الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ الدَّمُ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنِهِ، أَوْ أُذُنِهِ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ؛ لأَِنَّ الدَّمَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَادَةً فَكَانَ خُرُوجُهُ بِسَبَبِ الْقَتْل، وَعَلَى هَذَا لَا يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ اللَّوْثَ، وَإِنَّمَا يَكْفِي أَنْ تُوجَدَ الْجُثَّةُ فِي مَحَلَّةٍ وَبِهَا أَثَرُ الْقَتْل، وَاعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ وُجُودَ أَثَرِ الْقَتْل سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ اللَّوْثِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ - إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَسَامَةِ ظُهُورُ دَمٍ وَلَا جُرْحٍ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْأَل الأَْنْصَارَ هَل بِقَتِيلِهِمْ أَثَرٌ أَمْ لَا؟ وَلأَِنَّ الْقَتْل يَحْصُل بِالْخَنْقِ وَعَصْرِ الْبَيْضَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا ظَهَرَ أَثَرُهُ قَامَ مَقَامَ الدَّمِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ أَثَرٌ أَصْلاً فَلَا قَسَامَةَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَإِنْ قَال فِي الْمُهِمَّاتِ: إِنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْصُوصَ وَقَوْل الْجُمْهُورِ بِثُبُوتِ الْقَسَامَةِ (1) .
الشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يُوجَدَ الْقَتِيل فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لأَِحَدٍ أَوْ فِي يَدِ أَحَدٍ:
14 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَسَامَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيل مِلْكًا لأَِحَدٍ أَوْ فِي يَدِ أَحَدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لأَِحَدٍ وَلَا فِي يَدِ أَحَدٍ أَصْلاً فَلَا قَسَامَةَ
(1) بدائع الصنائع 10 / 4739، وبداية المجتهد 2 / 431، ومغني المحتاج 4 / 111، والفواكه الدواني 2 / 249، والمغني والشرح الكبير 10 / 20، وكشاف القناع 6 / 70.
فِيهِ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ فِي الْمَكَانِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ.
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لأَِنَّ الْقَسَامَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ اللَاّزِمِ (1) .
وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وُجِدَ الْقَتِيل فِي فَلَاةٍ مِنَ الأَْرْضِ لَيْسَ بِمِلْكٍ لأَِحَدٍ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ إِذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنَ الأَْمْصَارِ وَلَا مِنْ قَرْيَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ وُجُودَ الْمَقْتُول فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ إِذَا كَانَ يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا لَا يُعْتَبَرُ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ يَدْخُل قَرْيَتَهُمْ سِوَاهُمْ، وَوُجِدَ قَتِيلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ، كَمَا فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ رضي الله عنه، فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَل فِيهِ الْقَسَامَةَ لاِبْنَيْ عَمِّهِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لأَِنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودَ فِيهَا غَيْرُهُمْ (2) .
وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْعَدَاوَةِ أَلَاّ يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 289.
(2)
حاشية الدسوقي 4 / 292، والفواكه الدواني 2 / 250، وروضة الطالبين 10 / 10.