الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الإِْبِل (1) ، فَدَل عَلَى وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ - وَهُمْ أَهْل الْمَحَلَّةِ - مَعَ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَاصَ فِي الْحَدِيثِ، بَل قَصَرَهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَلَى دَفْعِ مِائَةٍ مِنَ الإِْبِل.
وَلأَِنَّ الشَّرْعَ أَلْحَقَ أَهْل الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ الْقَتِيل بِهَا بِالْقَتَلَةِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ حِفْظُ مَحَلَّتِهِمْ وَصِيَانَتُهَا مِنَ النَّوَائِبِ وَالْقَتْل، فَكَانَ وُقُوعُ الْقَتْل بِمَحَلَّتِهِمْ تَقْصِيرًا مِنْهُمْ عَنْ هَذِهِ الصِّيَانَةِ وَحِفْظِهَا (2) .
مُبْطِلَاتُ الْقَسَامَةِ:
20 -
تَبْطُل الْقَسَامَةُ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - بِالإِْبْرَاءِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً.
أَمَّا الإِْبْرَاءُ الصَّرِيحُ: فَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الإِْبْرَاءِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ كَقَوْلِهِ: أَبْرَأْتُ، أَوْ أَسْقَطْتُ، أَوْ عَفَوْتُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. لأَِنَّ رُكْنَ الإِْبْرَاءِ صَدَرَ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْل الإِْبْرَاءِ فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لِلْبَرَاءَةِ، فَيَصِحُّ.
وَأَمَّا الإِْبْرَاءُ الضِّمْنِيُّ " دَلَالَةً " فَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ وَلِيُّ الْقَتِيل عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ
(1) حديث زياد بن أبي مريم: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم. . . " ذكره الكاساني في بدائع الصنائع 10 / 4736 - 4737، ولم نهتد إليه في المراجع الموجودة بين أيدينا، وأخرج البزار (كشف الأستار 2 / 209) حديثًا بهذا المعنى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه. وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 290) .
(2)
بدائع الصنائع 10 / 4736 - 3737.
قَتَل الْقَتِيل، فَيَبْرَأُ أَهْل الْمَحَلَّةِ مِنَ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ؛ لأَِنَّ ظُهُورَ الْقَتِيل فِي الْمَحَلَّةِ لَمْ يَدُل عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَاتِلٌ، فَإِقْدَامُ الْوَلِيِّ عَلَى الدَّعْوَى عَلَيْهِ يَكُونُ نَفْيًا لِلْقَتْل عَنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ فَيَتَضَمَّنُ بَرَاءَتَهُمْ عَنِ الْقَسَامَةِ (1) .
كَمَا تَبْطُل الْقَسَامَةُ بِإِقْرَارِ رَجُلٍ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ الْقَاتِل، فَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: مَا قَتَلَهُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَل أَنَا قَتَلْتُهُ، فَكَذَّبَهُ الْوَلِيُّ، لَمْ تَبْطُل دَعْوَاهُ، وَلَهُ الْقَسَامَةُ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الدِّيَةِ إِنْ كَانَ قَبَضَهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ شَيْءٌ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ أَوْ طَالَبَهُ بِمُوجِبِ الْقَتْل لَزِمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، وَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الأَْوَّل، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ مُطَالَبَةُ الْمُقِرِّ قَوْلَانِ.
وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الْقَسَامَةُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْقَاتِل غَيْرُ هَذَا، كَأَنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْل فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُول لَا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ مِنْهُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ تَبْطُل دَعْوَى الْقَسَامَةِ، وَإِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقْتُلْهُ لَمْ تُقْبَل الشَّهَادَةُ؛ لأَِنَّهَا نَفْيٌ مُجَرَّدٌ، وَإِنْ قَالَا: مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ، بَل فُلَانٌ، سُمِعَتْ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةُ إِثْبَاتٍ يَتَضَمَّنُ النَّفْيَ (2) .
(1) بدائع الصنائع 10 / 4756، والمبسوط 26 / 115، وبداية المجتهد 2 / 431 الطبعة السادسة.
(2)
المغني والشرح الكبير 10 / 30، وكشاف القناع 6 / 72.