الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، قَال الإِْمَامُ: فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ، وَالأَْكْثَرُونَ قَالُوا: يَجُوزُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ عَدَل عَنِ الأَْفْضَل إِلَى الْمُقَصِّرِ انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ لأَِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى كَمَال الشُّرُوطِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: تَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَفْضُولٍ مَعَ وُجُودِ أَفْضَل مِنْهُ لأَِنَّ الْمَفْضُول مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ يُوَلَّى مَعَ وُجُودِ الْفَاضِل، مَعَ الاِشْتِهَارِ وَالتَّكْرَارِ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ صِحَّةَ التَّوْلِيَةِ بِمَا إِذَا قَصَدَ بِهَا مَصْلَحَةً.
وَلَمْ نَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ لِلْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ يُجِيزُ تَوْلِيَةَ الْمَفْضُول إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَامِّيًّا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ. (1)
حُكْمُ تَقْلِيدِ الْمَرْأَةِ الْقَضَاءَ:
20 -
سَبَقَ بَيَانُ اشْتِرَاطِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي ذَكَرًا، وَقَدِ اسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَوْلِيَةِ الْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً (2) ؛ وَلأَِنَّ الْقَاضِيَ
(1) فتح القدير 5 / 457، وابن عابدين 5 / 356، وروضة القضاة 1 / 52 - 59، وشرح أدب القاضي لابن مازة 1 / 129، وكفاية الطالب الرباني 4 / 112، وأدب القاضي للماوردي 1 / 144، وأدب القضاة لابن أبي الدم ص 84 - 85، وكشاف القناع 6 / 286 - 288، والإنصاف 11 / 158.
(2)
حديث: " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 53) من حديث أبي بكرة.
يَحْضُرُ مَحَافِل الْخُصُومِ وَالرِّجَال، وَيَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى كَمَال الرَّأْيِ وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ، وَالنِّسَاءُ لَسْنَ أَهْلاً لِذَلِكَ وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نِسْيَانِهِنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْ تَضِل إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى} (1) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: يَجُوزُ أَنْ تَلِيَ النِّسَاءُ الْقَضَاءَ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ وَحْدَهُنَّ أَوْ مَعَ الرِّجَال؛ لأَِنَّ فِي الشَّهَادَةِ مَعْنَى الْوِلَايَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لأَِنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تُقْبَل فِي ذَلِكَ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ أَجَازَ تَقَلُّدَ الْمَرْأَةِ الْقَضَاءَ مُطْلَقًا، وَعَلَّل جَوَازَ وِلَايَتِهَا بِجَوَازِ فُتْيَاهَا (2) .
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ وَلَّى سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ امْرَأَةً الْقَضَاءَ نَفَذَ قَضَاؤُهَا (3) .
حُكْمُ تَقْلِيدِ الْفَاسِقِ:
21 -
الْعَدَالَةُ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ يَتَقَلَّدُ الْقَضَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ: أَنْ يَكُونَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ، ظَاهِرَ الأَْمَانَةِ عَفِيفًا عَنِ الْمَحَارِمِ، مُتَوَقِّيًا لِلْمَآثِمِ، بَعِيدًا مِنَ الرِّيَبِ، مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ،
(1) سورة البقرة / 282.
(2)
المغني 9 / 39، وأدب القاضي للماوردي 1 / 625 - 628، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 195، وروضة القضاة للسمناني 1 / 53، وفتح القدير 5 / 485.
(3)
مغني المحتاج 4 / 377.