الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ يُفَرِّقِ الإِْمَامُ مَالِكٌ بَيْنَ مَا يَكْتُبُهُ الْقَاضِي الْبَعِيدُ عَنْ مَكَانِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ أَوِ الْقَرِيبِ مِنْ مَكَانِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُقْبَل وَإِنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ إِلَاّ إِذَا بَعَثَ إِلَى الْقَاضِي الآْخَرِ لِيَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الأَْوَّل فَلَا يَكُونُ إِلَاّ إِذَا فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ.
وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: إِنْ تَضَمَّنَ الْكِتَابُ نَقْل شَهَادَةٍ فَقَطْ، سُمِعَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَوْلاً وَاحِدًا، وَإِنْ تَضَمَّنَ ثُبُوتَ الْحَقِّ فَقَطْ فَفِيهِ وَجْهَانِ: وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ إِلَاّ فِي الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ، وَفِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْكِتَابُ الْحُكْمَ بِالْحَقِّ سُمِعَ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ كَيْفَ كَانَ مُرَاسَلَةً أَوْ مُشَافَهَةً. (1)
الْحَقُّ الْمَكْتُوبُ بِهِ:
52 -
كُتُبُ الْقُضَاةِ إِلَى الْقُضَاةِ جَائِزَةٌ فِي سَائِرِ حُقُوقِ النَّاسِ: الدُّيُونُ وَالْعَقَارَاتُ وَالشَّرِكَاتُ وَالْغَصْبُ الْوَدِيعَةُ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الأَْصَحِّ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ لَا تُقْبَل فِي الأَْعْيَانِ الَّتِي تَقَعُ
(1) بدائع الصنائع 7 / 7، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 476، تبصرة الحكام 2 / 19، شرح منتهى الإرادات 3 / 504.
الْحَاجَةُ إِلَى الإِْشَارَةِ إِلَيْهَا كَالْمَنْقُول مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ، حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ثَانٍ بِجَوَازِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ فِي تِلْكَ الأَْعْيَانِ لِمَا يَجِبُ مِنْ حِفْظِ الْحُقُوقِ عَلَى أَهْلِهَا، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَل كِتَابُ الْقَاضِي فِي الْحُدُودِ وَلَا الْقِصَاصِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ لَا تُقْبَل فِيهِمَا، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْحَقَّ إِنْ كَانَ لِلآْدَمِيِّ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ اسْتَوْفَاهُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي جَوَازِ اسْتِيفَائِهِ بِكِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يُسْتَوْفَى كَحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ، وَالثَّانِي: عَدَمُ الْجَوَازِ لأَِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى يُقْبَل فِي الْحُقُوقِ وَالأَْحْكَامِ كُلِّهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى قَبُول الْكِتَابِ فِي كُل حَقٍّ لآِدَمِيٍّ بِمَا فِي ذَلِكَ الْقَوَدُ وَحَدُّ الْقَذْفِ لأَِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَلَا يُقْبَل فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (1) .
خُصُوصُ الْكِتَابِ وَعُمُومُهُ:
53 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ
(1) بدائع الصنائع 7 / 7، 8، تبصرة الحكام 2 / 19، شرح منتهى الإرادات 3 / 503، أدب القاضي للماوردي 2 / 104، 105، 107.