الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِعِتْقِهِمْ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَّسِعِ الثُّلُثُ لِعِتْقِهِمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَأُعْتِقَ مِنْهُمْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ (1) ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه (2) .
الْقُرْعَةُ فِي الْعَطَاءِ وَالْغَنِيمَةِ:
16 -
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْقُرْعَةِ فِي الْغَنِيمَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا:
أ - مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَنْ يُقَدَّمُ - عِنْدَ الْعَطَاءِ - فَقَال: يُقَدَّمُ بِالسَّابِقَةِ فِي الإِْسْلَامِ، فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ قُدِّمَ بِالدِّينِ، فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ قُدِّمَ بِالسِّنِّ، فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ قُدِّمَ بِالشَّجَاعَةِ، فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ فَوَلِيُّ الأَْمْرِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ بِالْقُرْعَةِ، أَوْ بِرَأْيِهِمْ أَوِ اجْتِهَادِهِ.
ب - وَفِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْهَا السَّلَبُ وَالْمُؤَنُ اللَاّزِمَةُ لِلأُْجُورِ وَالْحِفْظِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ يُجْعَل الْبَاقِي خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ يُجْرَى فِيهَا الْقُرْعَةُ لإِِخْرَاجِ سَهْمٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوِ الْمَصَالِحِ (3) .
الْقُرْعَةُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ:
17 -
تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ لَهُ صُوَرٌ عَدِيدَةٌ كَمَا
(1) الشرح الكبير 4 / 378 - 379، مغني المحتاج 4 / 502 - 503، المغني لابن قدامة 9 / 358 - 359 - 363.
(2)
حديث عمران بن حصين: تقدم تخريجه ف 13.
(3)
روضة الطالبين 6 / 362، 376، ونهاية المحتاج 6 / 144.
يَلِي:
أَوَّلاً: إِذَا ادَّعَى شَخْصَانِ عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ مُطْلَقَتَيِ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْنِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالأُْخْرَى مُؤَرَّخَةٌ، وَالْحَال أَنَّ الْحَائِزَ لِلْعَيْنِ لَمْ يُقِرَّ بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلِلْفُقَهَاءِ أَقْوَالٌ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ تُقْسَمُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ، إِلَاّ أَنَّهَا تُقْسَمُ نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال الْمَبْنِيَّةِ عَلَى رَأْيٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَتُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى - لَا نِصْفَيْنِ - عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ سَقَطَتَا وَيُصَارُ إِلَى التَّحَالُفِ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا، فَإِنْ رَضِيَا بِيَمِينٍ وَاحِدٍ فَالأَْصَحُّ الْمَنْعُ خِلَافًا لِجَزْمِ الإِْمَامِ بِالْجَوَازِ، وَإِنْ رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُسْتَعْمَلَانِ صِيَانَةً لَهُمَا عَنِ الإِْلْغَاءِ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الاِسْتِعْمَال ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ،
(1) مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 2 / 272، ورد المحتار 8 / 22، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 7 / 212 وما بعدها ط. دار الفكر، ومغني المحتاج 4 / 480، وروضة الطالبين 12 / 51.
(2)
مغني المحتاج 4 / 480، وانظر الروضة 12 / 51.
وَرِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِجْمَالُهَا فِيمَا يَلِي:
أ - تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَأَحَدُ الأَْقْوَال الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَحَمَّادٍ (1) .
ب - أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ وَتُرَجَّحُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، وَهَذَا ثَانِي الأَْقْوَال الثَّلَاثَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الاِسْتِعْمَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى رِوَايَةِ الاِسْتِعْمَال عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهَل يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى يَمِينٍ؟ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا: لَا، وَالْقُرْعَةُ مُرَجِّحَةٌ لِبَيِّنَتِهِ،
وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَالْقُرْعَةُ تَجْعَل أَحَدَهُمَا أَحَقَّ بِالْيَمِينِ فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِالْحَقِّ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ (2) .
