الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُلْتَفَتَ فِي عَزْلِهِ نَفْسَهُ إِلَى النَّظَرِ فِيمَا إِذَا كَانَ قَدْ تَعَلَّقَ لأَِحَدٍ حَقٌّ بِقَضَائِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ انْعِزَالُهُ ضَرَرًا لِمَنِ الْتَزَمَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (1) .
وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَعْتَزِل الْقَاضِي الْقَضَاءَ إِلَاّ لِعُذْرٍ وَلَوْ عَزَل الْقَاضِي نَفْسَهُ إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْعَزِل، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ هَل يَنْعَزِل؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، قَال النَّوَوِيُّ: لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِل نَفْسَهُ كَالْوَكِيل، وَنَقَل عَنِ الإِْقْنَاعِ لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَنَّهُ إِذَا عَزَل نَفْسَهُ لَا يَنْعَزِل إِلَاّ بِعِلْمِ مَنْ قَلَّدَهُ (2) .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَوْتِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَاعْتِزَالِهِ:
68 -
تَتَرَتَّبُ عَلَى مَوْتِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَاعْتِزَالِهِ الأُْمُورُ التَّالِيَةُ:
أ - انْتِهَاءُ وِلَايَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ إِذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ - عِنْدَ مَنْ يَقُول بِصِحَّةِ عَزْلِهِ - أَنْ يَنْظُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْقَضَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَزَل نَفْسَهُ، أَمَّا أَحْكَامُهُ الَّتِي صَدَرَتْ أَثْنَاءَ وِلَايَتِهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ نَافِذَةٌ إِذَا كَانَتْ مُوَثَّقَةً فِي سِجِلٍّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ (3) .
(1) تبصرة الحكام 1 / 78.
(2)
أدب القاضي للماوردي 1 / 180، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 93، 94، وروضة الطالبين 11 / 127.
(3)
روضة القضاة للسمناني 1 / 32، 153، وشرح أدب القاضي للخصاف 3 / 152، ومغني المحتاج 4 / 382، وشرح منتهى الإرادات 3 / 464.
ب - انْعِزَال كُل مَأْذُونٍ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَأَمَّا مَنِ اسْتَخْلَفَهُ فِي الْقَضَاءِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: يَنْعَزِل كَالْوَكِيل، وَالثَّانِي: لَا، لِلْحَاجَةِ، وَأَصَحُّهَا: يَنْعَزِل إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَاضِي مَأْذُونًا لَهُ فِي الاِسْتِخْلَافِ، لأَِنَّ الاِسْتِخْلَافَ فِي هَذَا لِحَاجَتِهِ، وَقَدْ زَالَتْ بِزَوَال وِلَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ لَمْ يَنْعَزِل (1) .
ج - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْقُوَّامَ عَلَى الأَْيْتَامِ وَالأَْوْقَافِ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ لِئَلَاّ تَتَعَطَّل مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ الَّذِي جَعَلَهُمْ كَالْخُلَفَاءِ (2) .
د - فِي حَالَةِ عَزْلِهِ أَوِ اسْتِقَالَتِهِ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ: إِنَّنِي كُنْتُ قَدْ حَكَمْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا، إِلَاّ إِذَا قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ إِلَاّ مَعَ آخَرَ لأَِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْل نَفْسِهِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ قَبُول قَوْلِهِ لأَِنَّ الْقَاضِيَ أَخْبَرَ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَيَجِبُ قَبُولُهُ كَحَال وِلَايَتِهِ (3) .
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 324، وحاشية الدسوقي 4 / 133، وتبصرة الحكام 1 / 43، وشرح منتهى الإرادات 3 / 464، ومغني المحتاج 4 / 383.
(2)
روضة الطالبين 11 / 127.
(3)
فتح القدير لابن الهمام 5 / 463، وروضة القضاة 1 / 155، وحاشية الدسوقي 4 / 133، وتبصرة الحكام لابن فرحون 1 / 77، والروضة للنووي 11 / 127، 128، وشرح منتهى الإرادات 3 / 480، والمغني لابن قدامة 9 / 101، 102.