الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَامِسًا: الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ:
72 -
الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ هُوَ كُل مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَاضِرَ فِي الْبَلَدِ أَوِ الْقَرِيبَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الْحُضُورِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي غِيَابِهِ؛ لأَِنَّهُ أَمْكَنَ سُؤَالُهُ فَلَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ قَبْل سُؤَالِهِ كَحَاضِرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (دَعْوَى ف 59 - 61) .
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِهِ بِشُرُوطٍ، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِلْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ فِيمَا يَلِي:
أ -
الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ:
73 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَلَا لَهُ إِلَاّ بِحُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا (1) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ - أَيْ بِالْبَيِّنَةِ - سَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ التَّزْكِيَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ أَمْ عَنِ الْبَلَدِ.
أَمَّا إِذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ؛ لأَِنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الإِْقْرَارِ؛ وَلأَِنَّ الْقَضَاءَ بِالإِْقْرَارِ قَضَاءُ إِعَانَةٍ، وَاذَا أَنْفَذَ الْقَاضِي إِقْرَارَهُ سَلَّمَ إِلَى الْمُدَّعِي
(1) الدر المختار بهامش رد المحتار 4 / 335، 336.
حَقَّهُ، عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَقَارًا، إِلَاّ أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ جِنْسَ حَقِّهِ إِذَا وُجِدَ فِي يَدِ مَنْ يَكُونُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَال الْغَائِبِ الْمُقِرِّ، وَلَا يَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْعَرْضَ وَالْعَقَارَ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَجُوزُ (1) .
وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ. . . وَلَكِنْ لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى الآْخَرِ شَيْئًا فَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ غَابَ عَنِ الْمَجْلِسِ قَبْل الْحُكْمِ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إِقْرَارِهِ (2) .
وَاسْتَثْنَوْا مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَا إِذَا كَانَ نَائِبُهُ حَاضِرًا فَيَقُومُ مَقَامَ الْغَائِبِ، وَالنَّائِبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَوَكِيلِهِ وَوَصِيِّهِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنِ الْبَاقِينَ وَكَذَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَصْكَفِيُّ (3) .
وَكَمَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً يَصِحُّ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ شَرْعًا كَوَصِيٍّ نَصَبَهُ الْقَاضِي، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ، كَمَا إِذَا بَرْهَنَ عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ
(1) رد المحتار 4 / 335، 336.
(2)
المادة (1830) .
(3)
الدر المختار بهامش ابن عابدين 4 / 336.