ج - تُوقَفُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الأَْمْرُ فِيهَا أَوْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ، وَهُوَ ثَالِثُ الأَْقْوَال الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الاِسْتِعْمَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ لأَِنَّهُ أَشْكَل الْحَال بَيْنَهُمَا فِيمَا يُرْجَى انْكِشَافُهُ فَيُوقَفُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْل الْبَيَانِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ الْمِيرَاثُ، وَلَمْ يُرَجِّحِ النَّوَوِيُّ شَيْئًا وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْجُمْهُورِ تَرْجِيحُ الْوَقْفِ (3) .
(1) مغني المحتاج 4 / 480، والمغني 9 / 288.
(2)
المغني 9 / 288، ومغني المحتاج 4 / 480، وروضة الطالبين 12 / 51.
(3)
مغني المحتاج 4 / 480.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى سُقُوطِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَقْتَرِعُ الْمُدَّعِيَانِ عَلَى الْيَمِينِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ (1) .
ثَانِيًا: وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بِيَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِيَّتِهِ لَهَا، وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ يَجْعَلُونَ هَذِهِ الصُّورَةَ كَالصُّورَةِ السَّابِقَةِ (2) ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ مَا عَدَا قَوْلَيِ الْوَقْفِ وَالْقُرْعَةِ، إِذْ يَرَوْنَ بَقَاءَ يَدِ كُلٍّ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنَ الْعَيْنِ بَعْدَ تَسَاقُطِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَا يَجِيءُ الْوَقْفُ إِذْ لَا مَعْنَى لَهُ، وَفِي الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ (3) .
وَكَذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الرَّاجِحَةِ عِنْدَهُمْ مَعَ زِيَادَةِ أَنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ (4) .
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ حَلَفَ أَنَّهَا لَا حَقَّ لِلآْخَرِ فِيهَا، وَكَانَتِ الْيَمِينُ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، وَقَال: وَالأَْوَّل أَصَحُّ لِلْخَبَرِ (5) .
(1) المغني 9 / 287، 288.
(2)
الزرقاني على المختصر 7 / 212، رد المحتار 8 / 22، 30.
(3)
مغني المحتاج 4 / 480، وانظر روضة الطالبين 12 / 52.
(4)
المغني 9 / 280 - 281.
(5)
المغني 9 / 281.
ثَالِثًا: وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ يُطَالِبُ بِكُل الْعَيْنِ وَالآْخَرُ بِنِصْفِهَا، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ، وَالْحَال أَنَّ الْعَيْنَ بِيَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ، فَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى رَأْيِهِمُ السَّابِقِ: بِأَنْ تُقْسَمَ بِقَدْرِ دَعْوَى كُلٍّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، بَيْنَمَا يَذْهَبُ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النِّصْفَ لِصَاحِبِ الْكُل لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الآْخَرِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَكَانَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِكُل وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَإِنْ قُلْنَا: تُسْتَعْمَل الْبَيِّنَتَانِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَقُدِّمَ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي: يُقْسَمُ النِّصْفُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُل ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَإِلَى مِثْل قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ يَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةُ (1) بَيْنَمَا يَتَّفِقُ الْحَنَفِيَّةُ مَعَ الْقَوْل الثَّانِي لِلْحَنَابِلَةِ (2) .
رَابِعًا: وَإِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا، وَادَّعَى الآْخَرُ نِصْفَهَا، وَالآْخَرُ ثُلُثَهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ. وَالْحَال أَنَّ الْعَيْنَ بِيَدِ غَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى رَأْيِهِمُ السَّابِقِ بِأَنْ تُقْسَمَ الْعَيْنُ بِقَدْرِ دَعْوَى كُلٍّ عَلَى الرَّاجِحِ، بَيْنَمَا يَذْهَبُ الْحَنَابِلَةُ إِلَى إِعْطَاءِ النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْكُل لأَِنَّهُ
(1) الزرقاني على مختصر خليل 7 / 212 - 213، والمغني 9 / 283 - 284، والروضة 12 / 54.
(2)
الدر المختار مع رد المحتار 8 / 40.
لَيْسَ مِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِيهِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَإِنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبِ الْكُل أَوْ لِصَاحِبِ النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ حَلَفَ وَأَخَذَ الثُّلُثَ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الآْخَرِينَ فِي السُّدُسِ فَمَنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ (1) .
