الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَرِهَ الشَّافِعِيَّةُ بَذْل الْمَال إِذَا كَانَ طَلَبُهُ مَكْرُوهًا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ بَذْل الْمَال إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْبَاذِل لِتَعَيُّنِ فَرْضِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَجْهًا آخَرَ لِلإِْبَاحَةِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا لَهُ الطَّلَبُ لِيُزِيل جَوْرَ غَيْرِهِ أَوْ تَقْصِيرَهُ. (1)
الإِْجْبَارُ عَلَى الْقَضَاءِ:
14 -
إِذَا تَعَيَّنَ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ، فَهَل يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُول لَوِ امْتَنَعَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ إِجْبَارَ أَحَدِ الْمُتَأَهِّلِينَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْهُ عِوَضٌ، وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ مُضْطَرُّونَ إِلَى عِلْمِهِ وَنَظَرِهِ، فَأَشْبَهَ صَاحِبَ الطَّعَامِ إِذَا مَنَعَهُ الْمُضْطَرَّ. (2)
وَالْوَجْهُ الآْخَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْقَبُول، فَإِنِ امْتَنَعَ لَا يُجْبَرُ. (3)
(1) المراجع السابقة، وأدب القاضي للماوردي 1 / 151، 152.
(2)
ابن عابدين 5 / 386، وروضة القضاة 1 / 84، ومغني المحتاج 4 / 372، 373، والجمل على المنهج 5 / 336، وحاشية الدسوقي 4 / 130، 131، وتبصرة الحكام 1 / 12، والكافي لابن قدامة 3 / 431 من منشورات المكتب الإسلامي بدمشق، ومنار السبيل 2 / 453 - المكتب الإسلامي.
(3)
المراجع السابقة.
وَقَدْ أَرَادَ عُثْمَانُ رضي الله عنه تَوْلِيَةَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما الْقَضَاءَ، فَقَال لِعُثْمَانِ: أَوَتُعَافِينِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَال: فَمَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي؟ فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْل فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْهُ كَفَافًا، وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَعْفَاهُ وَقَال: لَا تَجْبُرَنَّ أَحَدًا. (1)
وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَأَبَى الْوِلَايَةَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ، وَحُمِل كَلَامُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ لِظُلْمِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَال: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ؟ . (2)
التَّرْغِيبُ فِي الْقَضَاءِ:
15 -
مَكَانَةُ الْقَضَاءِ مِنَ الدِّينِ عَظِيمَةٌ، وَبِالْقِيَامِ بِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَْرْضُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا كُلِّفَ بِهِ الأَْنْبِيَاءُ وَالرُّسُل قَال تَعَالَى:{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} (3) ، وَقَال
(1) حديث أن عثمان أراد تولية ابن عمر القضاء. . أخرجه الترمذي (3 / 603) وقال: " حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل ". والرواية ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 193) وعزاها لأحمد، والذي في المسند (1 / 66) :" فأعفاه وقال لا تخبر بها أحدا ".
(2)
المغني 9 / 36.
(3)
سورة ص / 26.