الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْجُفُوفُ:
2 -
الْجُفُوفُ: هُوَ أَنْ تُدْخِل الْمَرْأَةُ الْخِرْقَةَ فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ وَلَا مِنَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ (1) .
وَكُلٌّ مِنَ الْقَصَّةِ وَالْجُفُوفِ عَلَامَةٌ عَلَى الطُّهْرِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ وَالْجُفُوفِ عَلَامَةٌ لِلطُّهْرِ، فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَيًّا مِنْهُمَا عَقِبَ الْحَيْضِ طَهُرَتْ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ عَادَتُهَا أَنْ تَطْهُرَ بِالْقَصَّةِ أَوْ بِالْجُفُوفِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ وَضَعَتِ الْكُرْسُفَ فِي اللَّيْل وَهِيَ حَائِضَةٌ أَوْ نُفَسَاءُ فَنَظَرَتْ فِي الصَّبَاحِ فَرَأَتْ عَلَيْهِ الْبَيَاضَ الْخَالِصَ حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا مِنْ حِينِ وَضَعَتْ لِلتَّيَقُّنِ بِطَهَارَتِهَا وَقْتَهُ. (2)
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْحَنَفِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْجُفُوفِ عَلَامَةً لِلطُّهْرِ، وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ نُجَيْمٍ عَنْ هَذَا الاِخْتِلَافِ بِقَوْلِهِ: وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَمُقْتَضَى الْمَرْوِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ مُجَرَّدَ
(1) مواهب الجليل 1 / 370، الشرح الصغير 1 / 214.
(2)
مجموعة رسائل ابن عابدين ص 85.
الاِنْقِطَاعِ دُونَ رُؤْيَةِ الْقَصَّةِ لَا يَجِبُ مَعَهُ أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ، وَكَلَامُ الأَْصْحَابِ فِيمَا يَأْتِي كُلُّهُ بِلَفْظِ الاِنْقِطَاعِ، حَيْثُ يَقُولُونَ: وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فَكَذَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الاِنْقِطَاعُ بِجَفَافٍ مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ ثُمَّ تَرَى الْقَصَّةَ، فَإِنْ كَانَتِ الْغَايَةُ الْقَصَّةَ لَمْ تَجِبْ تِلْكَ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ الاِنْقِطَاعُ عَلَى سَائِرِ الأَْلْوَانِ وَجَبَتْ، وَأَنَا مُتَرَدِّدٌ فِيمَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَى دَلِيلِهِمْ وَعِبَارَاتِهِمْ فِي إِعْطَاءِ الأَْحْكَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَأَيْتُ فِي مَرْوِيِّ: عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَيْطَةَ مَوْلَاةِ عَمْرَةَ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول لِلنِّسَاءِ: إِذَا أَدْخَلَتْ إِحْدَاكُنَّ الْكُرْسُفَ فَخَرَجَتْ مُتَغَيِّرَةً فَلَا تُصَلِّي حَتَّى لَا تَرَى شَيْئًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْغَايَةَ الاِنْقِطَاعُ.
وَقَدْ يُقَال هَذَا التَّرَدُّدُ لَا يَتِمُّ إِلَاّ إِذَا فُسِّرَتِ الْقَصَّةُ بِأَنَّهَا بَيَاضٌ مُمْتَدٌّ كَالْخَيْطِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ ضَعْفُ هَذَا التَّفْسِيرِ، فَقَدْ قَال فِي الْمُغْرِبِ: قَال أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ: أَنْ تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ أَوِ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لَا تُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ وَلَا تُرَبِيَّةٌ، وَيُقَال إِنَّ الْقَصَّةَ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الأَْبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كُلِّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا انْتِفَاءُ اللَّوْنِ وَأَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُ أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ، فَضَرَبَ رُؤْيَةَ الْقَصَّةِ مَثَلاً لِذَلِكَ؛ لأَِنَّ رَائِيَ الْقَصَّةِ غَيْرُ
رَائِي شَيْءٍ مِنْ سَائِرِ أَلْوَانِ مَا تَرَاهُ الْحَائِضُ.
فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَصَّةَ مَجَازٌ عَنِ الاِنْقِطَاعِ، وَأَنَّ تَفْسِيرَهَا بِأَنَّهَا شَيْءٌ كَالْخَيْطِ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ " يُقَال " الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْرِيضِ، وَيَدُل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الاِنْقِطَاعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ - آخِرُ الْحَدِيثِ:(حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهُوَ قَوْلُهُ: " تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضِ "، (1) فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ دَلِيلَهُمْ مُوَافِقٌ لِعِبَارَاتِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى. (2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: عَلَامَةُ الطُّهْرِ جُفُوفٌ أَوْ قَصَّةٌ - وَهِيَ أَبْلَغُ - فَتَنْتَظِرُهَا مُعْتَادَتُهَا لآِخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، بِخِلَافِ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ، فَلَا تَنْتَظِرُ مَا تَأَخَّرَ مِنْهُمَا كَالْمُبْتَدَأَةِ، أَيْ أَنَّ عَلَامَةَ الطُّهْرِ أَيِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ أَمْرَانِ: الْجُفُوفُ، أَيْ خُرُوجُ الْخِرْقَةِ خَالِيَةً مِنْ أَثَرِ الدَّمِ وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَلَّةً مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ، وَالْقَصَّةُ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَالْمَنِيِّ أَوِ الْجِيرِ الْمَبْلُول، وَالْقِصَّةُ أَبْلَغُ: أَيْ أَدَل عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْحَيْضِ، فَمَنِ اعْتَادَتْهَا أَوِ اعْتَادَتْهُمَا مَعًا طَهُرَتْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا فَلَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، وَإِذَا رَأَتْهُ ابْتِدَاءً انْتَظَرَتْهَا لآِخِرِ الْمُخْتَارِ، بِحَيْثُ تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِي آخِرِهِ، وَأَمَّا مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ فَقَطْ، فَمَتَى رَأَتْهُ أَوْ رَأَتِ الْقِصَّةَ طَهُرَتْ، وَلَا تَنْتَظِرُ الآْخَرَ
(1) حديث عائشة: تقدم تخريجه ف 1.
(2)
البحر الرائق 1 / 202 - 203، وحاشية ابن عابدين 1 / 192.
مِنْهُمَا، وَكَذَا الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي لَمْ تَعْتَدْ شَيْئًا، هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمُقْتَضَى أَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ أَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الْجُفُوفَ أَوَّلاً انْتَظَرَتِ الْقَصَّةَ. (1)
وَقَال النَّوَوِيُّ: عَلَامَةُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَوُجُودِ الطُّهْرِ: أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ وَخُرُوجُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ طَهُرَتْ سَوَاءٌ أَخَرَجَتْ بَعْدَهُ رُطُوبَةٌ بَيْضَاءُ أَمْ لَا. (2)
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا كَانَتْ لِلْمَرْأَةِ عَادَةٌ، كَأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلاً مِنْ كُل شَهْرٍ فَرَأَتِ الطُّهْرَ قَبْل انْقِضَائِهَا، فَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهِيَ طَاهِرٌ، لِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها لِلنِّسْوَةِ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَهَذِهِ قَدْ رَأَتِ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. (3)
(1) الشرح الصغير 1 / 214.
(2)
المجموع 2 / 543.
(3)
شرح الزركشي على مختصر الخرقي 1 / 446. وحديث: " لا تعجلن. . . " تقدم تخريجه ف 1.