الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى سَبِيل الْمَصْلَحَةِ لَا عَنِ الإِْمَامِ، وَيُفَارِقُ الْمُوَكِّل، فَإِنَّ لَهُ عَزْل وَكِيلِهِ لأَِنَّهُ يَنْظُرُ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ خَاصَّةً. (1)
وَهَل يَنْعَزِل الْقَاضِي إِذَا كَثُرَتِ الشَّكْوَى عَلَيْهِ؟
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
الأَْوَّل: وُجُوبُ عَزْلِهِ إِلَاّ إِذَا كَانَ مُتَعَيِّنًا لِلْقَضَاءِ، وَهُوَ مَا قَال بِهِ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (2) .
الثَّانِي: جَوَازُ عَزْلِهِ، فَإِذَا حَصَل ظَنٌّ غَالِبٌ لِلإِْمَامِ بِصِحَّةِ الشَّكَاوَى جَازَ لَهُ عَزْلُهُ وَهُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ. (3)
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: عَزَل إِمَامًا يُصَلِّي بِقَوْمٍ بَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَقَال: لَا يُصَلِّي لَكُمْ (4) .
وَجْهُ الاِسْتِدْلَال بِهِ هُوَ أَنَّهُ إِذَا جَازَ عَزْل إِمَامِ الصَّلَاةِ لِخَلَلٍ جَازَ عَزْل الْقَاضِي مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
الثَّالِثُ: التَّفْصِيل، وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ، إِنِ اشْتَهَرَ بِالْعَدَالَةِ، قَال مُطَرِّفٌ: لَا يَجِبُ
(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 49.
(2)
مغني المحتاج 4 / 381.
(3)
المرجع السابق.
(4)
حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزل إمامًا. . . " أخرجه أبو داود (1 / 324) من حديث السائب بن خلاد، وصححه ابن حبان (4 / 516) .
عَلَى الإِْمَامِ عَزْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ عِوَضًا مِنْهُ فَإِنَّ فِي عَزْلِهِ إِفْسَادًا لِلنَّاسِ عَلَى قُضَاتِهِمْ، وَقَال أَصْبَغُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَعْزِلَهُ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَالرِّضَا إِذَا وَجَدَ مِنْهُ بَدَلاً؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ إِصْلَاحًا لِلنَّاسِ، يَعْنِي لِمَا ظَهَرَ مِنِ اسْتِيلَاءِ الْقُضَاةِ وَقَهْرِهِمْ فَفِي ذَلِكَ كَفٌّ لَهُمْ.
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ فَلْيَعْزِلْهُ إِذَا وَجَدَ بَدَلاً مِنْهُ وَتَضَافَرَ عَلَيْهِ الشَّكِيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَلاً مِنْهُ كَشَفَ عَنْ حَالِهِ وَصِحَّةِ الشَّكَاوَى عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ رِجَالٍ ثِقَاتٍ يَسْتَفْسِرُونَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَهْل بَلَدِهِ فَإِنْ صَدَّقُوا ذَلِكَ عَزْلَهُ، وَإِنْ قَال أَهْل بَلَدِهِ: مَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَاّ خَيْرًا، أَبْقَاهُ وَنَظَرَ فِي أَحْكَامِهِ الصَّادِرَةِ فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ أَمْضَاهُ، وَمَا خَالَفَ رَدَّهُ وَأَوَّل ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَدَرَ عَنْهُ خَطَأً لَا جَوْرًا. (1)
إِنْكَارُ كَوْنِهِ قَاضِيًا:
64 -
وَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَقَعَ مِنَ الْقَاضِي نَفْسِهِ أَوْ مِنَ الإِْمَامِ.
فَإِنْ وَقَعَ مِنَ الْقَاضِي وَلَمْ يَكُنْ تَعَمَّدَهُ لِغَرَضٍ مِنَ الأَْغْرَاضِ أَوْ لِحِكْمَةٍ فِي إِخْفَاءِ شَخْصِيَّتِهِ فَقَدْ نَقَل الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ عَنِ الْبَحْرِ أَنَّهُ يَنْعَزِل عَنِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ وَقَعَ الإِْنْكَارُ مِنَ الإِْمَامِ لَمْ يَنْعَزِل. (2)
(1) تبصرة الحكام 1 / 62.
(2)
مغني المحتاج 4 / 380.