الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ مُدَّةٍ. (1)
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ تَعْيِينُ الزَّمَانِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَقْسُومُ أَوْ تَعَدَّدَ، وَقِيل: إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّمَانِ فِي الْمُتَعَدِّدِ، فَإِنْ عُيِّنَ الزَّمَانُ فَهِيَ لَازِمَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنِ الزَّمَانُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْحَل مَتَى شَاءَ، وَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إِنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ شَرْطُ اللُّزُومِ وَلَيْسَ شَرْطَ الصِّحَّةِ، قَال الدُّسُوقِيُّ: إِنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ فِي الْقِسْمَةِ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ فِي الْمَقْسُومِ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ، فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُول بِصِحَّتِهَا، وَابْنُ عَرَفَةَ بِفَسَادِهَا. (2)
الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ:
61 -
إِذَا تَمَّتْ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ عَلَى الصِّحَّةِ، تَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا آثَارُهَا، وَمِنْ هَذِهِ الآْثَارِ:
أَوَّلاً: عَدَمُ لُزُومِهَا: بِمَعْنَى أَنَّ لِكُل شَرِيكٍ أَنْ يَنْقُضَ الْمُهَايَأَةَ مَتَى شَاءَ، لَكِنَّ هَذَا مَشْرُوطٌ بِشَرَائِطَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَنْ تَرَاضٍ، فَلَا يَمْلِكُ شَرِيكٌ الاِنْفِرَادَ بِنَقْضِ قِسْمَةِ الإِْجْبَارِ، وَإِلَاّ لَغَا مَعْنَى الإِْجْبَارِ فِيهَا،
(1) مغني المحتاج 4 / 426، ومطالب أولي النهى 6 / 553.
(2)
حاشية الدسوقي 3 / 498.
فَإِذَا اتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ عَلَى النَّقْضِ، فَهُوَ حَقُّهُمَا يَرَيَانِ فِيهِ مَا شَاءَا، مَا دَامَ الْفَرْضُ انْحِصَارَ الشَّرِكَةِ فِيهِمَا.
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ أَجْنَبِيٍّ: فَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ قَدْ أَجَّرَ الدَّارَ أَوِ الأَْرْضَ مَثَلاً فِي نَوْبَتِهِ، وَلَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ هُوَ وَلَا شَرِيكُهُ نَقْضَ الْمُهَايَأَةِ، رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. (1)
الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ لِلرَّاجِعِ عُذْرٌ:
كَأَنْ يُرِيدَ بَيْعَ نَصِيبِهِ، أَوِ الْقِسْمَةَ الْعَيْنِيَّةَ، أَمَّا أَنْ يُرِيدَ الْعَوْدَةَ إِلَى الشَّرِكَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا كَانَتْ قَبْل الْمُهَايَأَةِ، فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَجَرَوْا عَلَيْهِ فِي الْمَجَلَّةِ. (2) أَمَّا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَيُعْطِيهِ حَقَّ الرُّجُوعِ وَنَقْضَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ عُذْرٌ أَمْ لَا. (3)
وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْقَوْل بِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَقَدْ ذَهَبَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ غَيْرَ لَازِمَةٍ إِلَاّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الدُّورِ (يَعْنِي فِي الْمُهَايَأَةِ الزَّمَانِيَّةِ) أَمَّا فِي أَثْنَائِهِ فَلَا، (4) وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، وَاكْتَفَوْا بِأَنَّ مَنِ اسْتَوْفَى مِنَ الْمَنَافِعِ شَيْئًا لَمْ يَسْتَوْفِ شَرِيكُهُ
(1) الفتاوى الهندية 5 / 230.
(2)
المجلة م 1190.
(3)
رد المحتار 5 / 177، والهندية 5 / 229.
(4)
الإنصاف 11 / 340.