الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَغْيِيرًا لِلَيْلَتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ فَآثَرَ بِهَا امْرَأَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَوَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّفْرِيقِ (1) .
وَلِلزَّوْجَةِ الْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ فَإِذَا رَجَعَتِ انْصَرَفَ الرُّجُوعُ مِنْ حِينِهِ إِلَى الْمُسْتَقْبَل؛ لأَِنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا مَضَى لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ، وَلَوْ رَجَعَتْ فِي بَعْضِ اللَّيْل كَانَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَنْتَقِل إِلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى أَتَمَّ اللَّيْلَةَ لَمْ يَقْضِ لَهَا شَيْئًا لأَِنَّ التَّفْرِيطَ مِنْهَا (2) .
وَنَصَّ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا يُوَافِقُ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ فِي الْمَسَائِل السَّابِقَةِ (3) .
الْعِوَضُ لِلتَّنَازُل عَنِ الْقَسْمِ:
25 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَخْذِ الزَّوْجَةِ الْمُتَنَازِلَةِ عَنْ قَسْمِهَا عِوَضًا عَلَى ذَلِكَ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ، لَا مِنَ الزَّوْجِ وَلَا مِنَ الضَّرَائِرِ، فَإِنْ أَخَذَتْ لَزِمَهَا رَدُّهُ وَاسْتَحَقَّتِ الْقَضَاءَ؛ لأَِنَّ
(1) مغني المحتاج 3 / 258، المغني 7 / 39.
(2)
مغني المحتاج 3 / 259، المغني 7 / 39.
(3)
فتح القدير 3 / 303.
الْعِوَضَ لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ قَسْمِهَا لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ؛ وَلأَِنَّ مَقَامَ الزَّوْجِ عِنْدَهَا لَيْسَ بِمَنْفَعَةٍ مَلَكَتْهَا.
وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ الْعِوَضُ غَيْرَ الْمَال مِثْل إِرْضَاءِ زَوْجِهَا وَغَيْرِهِ عَنْهَا جَازَ (1) فَإِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَرْضَتْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَأَخَذَتْ يَوْمَهَا، وَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ (2) .
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا مِنَ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ (3) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ عَلَى ذَلِكَ جَائِزٌ، فَقَالُوا: جَازَ لِلزَّوْجِ إِيثَارُ إِحْدَى الضَّرَّتَيْنِ عَلَى الأُْخْرَى بِرِضَاهَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، أَوْ لَا، بَل رَضِيَتْ مَجَّانًا، وَجَازَ لِلزَّوْجِ أَوِ الضَّرَّةِ شِرَاءُ يَوْمِهَا مِنْهَا بِعِوَضٍ، وَتَخْتَصُّ الضَّرَّةُ بِمَا اشْتَرَتْ، وَيَخُصُّ الزَّوْجُ مَنْ شَاءَ بِمَا اشْتَرَى، وَعَقَّبَ الدُّسُوقِيُّ بِقَوْلِهِ: وَتَسْمِيَةُ هَذَا شِرَاءً مُسَامَحَةٌ، بَل هَذَا إِسْقَاطُ حَقٍّ لأَِنَّ
(1) فتح القدير 3 / 303، مغني المحتاج 3 / 258، المغني 7 / 39 - 40.
(2)
حديث إرضاء عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفية أخرجه ابن ماجه (1 / 634 - 635) من حديث عائشة وقال البوصيري في الزوائد (1 / 343) إسناده ضعيف.
(3)
كشاف القناع 5 / 205، 206، الإنصاف 8 / 371، 372.