الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب -
التَّمَتُّعُ:
3 -
التَّمَتُّعُ: هُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْمِيقَاتِ، ثُمَّ يَفْرُغَ مِنْهَا وَيَتَحَلَّل، ثُمَّ يُنْشِئَ حَجًّا فِي عَامِهِ مِنْ مَكَّةَ (1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْقِرَانِ إِتْمَامَ نُسُكَيْنِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ دُونَ أَنْ يَتَحَلَّل مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَاّ بَعْدَ تَمَامِهِمَا مَعًا، أَمَّا فِي التَّمَتُّعِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ يَتَحَلَّل مِنْهَا، وَيُنْشِئُ حَجًّا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْقِرَانِ:
4 -
ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِرَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ:
أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} . (2)
قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ (3) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَل بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَل بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَل بِالْحَجِّ، وَأَهَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَل بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ
(1) تبيين الحقائق 2 / 45، وحاشية الدسوقي 2 / 29، ومغني المحتاج 1 / 514، وكشاف القناع 2 / 411.
(2)
سورة البقرة / 196.
(3)
الهداية مع فتح القدير 2 / 203.
يَوْمُ النَّحْرِ. (1)
فَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَةَ عَلَى الْقِرَانِ، فَيَكُونُ مَشْرُوعًا.
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَقَدْ تَوَاتَرَ عَمَل الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَوْجُهِ الْحَجِّ الَّتِي عَرَفْنَاهَا، دُونَ نَكِيرٍ، فَكَانَ إِجْمَاعًا.
قَال النَّوَوِيُّ: " وَقَدِ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ بَعْدَ هَذَا عَلَى جَوَازِ الإِْفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (2) ".
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَالإِْفْرَادِ:
5 -
بَعْدَ أَنِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذِهِ الأَْوْجُهِ فِي أَدَاءِ الْحَجِّ دُونَ كَرَاهَةٍ، اخْتَلَفُوا فِي أَيُّهَا الأَْفْضَل، وَقَدْ قِيل بِأَفْضَلِيَّةِ كُلٍّ مِنْهَا، وَسَبَقَ بَيَانُ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلاً. (ر: إِفْرَاد ف 7 - 8 وَتَمَتُّع ف 4 - 5) .
أَرْكَانُ الْقِرَانِ:
6 -
الْقِرَانُ جَمْعٌ بَيْنَ نُسُكَيِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ، فَأَرْكَانُهُ هِيَ أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. انْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَجّ ف 46 وَمَا بَعْدَهَا) وَمُصْطَلَحِ (عُمْرَة ف 12 - 24) .
لَكِنْ هَل يَلْزَمُ أَدَاءُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لِكُلٍّ
(1) حديث عائشة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 421) .
(2)
شرح مسلم للنووي 8 / 169.
مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ يَتَدَاخَلَانِ فَلَا يَجِبُ تَكْرَارُهُمَا؟
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّدَاخُل، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَا يَجِبُ تَكْرَارُهُمَا، وَبِهِ قَال ابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِالنَّقْل وَالْقِيَاسِ:
أَمَّا النَّقْل: فَحَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي قَالَتْ فِيهِ: ". . وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا (2) " وَحَدِيثُهَا أَيْضًا لَمَّا جَمَعَتْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَال لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ. (3)
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا. (4)
وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَلأَِنَّهُ نَاسِكٌ يَكْفِيهِ حَلْقٌ وَاحِدٌ وَرَمْيٌ وَاحِدٌ، فَكَفَاهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ، كَالْمُفْرِدِ؛ وَلأَِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مِنْ
(1) الشرح الكبير 2 / 28، والمنهاج وشرحه للمحلي 2 / 127، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 442 (مطبعة بولاق) ، والمغني 3 / 465، ومطالب أولي النهى 2 / 308.
(2)
حديث عائشة: " وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 494) ، ومسلم (2 / 870) .
(3)
حديث: " يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة. . . " أخرجه مسلم (2 / 880) .
(4)
حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الحج والعمرة. . . أخرجه الترمذي (3 / 274) ، وأصله في مسلم (2 / 940) .
جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَتَا دَخَلَتْ أَفْعَال الصُّغْرَى فِي الْكُبْرَى، كَالطَّهَارَتَيْنِ: الْوُضُوءِ وَالْغُسْل (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَْسْوَدِ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، قَالُوا: الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ، وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ: طَوَافٌ وَسَعْيٌ لِعُمْرَتِهِ، وَطَوَافٌ وَسَعْيٌ لِحَجَّتِهِ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (3) ، وَتَمَامُهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِأَفْعَالِهِمَا عَلَى الْكَمَال، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْقَارِنِ وَغَيْرِهِ (4) ".
وَبِمَا وَرَدَ عَنْ صُبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ فِي قِصَّةِ حَجِّهِ قَارِنًا، قَال:" قَال - يَعْنِي عُمَرَ لَهُ -: فَصَنَعْتَ مَاذَا؟ قَال: " مَضَيْتُ فَطُفْتُ طَوَافًا لِعُمْرَتِي، وَسَعَيْتُ سَعْيًا لِعُمْرَتِي، ثُمَّ عُدْتُ فَفَعَلْتُ مِثْل ذَلِكَ لِحَجِّي، ثُمَّ بَقِيتُ حَرَامًا مَا أَقَمْنَا، أَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ، حَتَّى قَضَيْتُ آخِرَ نُسُكِي قَال: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ (5) ".
(1) المغني 3 / 466.
(2)
الهداية 2 / 204، والبدائع 2 / 267، والمغني 3 / 465 - 466.
(3)
سورة البقرة / 196.
(4)
المغني 3 / 466.
(5)
عقود الجواهر المنيفة في أدلة الإمام أبي حنيفة للزبيدي 1 / 141، وفتح القدير 2 / 205. وأثر عمر أخرجه أبو حنيفة في مسنده كما في " عقود الجواهر المنيفة " للزبيدي (1 / 133) ، وأصله في النسائي (5 / 147) وغيره مختصرًا.