الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى مَنْ يَصِل إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَهُ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْكِتَابُ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَسَمَّاهُ فِي كِتَابِهِ، وَجَبَ عَلَى كُل قَاضٍ غَيْرِهِ تَنْفِيذُهُ وَالْعَمَل بِهِ إِذَا قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ عِنْدَهُ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْكِتَابُ وَلَا يُقْبَل إِلَاّ إِذَا كَانَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ قَدْ عَيَّنَ وَاحِدًا مِنَ النَّاسِ (1) .
الْمُشَافَهَةُ:
54 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا شَافَهَ قَاضِيًا آخَرَ فِي عَمَلِهِ لَمْ يُقْبَل ذَلِكَ لأَِنَّ الْكِتَابَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ، وَقَال ابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: مُشَافَهَةُ الْقَاضِي لِلْقَاضِي بِمَا حَكَمَ بِهِ الأَْوَّل عَلَى وَجْهَيْنِ، الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ الْقَاضِيَانِ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ فَيُشَافِهَ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ حُكْمٍ فَيَحْكُمَ الآْخَرُ بِذَلِكَ أَوْ يُنَفِّذَ الْحُكْمُ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ
(1) ابن أبي الدم ص 474، المغني 9 / 94، تبصرة الحكام 2 / 14، 15، روضة القضاة للسمناني 1 / 342.
عَمَلِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا أَنْهَى أَحَدُهُمَا إِلَى الآْخَرِ مُشَافَهَةً مَا يُرِيدُ إِنْهَاءَهُ إِلَيْهِ، فَيَلْزَمُ الآْخَرَ الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ.
أَمَّا ابْنُ جُزَيٍّ فَقَدْ قَال: إِنَّ الْمُشَافَهَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَل وِلَايَتِهِ وَمَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ وِلَايَتِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ وَلَمْ يُقْبَل خِطَابُهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُتَصَوَّرُ الْمُشَافَهَةُ مِنْ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ وَقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي غَيْرِ الْبَلَدَيْنِ وَيُخْبِرَهُ بِحُكْمِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَقِل الَّذِي حَكَمَ إِلَى بَلَدِ الْغَائِبِ وَيُخْبِرَهُ، فَفِي الْحَالَيْنِ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ، وَلَا يَمْضِي حُكْمُهُ لأَِنَّ إِخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ وِلَايَتِهِ، كَإِخْبَارِ الْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْل.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي بَلَدِ الَّذِي حَكَمَ فَيُخْبِرَهُ، فَإِذَا عَادَ إِلَى مَحَل وِلَايَتِهِ، فَهَل يُمْضِيهِ؟ إِنْ قُلْنَا: يَقْضِي بِعِلْمِهِ، فَنَعَمْ، وَإِلَاّ فَلَا عَلَى الأَْصَحِّ، كَمَا لَوْ قَال ذَلِكَ الْقَاضِي: سَمِعْتُ الْبَيِّنَةَ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ إِذَا عَادَ إِلَى مَحَل وِلَايَتِهِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَا فِي مَحَل وِلَايَتِهِمَا، بِأَنْ وَقَفَ كُل وَاحِدٍ فِي طَرَفِ مَحَل وِلَايَتِهِ، وَقَال الْحَاكِمُ: حَكَمْتُ بِكَذَا فَيَجِبُ عَلَى الآْخَرِ