الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَهْرًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهُ، فَقَال صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ (1) - يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الشَّأْنَ فِي قِسْمَةِ مَا لَا يَنْقَسِمُ - وَلَا يَحْتَمِل الاِجْتِمَاعَ عَلَى مَنْفَعَتِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ - أَنْ يُقْسَمَ عَلَى التَّهَايُؤِ. (2)
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَلَا يُعْرَفُ فِي صِحَّةِ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى الْجُمْلَةِ نِزَاعٌ لأَِحَدٍ مِنْ أَهْل الْفِقْهِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ مَا لَا يَقْبَل الْقِسْمَةَ. قَدْ يَتَعَذَّرُ الاِجْتِمَاعُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ لَمْ تُشْرَعْ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ لَضَاعَتْ مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، وَتَعَطَّلَتْ أَعْيَانٌ إِنَّمَا خَلَقَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُنْتَفَعَ بِهَا، وَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي عَقْلٍ أَوْ شَرْعٍ حَكِيمٍ. (3)
مَحَل قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ:
57 -
تَكُونُ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ إِذَا صَادَفَتْ مَحَلَّهَا، وَتَرَاضَى عَلَيْهَا الشُّرَكَاءُ، أَوْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمْ وَالْقِسْمَةُ الْعَيْنِيَّةُ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، أَوْ مُمْكِنَةٌ وَلَكِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا شَرِيكٌ آخَرُ، وَالْمَنْفَعَةُ غَيْرُ مُتَفَاوِتَةٍ تَفَاوُتًا يُعْتَدُّ بِهِ. أَوْ تَعَذَّرَ الاِجْتِمَاعُ عَلَى
(1) حديث: " الرجل الذي رغب في خطبة المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 78) من حديث سهل بن سعد.
(2)
الزيلعي على الكنز 5 / 275.
(3)
الزيلعي على الكنز 5 / 275.
الاِنْتِفَاعِ (1) .
وَالْمَنَافِعُ، كَمَا هُوَ فَرْضُ الْكَلَامِ، أَيْ مَنَافِعُ الأَْعْيَانِ الَّتِي يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ أَعْيَانِهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّهَايُؤُ عَلَى الْكِتَابَةِ مِنْ مِحْبَرَةٍ مَثَلاً (2) ، وَلَا عَلَى الْغَلَاّتِ الْمُتَمَثِّلَةِ أَعْيَانًا بِطَبِيعَتِهَا كَالثِّمَارِ وَاللَّبَنِ؛ لأَِنَّ التَّهَايُؤَ الَّذِي هُوَ شَكْل قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، إِنَّمَا جَازَ ضَرُورَةً أَنَّ الْمَنَافِعَ أَعْرَاضٌ سَيَّالَةٌ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بَعْدَ وُجُودِهَا لِتَقَضِّيهَا وَعَدَمِ بَقَائِهَا زَمَانَيْنِ، فَقُسِمَتْ قَبْل وُجُودِهَا بِالتَّهَايُؤِ فِي مَحَلِّهَا، أَمَّا الأَْعْيَانُ الَّتِي هِيَ غَلَاّتٌ فَتَبْقَى وَتُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بِذَوَاتِهَا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّهَايُؤِ فِي قِسْمَتِهَا عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ، (3) فَالأَْرَاضِي الزِّرَاعِيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ تُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بِالْمُهَايَأَةِ: كَأَنْ يَأْخُذَ كُل وَاحِدٍ نِصْفَهَا، أَوْ يَأْخُذَهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا فَتْرَةً مُعَيَّنَةَ مِنَ الزَّمَنِ ثُمَّ الآْخَرُ كَذَلِكَ؛ لأَِنَّ هَذِهِ قِسْمَةُ مَنَافِعِ الأَْرْضِ بِزِرَاعَتِهَا، أَمَّا النَّخْل وَشَجَرُ الْفَاكِهَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا فَيَتَقَاسَمَانِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي الأَْرْضِ، لِيَسْتَقِل كُلٌّ بِمَا يَتَحَصَّل مِنَ الثَّمَرَةِ فِي حِصَّتِهِ أَوْ فِي نَوْبَتِهِ فَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الإِْمَامِ وَصَاحِبَيْهِ؛ لأَِنَّ الثِّمَارَ أَعْيَانٌ تُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَمَا إِلَيْهِمَا،
(1) مجمع الأنهر 2 / 496.
(2)
رد المحتار 5 / 176.
(3)
تكملة فتح القدير 8 / 383، الزيلعي على الكنز 5 / 277.