أَنْ يَتَهَايَأَ الشَّرِيكَانِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ وَهَذَا هَذِهِ، وَكَذَلِكَ الأَْرْضَانِ زِرَاعَةً وَالْفَرَسَانِ رُكُوبًا، وَهَذَا أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ، وَقَدْ كَانَ يُتَوَهَّمُ فِي الإِْجْبَارِ عَلَيْهِ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارًا بِقِسْمَةِ الأَْعْيَانِ، وَلَكِنَّهُ - فِي ظَاهِرِ
(1) مجمع الأنهر 2 / 497، وتكملة فتح القدير 8 / 381، والبدائع 7 / 32.
(2)
نتائج الأفكار 8 / 379.
الرِّوَايَةِ - نَظَرَ هُنَا إِلَى أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَحْدَهَا لَا يَتَفَاحَشُ تَفَاحُشَهُ فِي قِسْمَةِ الأَْعْيَانِ، فَلَمْ يُفَرَّقْ هُنَا بَيْنَ دَارٍ وَدَارَيْنِ وَأَرْضٍ وَأَرْضَيْنِ.
عَلَى أَنَّهُ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَضَى عَلَى أَصْلِهِ فِي قِسْمَةِ الأَْعْيَانِ فَمَنْعُ الإِْجْبَارِ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ فِي الدَّارَيْنِ وَالأَْرْضَيْنِ قِسْمَةَ جَمْعٍ، بَل رُوِيَ عَنْهُ امْتِنَاعُ الْمُهَايَأَةِ فِيهِمَا بِإِطْلَاقٍ، جَبْرًا وَتَرَاضِيًا، أَمَّا جَبْرًا فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا تَرَاضِيًا فَلأَِنَّهَا بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا نَسِيئَةً. (1)
أَمَّا التَّهَايُؤُ عَلَى دَابَّتَيْنِ لِلرُّكُوبِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ: كَفَرَسَيْنِ عَرَبِيَّتَيْنِ، يَأْخُذُ هَذَا وَاحِدَةً وَالآْخَرُ الأُْخْرَى، فَأَبُو حَنِيفَةَ - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ النَّاظِرَيْنِ إِلَى قِسْمَةِ الأَْعْيَانِ - عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الرُّكُوبَ فِي حُكْمِ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلِذَا لَا يَمْلِكُ مَنِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِلرُّكُوبِ، وَلَوْ فَعَل لَضَمِنَ، فَلَا يُمْكِنُ الإِْجْبَارُ عَلَى هَذَا التَّهَايُؤِ، أَمَّا بِالتَّرَاضِي فَلَا بَأْسَ. (2)
هَذَا تَقْرِيرُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَتَنَوُّعِهَا إِلَى مُهَايَأَةٍ زَمَانِيَّةٍ وَمُهَايَأَةٍ مَكَانِيَّةٍ،
(1) تكملة فتح القدير 8 / 380 - 381.
(2)
البدائع 7 / 32، وتكملة فتح القدير 8 / 381، ومجمع الأنهر 2 / 497.