الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَفْصِيل الْكَلَامِ عَنِ الْعَدَالَةِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 22، وَعَدْل ف 1، 16) .
فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ، وَلَا مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (1) فَأَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ عِنْدَ قَوْل الْفَاسِقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِمَّنْ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّبَيُّنُ عِنْدَ حُكْمِهِ؛ وَلأَِنَّ الْفَاسِقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فَلِئَلَاّ يَكُونَ قَاضِيًا أَوْلَى.
قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَفِي الْفَاسِقِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا هَل يُرَدُّ مَا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَوْ يُمْضَى إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ؟ .
وَقَال النَّوَوِيُّ: الْوَجْهُ تَنْفِيذُ قَضَاءِ كُل مَنْ وَلَاّهُ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً أَوْ فَاسِقًا؛ لِئَلَاّ تَتَعَطَّل مَصَالِحُ النَّاسِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصْل عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَجُوزُ تَقَلُّدُهُ الْقَضَاءَ؛ لأَِنَّهُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ فَيَكُونُ أَهْلاً لِلْقَضَاءِ، لَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَقْلِيدُهُ وَيَأْثَمُ مُقَلِّدُهُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْوَجْهُ تَنْفِيذُ قَضَاءِ كُل مَنْ وَلَاّهُ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً فَاسِقًا وَهُوَ
(1) سورة الحجرات / 6.
ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: قَال بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إِذَا قُلِّدَ الْفَاسِقُ ابْتِدَاءً يَصِحُّ، وَلَوْ قُلِّدَ وَهُوَ عَدْلٌ يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ، لأَِنَّ الْمُقَلِّدَ اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ، فَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِتَقْلِيدِهِ دُونَهَا، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطُ الأَْوْلَوِيَّةِ، فَالأَْوْلَى أَنْ يَكُونَ عَدْلاً، لَكِنْ لَوْ تَقَلَّدَ الْفَاسِقُ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ (1) .
حُكْمُ تَقْلِيدِ الْكَافِرِ:
22 -
الإِْسْلَامُ هُوَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يُقَلَّدُ الْقَضَاءَ، فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (2) ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَوْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَمْ بَيْنَ أَهْل دِينِهِ، لَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَ تَقْلِيدَهُ الْقَضَاءَ بَيْنَ أَهْل دِينِهِ، لِجَوَازِ شَهَادَةِ أَهْل الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ؛ وَلأَِنَّهُ لَمَّا جَازَتْ وِلَايَتُهُمْ فِي الْمَنَاكِحِ جَازَتْ فِي الأَْحْكَامِ.
وَاعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ الْجَارِي فِي تَقْلِيدِهِمْ قَال الشِّرْبِينِيُّ: أَمَّا جَرَيَانُ الْعَادَةِ بِنَصْبِ حَاكِمٍ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَال الْمَاوَرْدِيُّ
(1) المغني 9 / 40، أدب القاضي للماوردي 1 / 634، والروضة 11 / 97، وابن عابدين 5 / 355، 356، وفتح القدير 5 / 455، وأدب القاضي للصدر الشهيد 1 / 129، وتبصرة الحكام 1 / 24، والشرح الصغير 4 / 187.
(2)
سورة النساء / 141.