الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 -
وَهُنَاكَ شُرُوطٌ أُخْرَى بَيَانُهَا فِيمَا يَأْتِي:
الأَْوَّل:
أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمُشْتَرَكُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً:
فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدَّيْنِ، اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، تَرَاضِيًا وَلَا إِجْبَارًا، وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَخَالَفَهُمْ فِي اعْتِبَارِهَا الْحَنَابِلَةُ فَجَوَّزُوا قِسْمَةَ الدَّيْنِ بِإِطْلَاقٍ، وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُجَوِّزُونَ قِسْمَةَ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ تَرَاضِيًا لَا إِجْبَارًا؛ لأَِنَّهُ لَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقُرْعَةُ (1) .
الثَّانِي:
أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمُشْتَرَكُ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ:
وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ انْتِفَاءَ الضَّرَرِ فِي قِسْمَةِ الإِْجْبَارِ، وَقَدْ عَرَفْنَاهُمْ فِيمَا سَلَفَ فَإِنَّ انْتِفَاءَ الضَّرَرِ فِي الْقِسْمَةِ هُوَ مَعْنَى قَابِلِيَّةِ مَحَلِّهَا لَهَا، إِلَاّ أَنَّهُ يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ هُنَا إِلَى أَنَّ مِنْ أَهْل الْفِقْهِ مَنْ يَقْصُرُ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ عَلَى قِسْمَةِ الإِْجْبَارِ، وَلَا يَرَى بَأْسًا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ عَلَى أَيَّةِ قِسْمَةٍ ضَارَّةٍ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) ، عَلَى كَلَامٍ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ - وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَمِّمُهَا فِي
(1) المجلة العدلية م 1123، بلغة السالك 2 / 238، الخرشي 4 / 404، نهاية المحتاج 8 / 275، مغني المحتاج 4 / 426، قواعد ابن رجب 416، مطالب أولي النهى 3 / 30.
(2)
فيما قرره صاحب المغني 11 / 496.
قِسْمَتَيِ الإِْجْبَارِ وَالتَّرَاضِي، إِذَا بَلَغَ الضَّرَرُ حَدَّ الْفَسَادِ، أَعْنِي بُطْلَانَ الْمَنْفَعَةِ بُطْلَانًا تَامًّا أَوْ مَا هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا فِي قِسْمَةِ خَاتَمٍ خَسِيسٍ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمَالِكِيَّةُ، فَالْخِيَارُ عِنْدَهُمْ فِي حَالَةِ الْفَسَادِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إِمَّا الإِْبْقَاءُ عَلَى الشَّرِكَةِ أَوِ الْبَيْعِ، وَفِي حَالَةِ الضَّرَرِ الأَْقَل بَيْنَ هَذَيْنِ وَثَالِثٍ هُوَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي (1) .
الثَّالِثُ:
أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ مَمْلُوكًا لِلشُّرَكَاءِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ:
هَذِهِ شَرِيطَةٌ عَامَّةٌ فِي كُل قِسْمَةٍ لَا تَخُصُّ نَوْعًا دُونَ نَوْعٍ، وَقِسْمَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ لَيْسَتْ لَهُ بَل لِلْمَحْجُورِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْمَالِكُ، فَالْفُضُولِيُّ الَّذِي لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ لَا نَفَاذَ لِقِسْمَتِهِ حَتَّى يُجِيزَهَا الْمَالِكُ الصَّحِيحُ التَّصَرُّفِ أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ نِيَابَةً شَرْعِيَّةً صَحِيحَةً (2) ، فَالْقِسْمَةُ تَقْبَل الإِْجَازَةَ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَسَمَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي غَيْبَةِ الْبَاقِينَ وَأَخَذَ قِسْطَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا قَرَّرُوهُ صَحَّتْ لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ (3) .
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الَّذِي لَا يَحْضُرُ الْقِسْمَةَ مِنَ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ لَا يُغَيِّرُهَا (لَا يُنْكِرُهَا) عَنْ قُرْبٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا تَلْزَمُهُ، وَيَكُونُ هَذَا
(1) الخرشي 4 / 409، 412، بلغة السالك 2 / 241.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 276.
(3)
نهاية المحتاج 8 / 276.