الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالثَّالِثُ) لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُ هَدِيَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى قَبْل رَدِّ الْبَدَل (1) .
(وَالرَّابِعُ) لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إِذَا أَهْدَى لِمُقْرِضِهِ هَدِيَّةً قَبْل الْوَفَاءِ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُقْرِضُ احْتِسَابَهَا مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ مُكَافَأَتَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ، إِلَاّ إِذَا جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ قَبْل الْقَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً بِهِ جَازَ أَمَّا إِذَا أَهْدَاهُ بَعْدَ الْوَفَاءِ - بِلَا شَرْطٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ - فَهُوَ جَائِزٌ فِي الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَجْعَل تِلْكَ الزِّيَادَةَ عِوَضًا فِي الْقَرْضِ وَلَا وَسِيلَةً إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرْضٌ (2)، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأَهْدَى إِلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ، فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْل ذَلِكَ (3) وَمَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَسْلَفَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه
(1) مغني المحتاج 2 / 119، ونهاية المحتاج 4 / 225، وروضة الطالبين 4 / 37.
(2)
منتهى الإرادات 2 / 227، وكشاف القناع 3 / 305، والمبدع 4 / 210، المغني 6 / 437.
(3)
حديث: " إذا أقرض أحدكم قرضًا. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 813) وذكر البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 48) : أن في إسناده ضعيفًا ومجهولاً.
عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَهْدَى إِلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ ثَمَرَةِ أَرْضِهِ، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَأَتَاهُ أُبَيٌّ، فَقَال: لَقَدْ عَلِمَ أَهْل الْمَدِينَةِ أَنِّي مِنْ أَطْيَبِهِمْ ثَمَرَةً، وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَنَا، فَبِمَ مَنَعْتَ هَدِيَّتَنَا؟ ثُمَّ أَهْدَى إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِل.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: فَكَانَ رَدُّ عُمَرَ لَمَّا تَوَهَّمَ أَنْ تَكُونَ هَدِيَّتُهُ بِسَبَبِ الْقَرْضِ، فَلَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ قَبِلَهَا، وَهَذَا فَصْل النِّزَاعِ فِي مَسْأَلَةِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ (1) . وَبِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَاّمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لأَِبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ: إِنَّكَ فِي أَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْل تِبْنٍ أَوْ حِمْل شَعِيرٍ أَوْ حِمْل قَتٍّ فَإِنَّهُ رِبًا (2) .
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَكُل ذَلِكَ سَدًّا لِذَرِيعَةِ أَخْذِ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ الَّذِي مُوجِبُهُ رَدُّ الْمِثْل (3) .
وَعَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِجَوَازِ الْهَدِيَّةِ غَيْرِ الْمَشْرُوطَةِ مِنَ الْمُقْتَرِضِ إِلَى الْمُقْرِضِ (4) .
ز -
اشْتِرَاطُ عَقْدٍ آخَرَ فِي الْقَرْضِ:
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ صُوَرًا مُتَعَدِّدَةً لاِشْتِرَاطِ عَقْدٍ
(1) تهذيب ابن القيم لمختصر سنن أبي داود للمنذري 5 / 150.
(2)
أثر " قول عبد الله بن سلام لأبي بردة. . . " أخرجه البخاري فتح الباري 7 / 129.
(3)
إغاثة اللهفان 1 / 364، وإعلام الموقعين 3 / 154، 184.
(4)
المبدع 4 / 210.