الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ فَرَّعَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى قَوْلِهِمْ هَذَا: أَنَّهُ لَوْ رَغِبَ الْمُقْتَرِضُ تَعْجِيلَهُ لِرَبِّهِ قَبْل أَجَلِهِ لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ فِي الأَْجَل لِلْمُقْتَرِضِ فَإِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ، وَأُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ، عَيْنًا كَانَ الْبَدَل أَوْ عَرْضًا، أَوْ كَانَ نَفْسَ الْمَال الْمُقْتَرَضِ (1) .
هـ -
اشْتِرَاطُ رَدِّ مَحَل الْقَرْضِ بِعَيْنِهِ:
27 -
نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ الْمُقْرِضُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ رَدَّ مَحَل الْقَرْضِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ؛ لأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُقْتَرِضُ بِاسْتِهْلَاكِهِ وَرَدِّ بَدَلِهِ، فَاشْتِرَاطُ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ فَسَادَ الشَّرْطِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، بَل يَبْقَى صَحِيحًا (2) .
و
اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ لِلْمُقْرِضِ:
28 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ فِي بَدَل الْقَرْضِ لِلْمُقْرِضِ مُفْسِدٌ لِعَقْدِ الْقَرْضِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ، بِأَنْ يَرُدَّ الْمُقْتَرِضُ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ بِأَنْ يَزِيدَهُ هَدِيَّةً مِنْ مَالٍ آخَرَ، أَوْ كَانَتْ فِي
(1) البهجة 2 / 288، وكفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه 2 / 153، والخرشي وحاشية العدوي عليه 5 / 232، والتاج والإكليل 4 / 548، والزرقاني على خليل 5 / 229، والكافي لابن عبد البر ص 358.
(2)
شرح منتهى الإرادات 2 / 225 - 227.
الصِّفَةِ، بِأَنْ يَرُدَّ الْمُقْتَرِضُ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ، وَإِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تُعَدُّ مِنْ قَبِيل الرِّبَا (1) .
قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَكُل زِيَادَةٍ فِي سَلَفٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُسَلِّفُ فَهِيَ رِبًا، وَلَوْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ، وَذَلِكَ حَرَامٌ إِنْ كَانَ بِشَرْطٍ (2)، وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَلِّفَ إِذَا شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَسْلِفِ زِيَادَةً أَوْ هَدِيَّةً، فَأَسْلَفَ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ أَخْذَ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ رِبًا (3) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِمَا رُوِيَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ كُل قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا (4) أَيْ لِلْمُقْرِضِ.
وَبِأَنَّ مَوْضُوعَ عَقْدِ الْقَرْضِ الإِْرْفَاقُ وَالْقُرْبَةُ، فَإِذَا شَرَطَ الْمُقْرِضُ فِيهِ الزِّيَادَةَ لِنَفْسِهِ خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ، فَمَنَعَ صِحَّتَهُ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ قَرْضًا لِلزِّيَادَةِ لَا لِلإِْرْفَاقِ وَالْقُرْبَةِ؛ وَلأَِنَّ الزِّيَادَةَ الْمَشْرُوطَةَ تُشْبِهُ الرِّبَا؛ لأَِنَّهَا فَضْلٌ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٌ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْ حَقِيقَةِ الرِّبَا وَعَنْ شُبْهَةِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 395، والنتف للسغدي 1 / 493، وكفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه 2 / 149، والبهجة 2 / 287، والقوانين الفقهية ص 293، والخرشي 5 / 232، والزرقاني على خليل 5 / 228، ومواهب الجليل 4 / 546، وأسنى المطالب 2 / 142، وروضة الطالبين 4 / 34، وفتح العزيز 9 / 375، 385، ونهاية المحتاج 4 / 225، وشرح منتهى الإرادات 2 / 227، وكشاف القناع 3 / 304.
(2)
الكافي في فقه أهل المدينة 2 / 359 ط. بيروت.
(3)
المغني لابن قدامة 6 / 436.
(4)
حديث " النهي عن كل قرض جر نفعًا " عزاه ابن حجر في التلخيص (3 / 34) إلى الحارث بن أبي أسامة وقال: في إسناده سوار بن مصعب وهو متروك.