الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَّا قَدْ يَفْعَلُهُ أُولَئِكَ مِنْ أُمُورٍ فِيهَا مَهَانَةٌ بِهِ، أَمَّا إِذَا صَادَفَ وَقْتُ حُضُورِ الْقَاضِي إِلَى الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا رَفْعَ الْخُصُومَةَ إِلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَل مَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ خُلَفَائِهِ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمَسْجِدِ. (1)
ل -
وَقْتُ عَمَلِهِ وَوَقْتُ رَاحَتِهِ:
39 -
لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي فِي أُمُورِ دُنْيَاهُ الَّتِي تُصْلِحُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا فِي كُل الأَْيَّامِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ قَضَائِهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَّلِعَ إِلَى قَرَابَتِهِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَيَتَّخِذَ لِجُلُوسِهِ وَقْتًا مَعْلُومًا لَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ فِي مَعَايِشِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَ أَيَّامًا لِلْقَضَاءِ يَحْضُرُ فِيهَا النَّاسُ وَيَعْرِفُونَهُ بِهَا، فَيُقْصَدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ صَرْفُ زَمَانِهِ أَجْمَعَ إِلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ فِي الطَّرِيقِ إِلَاّ فِي أَمْرٍ اسْتُغِيثَ بِهِ فِيهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى وَيَسْجُنَ، فَأَمَّا الْحُكْمُ الْفَاصِل فَلَا، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ فِي الْعِيدَيْنِ وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالأَْيَّامِ الَّتِي تَكُونُ لِلنَّاسِ أَيَّامَ سُرُورٍ أَوْ حُزْنٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَثُرَ الْوَحْل وَالْمَطَرُ، قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَكَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ أَمْرٌ يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَوَاتَ، وَمَا لَا
(1) مغني المحتاج 4 / 390، 391.
يَسَعُهُ إِلَاّ تَعْجِيل النَّظَرِ فِيهِ.
وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ فِي سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، لأَِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكْثِرَ فَيُخْطِئَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ نَهَارَهُ كُلَّهُ. (1)
م -
كَرَاهِيَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ:
40 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ إِلَاّ بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ لِئَلَاّ يُحَابَى، وَالْمُحَابَاةُ كَالْهَدِيَّةِ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي وَلَا لِوَالٍ أَنْ يَتَّجِرَ، لِحَدِيثِ أَبِي الأَْسْوَدِ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: مَا عَدَل وَالٍ اتَّجَرَ فِي رَعِيَّتِهِ (2) ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَمْ فِي دَارِهِ، لَكِنْ إِذَا بَاعَ الْقَاضِي أَوِ اشْتَرَى فَلَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الإِْكْرَاهِ، أَوْ فِيهِ نَقِيصَةٌ عَلَى الْبَائِعِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَالاِبْتِيَاعُ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكِيل الْقَاضِي مَعْرُوفًا لأَِنَّهُ يُفْعَل مَعَ وَكِيلِهِ مِنَ الْمُسَامَحَةِ مَا يُفْعَل مَعَهُ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَصْرَ الْكَرَاهِيَةِ عَلَى حُصُول الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي
(1) تبصرة الحكام 1 / 35، 36، وبدائع الصناع 7 / 13، وروضة القضاة 1 / 161.
(2)
حديث: " ما عدل وال اتجر في رعيته ". أورده ابن حجر في المطالب العالية (2 / 234) وعزاه لأحمد بن منيع، ونقل محققه عن البوصيري تضعيف أحد رواته.