وَإِنْ أَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ: فَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى رَأْيِهِمُ السَّابِقِ، وَالْحَنَابِلَةُ يَجْعَلُونَ النِّصْفَ لِمُدَّعِي الْكُل لِمَا ذَكَرْنَا، وَالسُّدُسُ الزَّائِدُ يَتَنَازَعُهُ مُدَّعِي الْكُل وَمُدَّعِي النِّصْفِ، وَالثُّلُثُ يَدَّعِيهِ الثَّلَاثَةُ وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَاتُ فِيهِ، فَإِنْ قُلْنَا: تَسْقُطُ الْبَيِّنَاتُ أَقْرَعْنَا بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ، فَمَنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ، وَهَذَا قَوْل أَبِي عُبَيْدٍ (2) .
خَامِسًا: وَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا وَالثَّانِي ثُلُثَيْهَا، وَالثَّالِثُ نِصْفَهَا، وَالرَّابِعُ ثُلُثَهَا. . . وَالدَّارُ فِي يَدِ خَامِسٍ لَا يَدَّعِيهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ادَّعَاهُ: فَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي الْكُل لأَِنَّ أَحَدًا لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِي الْبَاقِي، فَإِنْ
(1) الزرقاني على المختصر 7 / 212 - 213، المغني 9 / 284 - 285.
(2)
الزرقاني على المختصر 7 / 212 - 213، والدر المختار مع رد المحتار 8 / 47، والمغني 9 / 285.
خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبِ الْكُل أَوْ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَخَذَهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ لِمُدَّعِي النِّصْفِ أَخَذَهُ وَأُقْرِعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي، وَهَذَا قَوْل أَبِي عُبَيْدٍ وَالشَّافِعِيِّ إِذْ كَانَ بِالْعِرَاقِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا عَنْهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: لِمُدَّعِي الْكُل الثُّلُثُ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي السُّدُسِ الزَّائِدِ عَنِ النِّصْفِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي السُّدُسِ الزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الأَْرْبَعَةِ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي، وَيَكُونُ الإِْقْرَاعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى الثُّلُثُ لِمُدَّعِي الْكُل، وَيُقْسَمُ الزَّائِدُ عَنِ النِّصْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ السُّدُسُ الزَّائِدُ عَنِ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُدَّعِي النِّصْفِ أَثْلَاثًا، ثُمَّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَيْنَ الأَْرْبَعَةِ أَرْبَاعًا (1) .
وَيَتَّفِقُ الشَّافِعِيَّةُ مَعَ الْحَنَابِلَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ فَارِقٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ادَّعَاهُ، بَيْنَمَا فَرْضُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قِيَامُ بَيِّنَةٍ لِكُل وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَاهُ.
سَادِسًا: نَقَل ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلَيْنِ ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالآْخَرُ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيَّهُمَا ثَوْبُ هَذَا مِنْ
(1) المغني 9 / 286 - 287.
ثَوْبِ هَذَا، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَوْبًا مِنْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، يَعْنِي وَادَّعَاهُ الآْخَرُ، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَكَانَ الثَّوْبُ الْجَيِّدُ لَهُ، وَالآْخَرُ لِلآْخَرِ، وَإِنَّمَا قَال ذَلِكَ لأَِنَّهُمَا تَنَازَعَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا (1) .
سَابِعًا: إِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فَقَال كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذِهِ الْعَيْنُ لِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ وَنَقَدْتُهُ إِيَّاهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. . . وَقَال زَيْدٌ: لَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ مِنْكُمَا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا (2) ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ صُورَةٌ شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ فَارِقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إِقَامَةُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُدَّعِيَيْنِ بَيِّنَةً عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ، وَالأَْثَرُ هُوَ سُقُوطُ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ، وَمُقَابِلُهُ: اسْتِعْمَالُهُمَا، فَفِي مَجِيءِ قَوْل الْوَقْفِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَيَجِيءُ قَوْلَا الْقُرْعَةِ وَالْقِسْمَةِ، وَالتَّفْرِيعُ كَمَا سَبَقَ (3) .
وَتَكْمِلَةُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَيَحْلِفُ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى إِنْكَارِهِ وَلَا اعْتِرَافِهِ، وَهَذَا قَوْل الْقَاضِي؛ لأَِنَّهُ ثَبَتَ زَوَال مِلْكِهِ وَأَنَّ يَدَهُ لَا حُكْمَ لَهَا فَلَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ، فَمَنْ قَال: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ
(1) المغني 9 / 290.
(2)
المغني 9 / 290.
(3)
روضة الطالبين 12 / 71.
خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذَا قَوْل الْقَاضِي، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا سِوَى هَذَا، وَمَنْ قَال: تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا قُسِمَتْ وَهَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِيهَا أَقْوَالُهُمُ السَّابِقَةُ، بِالسُّقُوطِ لِلْبَيِّنَتَيْنِ، أَوِ اسْتِعْمَالِهِمَا، وَفِي حَالَةِ الاِسْتِعْمَال، يَجِيءُ الْوَقْفُ عَلَى الأَْصَحِّ فَتُنْزَعُ الدَّارُ مِنْ يَدِهِ وَالثَّمَنَانِ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ الدَّارُ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ وَاسْتَرَدَّ الآْخَرُ الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْمَةِ فَلِكُل وَاحِدٍ نِصْفُ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ وَلَهُمَا خِيَارُ الْفَسْخِ (2) .
بَيْنَمَا يَتَّفِقُ مَوْقِفُ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ الْقَوْل الأَْخِيرِ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَقْسِيمِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (3) .
ثَامِنًا: إِذَا ادَّعَى أَحَدُ الاِبْنَيْنِ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا، وَادَّعَى الاِبْنُ الآْخَرُ وَهُوَ كَافِرٌ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ كَافِرًا، وَالْحَال أَنَّ الأَْبَ مَجْهُول الدِّينِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا أَثَرُ الْقُرْعَةِ فِي هَذَا الْخِلَافِ فَهُوَ كَمَا يَلِي: يَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَ الْوَلَدَيْنِ
(1) المغني 9 / 291.
(2)
الروضة 12 / 69.
(3)
مجمع الأنهر على ملتقى الأبحر 2 / 274.
أَخٌ صَغِيرٌ وَتَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنِ الْبَيِّنَةِ فَيَحْلِفَانِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ وَيَنْبَغِي التَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ بِالْيَمِينِ إِذَا تَنَازَعَا فِيمَنْ يَحْلِفُ مِنْهُمَا أَوَّلاً وَيُوقَفُ لِلصَّغِيرِ الثُّلُثُ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَأْتِي هُنَا أَقْوَالُهُمُ السَّابِقَةُ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَعَارِضَةِ فَعَلَى قَوْل السُّقُوطِ يَسْقُطَانِ، وَيَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَيُصَدَّقُ الْكَافِرُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالاِسْتِعْمَال فَعَلَى الْوَقْفِ يُوقَفُ، وَعَلَى الْقُرْعَةِ يُقْرَعُ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ فَلَهُ التَّرِكَةُ، وَعَلَى الْقِسْمَةِ تُقْسَمُ فَيُجْعَل بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَغَيْرِ الإِْرْثِ (2) .
كَمَا طَبَّقَ الْحَنَابِلَةُ فِيهَا قَاعِدَتَهُمُ السَّابِقَةَ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ تُنْظَرَ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ فِي أَيْدِيهِمَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ كَمَا إِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا (3) .
تَاسِعًا: كَمَا تَجْرِي الْقَوَاعِدُ السَّابِقَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إِذَا مَاتَتِ الزَّوْجَةُ وَالاِبْنُ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَأَخُو الْمَرْأَةِ حَيْثُ قَال الزَّوْجُ: مَاتَتِ الزَّوْجَةُ أَوَّلاً فَوَرِثْتُهَا أَنَا وَابْنِي ثُمَّ مَاتَ الاِبْنُ فَوَرِثْتُهُ، وَقَال الأَْخُ: مَاتَ الاِبْنُ
(1) شرح الزرقاني 7 / 214، وحاشية الدسوقي 4 / 199.
(2)
الروضة 12 / 76.
(3)
المغني 9 / 312.